شوارع إسطنبول تستعيد نبضها مع عودة السيّاح

25 يونيو 2021
استانفت روسيا جميع رحلاتها إلى تركيا (ألكسندر سبتاري/Getty)
+ الخط -

مع انحسار تفشي فيروس كورونا في عدد من دول العالم، تتطلّع تركيا إلى استعادة قطاعها السياحي عافيته، بعد عام مأساوي شهد تراجعاً فاق 65 في المائة في عدد السيّاح. واليوم، يبدو أنّ البلاد تعوّل بشكل أساسي على الترويج لزيارة أنطاليا وإسطنبول أولاً، ثمّ بقية الولايات والمواقع التي تتمتّع بدورها بشعبية بين الأجانب الآتين إلى تركيا لقضاء إجازة الصيف بشكل خاص.
لكن لماذا تركّز السلطات التركية ثقلها الرئيسي على إسطنبول من دون غيرها من المناطق التي شهدت نهضة سياحية كبيرة في العقدين الأخيرين؟ يبرر الدليل السياحي التركي، سردار دونميز، ذلك بالقول: "تقترب مساحة إسطنبول (5461 كيلومترا مربعا) من مساحة دولة متوسطة الحجم وعدد سكانها (17 مليون نسمة) أكثر من عدد سكان 131 دولة حول العالم، وهي مشهورة بالسياحة مثل بلجيكا، واليونان، والنمسا، وبلغاريا، وتونس، ولبنان. لذلك، حين نتكلم عن إسطنبول، فنحن نتحدّث عن إقليم واسع يتوزع على قارتي آسيا وأوروبا، وتعاقبت عليه الإمبراطوريات الرومانية والبيزنطية والسلطنة العثمانية، بل كانت إسطنبول عاصمة تلك الحضارات".

ويلفت، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "إسطنبول، فضلاً عن أهميتها التاريخية وجمال طبيعتها وآثار الحضارات والإمبراطوريات التي مرت عليها، هي مركز الاهتمام الحكومي، إذ إنّ ميزانية الولاية أكثر من 50 مليار ليرة (حوالي 5.7 مليارات دولار)، وتوفر فرص عمل لـ20 في المائة من اليد العاملة في تركيا، وتساهم بـ22 في المائة من الناتج القومي التركي، وتنتج 55 في المائة من الصادرات التركية... لكلّ هذه الأسباب، فإنّ الأهمية الأولى توليها السلطات لإسطنبول".

تعاظمت آمال القائمين على السياحة التركية في الأسابيع الأخيرة، بتعويض الخسائر التي مُني بها القطاع منذ مارس/آذار 2020. وما زاد من هذا التفاؤل قرار روسيا، استئناف جميع الرحلات الجوية إلى تركيا، في 22 يونيو/حزيران، إلى جانب تدفق الأوروبيين والعرب إلى تركيا عموماً، وإسطنبول على وجه التحديد.

ولا يستبعد مدير شركة "أونجو أنقا" المتخصصة في السياحة، إياد صيّاه، أن يزور إسطنبول، خلال ما تبقى من عام 2021، أكثر من 10 ملايين سائح، بعد بدء الحجوزات العربية والأوروبية. ويفصّل صيّاه ما يجذب السياح إلى إسطنبول، بادئاً بما سماها سياحة الباحثين، وكبار السن، والمهتمين بالتاريخ الذين تجذبهم المعالم والمتاحف. ففي المدينة التي يمكن اعتبارها متحفاً كبيراً، نظراً لتوزع الأماكن السياحية في جميع أنحائها، يوجد متحف آيا صوفيا في منطقة السلطان أحمد، الذي تبدل من كنيسة إلى مسجد ثم متحف واليوم عاد مسجداً. كذلك متحف توبكابي الذي تبلغ مساحته 700 ألف متر مربع، ويحوي أسرار العثمانيين، من طعام وأدوات وإدارة وأسلحة وألبسة ومجوهرات. أما متحف إسطنبول الأثري بأقسامه الثلاثة، القديم والإسلامي والأثري، فإنّ فيه الكثير من نوادر المعروضات في العالم، كأول نص لاتفاقية جرت بين الحثيين والمصريين. كما بُنيت متاحف للترفيه خلال الفترة الحديثة، مثل متحف الشوكولاتة، ومتحف الثلج، ومتحف الديناصورات الذي يعرض 70 نوعاً بالحجم الطبيعي، لهذا الحيوان المنقرض.
وحول الحدائق والمساحات الخضراء في إسطنبول، يشير المتخصص صيّاه، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ من مزايا المدينة خضرتها، ففيها من الحدائق الكبيرة والشهيرة، مثل جولهان بارك، ومودا بارك، وأمريجان، وتل العرائس، وبيكوز جروف، وأتاتورك، وبيبيك، وأولوس، والسلطان أحمد، فضلاً عن غابات كبرى جرى تجهيزها لاستقبال السياح، وحتى السكان المحليين، مثل يلدز، وبلغراد.
وتكثر في إسطنبول الشواطئ، ومعظمها يطل على تلك الحدائق، مثل، شاطئ ناكي بي، وساحل داليان، وسولار، وغولدن، وبورج، وأودو، وكاموس، وسايير الطنكوم، وأشهر تلك الشواطئ داخل المدينة، ميناء أمنيونو، وجزيرة الأميرات في بحر مرمرة.
إلاّ أنّ أهم المعالم الشهيرة التي تجذب السياح لإسطنبول، تقع في منطقة السلطان أحمد، وتعود للقرن الثاني الميلادي، وتحوي آثار ثلاث إمبراطوريات، ومنطقة تقسيم وشارع الاستقلال، وجوامع إسطنبول الشهيرة (نحو 3275 جامعاً) بالإضافة إلى الأسواق، كالسوق المصري، وأراستا، والنحاسين، والبازار الكبير.
ومما لاحظته "العربي الجديد"، منذ بداية يونيو الجاري، بدء تدفق السياح، خصوصاً من المنطقة العربية، للأغراض العلاجية والتسوّق، بالإضافة إلى الأوروبيين والروس الذين سيغيرون المعادلة ويزيدون العدد الإجمالي للسياح، بعدما ألغت روسيا حظرها المفروض، منذ مارس الماضي.

المساهمون