صحافيون فلسطينيون يطالبون بمحاسبة الاحتلال على جرائم بحقّهم

06 نوفمبر 2020
جنازة الشهيد الصحافي ياسر مرتجى في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

لا يزال المصور الصحافي الفلسطيني ياسر قديح (35 عاماً) يعاني من إصابته التي تعرّض لها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي قبل نحو عامين ونصف في مسيرات العودة على الحدود الشرقية لقطاع غزة. وهو يرجو إنصافه، خاصة بالتزامن مع اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب لمرتكبي الجرائم بحق الصحافيين.

وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 2 تشرين الثاني/ نوفمبر اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين، وحث القرار الدول الأعضاء على تنفيذ تدابير محددة لمواجهة ثقافة الإفلات من العقاب الحالية.

وعبّر الصحافي قديح عنه أمله أن تلاقي قضية إصابته محكمة عادلة بعد أن رفع قضية على جيش الاحتلال الإسرائيلي عبر مراكز حقوقية عدّة، مؤكّداً أنّه كان يرتدي درع الصحافة والخوذة لحظة إصابته اللذين كان يعتقد أنّهما يوفران له الحماية اللازمة بموجب القانون الدولي، إلا أنّ جيش الاحتلال استهدفه من بين مئات المتظاهرين في مسيرات العودة قبل نحو عامين ونصف.

وأوضح قديح لـ"العربي الجديد" أنّ حالته وصلت إلى مرحلة متقدمة من الخطورة كاد يفقد فيها حياته، إذ أصيب برصاصة مباشرة في بطنه أدت إلى تهتك أجزاء كبيرة من أحشائه ومكوثه نحو عام متنقلاً من مشفى إلى آخر لتلقي العلاج اللازم، لافتاً إلى أنّه سمح له أول مرة بتلقي العلاج في مستشفيات القدس، وبعدها منعته قوات الاحتلال الخروج من غزة بعد تجديد الطلب لأكثر من ثلاث مرات وذلك للمراجعة وإجراء بعض العمليات التجيميلية.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وتتعمد قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف الصحافيين الفلسطينيين في المناسبات المختلفة في المحافظات الفلسطينية كافة، حيث قتلت قرابة 90 صحافياً فلسطينياً منذ احتلالها فلسطين، وجرحت المئات واعتقلت مئات آخرين.

من ناحيتها، طالبت عائلة المصور الصحافي الشهيد ياسر مرتجى بتحقيق العدالة ومحاكمة مجرمي الحرب من جيش الاحتلال الإسرائيلي الذين ارتكبوا جريمة حرب بإعدام نجلهم خلال مسيرات العودة قبل أكثر من عامين أثناء عمله الصحافي في تغطية مسيرات العودة.

وقال معتصم مرتجى شقيق الشهيد ياسر لـ"العربي الجديد" إنّ شقيقه استشهد برصاصة قاتلة من قبل قوات الاحتلال وسط آلاف المتظاهرين، ما يعني أنّه تم قتله عن سبق إصرار وترصد في جريمة واضحة ضد الإنسانية وضد حقوق الصحافيين المكفولة وفق القانون الدولي.

وأشار إلى أنّه من أراد إنصاف الصحافيين في العالم يجب عليه ألا يكيل بمكيالين وأن ينصف الصحافيين أينما كانوا وخاصة الفلسطينيين منهم الذين يتعرضون لجرائم واعتداءات إسرائيلية منظمة من دون أدنى رادع. وأضاف: "للأسف منذ أن استشهد ياسر لم تتصل أو تتواصل معنا أي مؤسسة دولية أو تعني بشؤون الجرائم ضد الصحافيين للاستفهام عما جرى مع ياسر وكيف أنّه استشهد رغم أنّ ما جرى مع ياسر رصدته عدسات كاميرات زملائه الصحافيين".

وتزايد في الفترة الأخيرة استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلية للصحافيين الفلسطينيين رغم ارتدائهم كل ما يؤشر ويدلل على أنّهم يعملون في مهنة الصحافة حتى ولو كان يعملون لصالح وكالات أو مؤسسات دولية.

في السنوات الأربع عشرة الماضية (2006 - 2019) قُتل ما يقرب من 1200 صحافي أثناء أداء واجبهم الإعلامي وإيصال المعلومة إلى الجمهور العام، وفي تسع حالات من كل عشر، يُفلت القتلة من العقاب، ويؤدي هذا الإفلات من العقاب إلى مزيد من القتل، فضلاً عن أنه غالبًا أحد أعراض تفاقم النزاع وانهيار القانون والأنظمة القضائية.

في السنوات الـ14 الماضية قُتل ما يقرب من 1200 صحافي أثناء أداء واجبهم الإعلامي

بدوره، أكّد تحسين الأسطل نائب نقيب الصحافيين الفلسطينيين لـ"العربي الجديد" أنّ الصحافيين الفلسطينيين يتعرضون لاعتداءات وجرائم ممنهجة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية وترتكب بحقهم جرائم واضحة عن سبق إصرار وترصد.

وأوضح الأسطل أنّ أبرز ما يتعرض له الصحافيون هو الاستهداف المباشر، ومنعهم من حرية الحركة والتحرك أثناء عملهم، مبيناً أنّ هناك سياسة واضحة تتعمدها قوات الاحتلال وبتعليمات مباشرة من قيادة الاحتلال بارتكاب الاستفزازات والإجراءات التعسفية ضد الصحافيين. وأضاف: "ما ينطبق على واقع الصحافيين في فلسطين هو المنع الشامل وما يسمح لهم به هو الاستثناء".

وتعرض الصحافيون خلال العامين الماضيين لأكثر من 800 اعتداء من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، حيث بلغت نسبة الاعتداءات بحق الصحافيين الميدانيين 100%، وفق حديث الأسطل.

وبلغت أعداد الجرحى الصحافيين خلال العامين الماضيين في الأراضي الفلسطيني أكثر من 350 جريحاً، فيما سجلت نقابة الصحافيين مداهمة وإغلاق أكثر من 25 مؤسسة إعلامية، عدا عن محاربة المحتوى الفلسطيني عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ورسائل التهديد التي تصل الصحافيين من قبل الاحتلال بشكل مباشر أو غير مباشر بسبب عملهم الصحافي.

تعرض الصحافيون خلال العامين الماضيين لأكثر من 800 اعتداء من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي

وكشف الأسطل أنّ نقابته قررت التوجه إلى عدد من المنظمات الدولية ومنسق حقوق الإنسان في الأمم المتحدة للمطالبة بتطبيق واضح للقوانين الدولية المتعلقة بحماية الصحافيين، وضرورة أن يتدخل مجلس الأمن الدولي لوقف الجرائم والاعتداءات والانتهاكات التي ترتكب بحق الصحافيين الفلسطينيين.

ويتهم حقوقيون فلسطينيون إسرائيل بالتهرب والإفلات من العقاب على الجرائم التي ترتكبها بحق الصحافيين الفلسطينيين، وسط مطالبات بفتح تحقيقات عادلة للجرائم التي ترتكب بحقهم خاصة في الأراضي الفلسطينية التي تشهد اعتداءات وجرائم بشكل شبه يومي.

وخلال العقد الماضي، لم تجر إدانة مرتكبي الاعتداءات ضد العاملين في وسائل الإعلام سوى في إطار قضية واحدة من أصل عشر قضايا، الأمر الذي يثير القلق، فالإفلات من العقاب يُشجع مرتكبي الجرائم على ارتكاب المزيد وتشجيع آخرين على ارتكابها عندما يرونهم يفلتون من العقاب.

المساهمون