شيرين عبد الوهاب... فواصل طويلة من الأزمات الفنية والشخصية

26 اغسطس 2024
خاضت شيرين عبد الوهاب في أزمتها العائلية الأخيرة شتى أنواع الأحداث المدمرة (فيسبوك)
+ الخط -

أصبحت المطربة المصرية شيرين عبد الوهاب الاسم الأبرز في موسم الصيف الغنائي 2024، من دون إصدار ألبوم رسمي لها، إذ صدر لها أغانٍ مسربة بجودة صوتية ضعيفة على مواقع التواصل الاجتماعي، محققة عودة لافتة لها بصفتها مطربة بعد فترة طويلة من تصدر المشهد بقصصها الشخصية والعائلية. ولكن رحلة عودتها إلى الساحة الغنائية مليئة بالتحديات الصعبة، رغم إثبات جماهيريتها الاستثنائية من خلال هذه الأغاني.
اتخذت مسيرة شيرين عبد الوهاب في السنوات الأخيرة طابعاً درامياً، جعلتها نموذجاً استثنائياً على الساحة الفنية، فهي غارقة في الأزمات بمختلف أشكالها منذ إصدار ألبومها الأخير "نساي" في عام 2016، بداية بخلافاتها مع بعض زملائها مثل عمرو دياب، إضافة إلى أزماتها مع عدة جهات رسمية في مصر، وتعرضها للإيقاف المتكرر، ومواجهتها هجوماً عنيفاً في العديد من المناسبات، وصولاً إلى أزماتها الأخيرة مع عائلتها وزوجها السابق حسام حبيب، التي أصبحت مسلسلاً لا ينتهي في حياة شيرين على وسائل الإعلام.

جماهيرية شيرين عبد الوهاب ثابتة

خاضت شيرين عبد الوهاب في أزمتها العائلية الأخيرة شتى أنواع الأحداث المدمرة، وصلت ذروتها وقت احتجازها في مستشفى للعلاج النفسي منذ عامين، إضافة إلى تدخل الشرطة في مشاجراتها المتكررة مع زوجها السابق، وانتهت بقطيعة مع أسرتها أخيراً. ورغم الانقطاع عن الغناء لسنوات والغرق التام في الأزمات، ظلت شيرين عبد الوهاب محتفظة بجماهيريتها مغنيةً، وما زالت تتصدر المشهد الغنائي في مصر بأعمالها القديمة، قبل أن تعود وتؤكد تصدرها بأغانٍ مسربة، رغم إيمان الجميع السابق بانتهاء شعبيتها بسبب الدراما الأخيرة والغياب الطويل، وكأن موهبتها أقوى بالفعل من أي أزمات كانت قادرة على تدمير مسيرتها تماماً.
طوال هذه الفترة، ظل صوت شيرين رائجاً على منصات الأغاني و"تيك توك"، وحققت أغانيها القديمة قفزات هائلة في معدلات الاستماع، مثل أغاني "صبري قليل" و"كلام عينيه" و"الوتر الحساس" وغيرها، حتى إنها استمرت في صدارة مخططات "بيلبورد عربية" لأكثر من 30 أسبوعاً منذ بداية إطلاق قوائم "بيلبورد" في المنطقة العربية. وتفوقت شيرين بأرشيفها ومن دون دعاية على العديد من النجوم بأعمالهم الجديدة، مثل عمرو دياب وإليسا وأنغام، منافستها الأولى العائدة بألبوم جديد وبحملة تسويقية ضخمة.
وبعد فاصل أخير من الأزمات الشخصية هذا الصيف، قررت شيرين عبد الوهاب الثورة وخوض حرب ضد جميع الأطراف في حياتها الفنية والشخصية، بداية من شركة "بيزمنت ريكوردز"، التي جمدت حسابات شيرين الرسمية على "يوتيوب" ومواقع التواصل الاجتماعي لأكثر من عامين بسبب خلاف قانوني معقّد بينهما، ونهاية بخلافها الأكثر تعقيداً مع شركة روتانا. وفاجأت الجميع بعدم الانتظار لحين حل هذه الخلافات القانونية حتى تستطيع إنتاج أعمالها وعرضها على منصاتها الخاصة، والبدء من الصفر والدخول في حرب على جميع الجبهات وحدها. سرعان ما أنشأت شيرين حسابات جديدة على مواقع التواصل الاجتماعي وقررت تسريب أغانيها الجديدة عليها رغماً عن روتانا والآخرين.

رواج الأغاني المسرّبة

أعادت الأغاني المسربة شيرين عبد الوهاب إلى الواجهة مطربةً ذاتَ جماهيرية استثنائية، خاصة أغنية "بتمنى أنساك"، الأكثر رواجاً من بين أغانيها، وأحرجت عودة شيرين المضطربة منافسيها المباشرين، بنجاحها في خطف الأضواء رغم عدم تمكنها من طرح أغانيها رسمياً مثلهم. ولكن هذا لا يكفي للاطمئنان على عودة شيرين عبد الوهاب والتفاؤل باستمرارها على الساحة، لعدة أسباب في مقدمتها أنها خاضت مثل هذه الثورات عدة مرات، في محاولة لتذكير الجمهور بأهميتها مطربةً في ذروة دراما حياتها الخاصة، ومنها احتفالها بعودتها من قبل في حفل مهرجان قرطاج 2022، وظهرت برفقة طبيبها النفسي لتأكيد جاهزيتها النفسية، وكذلك وقت تعاقدها مع "روتانا" في 2019، وغيرها من المرات التي صدق بها الجمهور عودة شيرين قبل وقوعها في انتكاسة جديدة.
رغم أن هذه المرة أعطت شيرين عبد الوهاب إشارات على جدية عودتها، مثل تدشين حسابات جديدة على مواقع التواصل ونشر الأغاني رغم ملاحقة روتانا لها، إلا أنها عودة غير احترافية معتمدة على الحماس الشخصي والرغبة في الانتقام من خصومها، فهي في النهاية لن تستطيع العمل رسمياً من دون التوصل إلى حل مع شركة روتانا، ومعرضة لخسارة قضيتها ضد الشركة في ظل تلاشي الأمل في انتهاء الأزمة ودياً بعد تمرد شيرين على الشركة، وكذلك خسارتها لحساباتها الرسمية لا تعوض، بأكثر من خمسة ملايين مشترك على "يوتيوب" (أكبر قناة لمطربة مصرية) و12 مليون متابع على "إنستغرام" وملايين المتابعين على المنصات الأخرى، وقد لا تنجح موهبتها هذه المرة في التغلب على أزمات تعاقدية وقانونية فارقة في مسيرتها.

ويظل العامل الأول والأخير في عودة شيرين عبد الوهاب هو استعدادها النفسي ومدى تعافيها صحياً ونفسياً، لأنه كان السبب الأول وراء دخولها جميع هذه الأزمات، وسبب عدم نجاح محاولاتها للعودة في السنوات الأخيرة، وقد يصبح سبب فشل عودتها الجديدة نفسه، خاصة أن شيرين أعطت تفاصيل مقلقة عن حالتها النفسية، مثل حديثها عن عدم إكمالها خطة العلاج والتأهيل النفسي مع طبيبها، وحديثها السابق عن إصابتها بالوسواس القهري ومحاولاتها مع الانتحار وتعرضها لأعمال السحر وغيرها من الأحاديث التي تكشف عدم جاهزيتها للعودة إلى العمل الفني والجماهيري، إضافة إلى إمكانية تجدد خلافاتها العائلية مرة أخرى، وهو الأمر الذي اعتاد عليه الجمهور مع شيرين عبد الوهاب.

تحتاج المطربة المصرية إلى عدم استعجال العودة على حساب حالتها النفسية والصحية، وأن تعرف أنه لا عودة من دون جاهزية ومن دون إغلاق جميع الملفات المفتوحة والمعقدة في حياتها، وتحتاج إلى التقاط أنفاسها من هذه الحروب المتلاحقة، وكذلك الاعتماد على إدارة أعمال وفريق قانوني لتنفيذ خطة عودتها، حتى تنتهي أزماتها المهنية والتعاقدية لتضمن استمراريتها وتصحيح صورتها بعد هذه المرحلة الصعبة في حياتها لتناسب حجم موهبتها وجماهيريتها الكبيرة.

المساهمون