لاقى الفنان الكبير، صباح فخري، ترحيباً كبيراً في دار الأوبرا المصريّة، حيث كان الجمهور جالساً وكلّه آذان صاغية لكلمات هذا المبدع، التي وإن كانت قليلة نظراً لظروفه الصحيّة إذ إنّه غنّى جالساً على كرسي، إلاّ أنّ ذلك لم يمنعه من تقديم أفضل وأعظم ما يملك ولم يفقده ذلك قيمة عطائه الفنيّ. "العربي الجديد" التقى فخري على هامش المهرجان وحصل منه على بعض التصريحات:
هل تتذكر الزيارة الأولى لك إلى مصر؟
كانت زيارتي الأولى في منتصف التسعينيات تقريباً، حيث اتصلت بي الدكتورة الراحلة رتيبة الحفني، وطلبت منّي المشاركة في مهرجان الموسيقى العربية في إحدى دوراته. وشاركت فعلاً وكنت في غاية سعادتي أنّي على أرض الكنانة. وللتذكير، فإنّ الجمهور المصري مختلف جداً عن أية جماهير أخرى. فهو يستمع إلى الفن وكأنه يتذوقه. ليست مجرد آذان تسمع الكلمات والأداء واللحن. لا، فهو أعمق من ذلك بكثير. لهذا أنا أشعر بحالة خاصة وأنا أعيش وسط هذا الجمهور الراقي. لكن هناك شيئاً واحداً أفتقده في مصر، بمجرد أن نزلت إلى مطار القاهرة شعرت أن هناك شيئاً ما ناقصاً ودمعت عيني رغماً عني. حبيبي وصديقي ورفيق العمر الفنان الكبير الراحل، محمد عبد الوهاب. كان صديقي بكل ما تحمله الكلمة من معنى. بيننا حكايات وقصص بعيداً عن الفن. كان يزورني دائماً في دمشق. كنا نسهر ونضحك ونتبادل أطراف الأحاديث الشائقة ونتحدّث عن الأيام الجميلة، التي لا أملّ منها أبداً معه. مصر فقدت الكثير بفقدانه، لكنّ الحياة لا تدوم لأحد، وربنا يحسن ختامنا جميعاً. لو كان عبد الوهاب سيستقبلني في المطار اليوم، لأحضرت له صندوقاً من "قراصية" حلب، فقد كان عاشقاً "للقراصية" وكان يتناولها يومياً بعد العشاء.
شاركك نجلك أنس في الغناء، أخبرنا عن موهبته؟
للتصحيح، أنا من شاركه الغناء. فدائما أقول له أنت تفوقت عليّ وهذا شيء يسعدني ويشرّفني، فمن يحزن وهو يجني ثماراً ظل طيلة هذه السنوات يغرسها!
هل وقف أنس من قبل على مسرح الأوبرا؟
هذه هي أول مرة له، لكني لم أخف عليه، لأني واثق به وبأدواته وخطواته وتمكّنه من الغناء.
هل سينتهج نفس نهجك الغنائي؟
يقول أنس إنّه يريد إكمال مسيرتي، ولم أجبره على أي لون غنائي. فليفعل ما يراه مناسباً له، وما يستطيع أن يضيف له ويضيف عليه.
بعيداً عن الفن، متى برأيك ستهدأ الأوضاع في سورية ومصر؟
حينما نتحلى بالصبر، فما نحن فيه ابتلاء من الله سبحانه وتعالى، وهو لا يبتلي سوى من يحبهم ويتذكرهم. فمصر وسورية قامتان لا تنحنيان أبداً. لا أريد التحدث في السياسة، دعونا نستمتع بالأجواء الفنية في المهرجان، ولندع صخب السياسة.