شرطة لندن وأيرلندا الشمالية تجسستا على صحافيَين بسبب فيلم وثائقي

17 ديسمبر 2024
وثّق التحقيق تواطؤ الشرطة والقتلة (كريستوفر فورلونغ/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- حكم المحكمة: قضت محكمة بريطانية بأن شرطة أيرلندا الشمالية وشرطة لندن تجسستا بشكل غير قانوني على الصحافيين تريفور بيرني وباري ماكافري، مما أدى إلى إلزام الشرطة بدفع تعويضات وإلغاء تفويض المراقبة المباشرة.

- تفاصيل الفيلم الوثائقي: تناول فيلم "No Stone Unturned" تواطؤ الشرطة في مذبحة لوغينيسلاند، واعتُقل الصحافيان في 2018 بتهمة تسريب وثيقة سرية، لكن المحكمة أثبتت عدم قانونية الاعتقال.

- ردود الفعل: دعا الصحافيان إلى تحقيق عام في مراقبة الشرطة، وأعرب مدير منظمة العفو الدولية عن قلقه من انتهاكات حقوق الإنسان، مشيداً بمثابرة الصحافيين.

توصلت محكمة الصلاحيات التحقيقية البريطانية، اليوم الثلاثاء، إلى أن شرطة أيرلندا الشمالية وشرطة العاصمة لندن قد تجسستا بشكل غير قانوني على صحافيَين استقصائيين. وأصدرت المحكمة حكمها بأن شرطة أيرلندا الشمالية يجب أن تدفع 4 آلاف جنيه إسترليني (نحو 5086 دولاراً أميركياً) تعويضات لكل من الصحافيين، تريفور بيرني وباري ماكافري، اللذين قُبض عليهما في عام 2018 بعد إنتاجهما فيلم No Stone Unturned، وهو فيلم وثائقي حائز على جائزة عن مذبحة سيئة السمعة خلال فترة الاضطرابات في أيرلندا الشمالية. وحكمت المحكمة أيضاً بأن شرطة العاصمة وضعت الصحافي ماكافري تحت المراقبة بشكل غير قانوني في عام 2012. كما ألغت المحكمة التحقيقية، وهي المحكمة البريطانية الوحيدة التي تتمتع بصلاحيات قانونية للتحقيق في المراقبة السرية للشرطة، تفويض المراقبة المباشرة لشرطة أيرلندا الشمالية الذي يستهدف الصحافيين ومصادرهم المشتبه بها، وهي المرة الأولى التي يُعتقد أنها اتخذت فيها مثل هذا الإجراء.

ووثّق فيلم No Stone Unturned تواطؤاً واضحاً بين الشرطة والقتلة المشتبه بهم في مذبحة لوغينيسلاند عام 1994، التي قُتل فيها ستة رجال كاثوليك على يد أشخاص شبه عسكريين موالين لبقاء أيرلندا ضمن المملكة المتحدة. وصدر في عام 2019، حكم القاضي الأعلى في أيرلندا الشمالية بأن اعتقال الصحافيين اللاحق غير قانوني.

شرطة تصرفّت ضد القانون

في ختام تحقيق دام خمس سنوات، وجدت المحكمة أن شرطة أيرلندا الشمالية تصرفت بشكل غير قانوني بشكل متكرر، في انتهاك للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وقانون حقوق الإنسان لعام 1998. ووصل السلوك غير القانوني إلى أعلى مستويات شرطة أيرلندا الشمالية، إذ وجدت المحكمة أن رئيس الشرطة آنذاك السير جورج هاملتون تصرف بشكل غير قانوني من خلال فشله في "النظر فيما إذا كانت هناك مصلحة عامة عليا تبرر التدخل في نزاهة مصدر صحافي"، عندما أذن بعملية تجسس ضد مسؤول في مكتب أمين المظالم في شرطة أيرلندا الشمالية.

وكشف مزيد من الإفصاحات المقدمة لمحكمة الاستئناف المستقلة أن شرطة العاصمة تصرفت بشكل غير قانوني من خلال الوصول إلى سجلات الهاتف لباري مكافري والصحافي السابق في هيئة الإذاعة البريطانية فينسنت كيرني في عام 2012. كما حصلت شرطة العاصمة على أكثر من 4 آلاف رسالة نصية واتصالات هاتفية تخص تريفور بيرني وباري مكافري.

وفي عام 2018، اعتُقل ماكافري وبيرني، المقيمان في بلفاست، بشكل مثير للجدل كجزء من تحقيق الشرطة في التسريب المزعوم لوثيقة سرية ظهرت في فيلم وثائقي صنعاه عن مذبحة لوغينيسلاند. وطلبت شرطة أيرلندا الشمالية، مستشهدة بتضارب المصالح، من شرطة دورهام قيادة التحقيق في إدراج وثيقة أمين المظالم في الشرطة لأيرلندا الشمالية في فيلم No Stone Unturned حول إطلاق النار في حانة UVF الذي أودى بحياة ستة رجال. وفي عام 2019، تقدّم بيرني وماكافري بشكوى إلى محكمة الاستئناف المستقلة يطلبان منها تحديد ما إذا كان هناك أي مراقبة غير قانونية لهما.

واعتذرت شرطة أيرلندا الشمالية لاحقاً دون تحفظ عن الطريقة التي عومل بها الرجال ووافقت على دفع 875 ألف جنيه إسترليني (أكثر من مليون دولار أميركي) تعويضات للصحافيين وشركة الأفلام التي تقف وراء الفيلم الوثائقي. وجاءت التسوية بعد أن قضت المحكمة بأن أوامر التفتيش التي استخدمتها الشرطة لتفتيش منازل الصحافيين وشركة فاين بوينت فيلمز كانت "غير مناسبة". 

ترحيب ودعوات للتحقيق

رداً على الحكم الصادر اليوم، دعا بيرني وماكافري إلى إجراء تحقيق عام في مراقبة الشرطة للصحافيين. وقال مكافري للصحافيين في لندن بحسب ما نقلته صحيفة ذا غارديان: "إننا نعتقد أن صدور حكم من هذه المحكمة يفيد بأن قائد شرطة تصرف بشكل غير قانوني يشكل إحراجاً كبيراً، وهو أمر يستلزم إجراء تحقيق عام. لا يوجد بديل آخر، نحن في حاجة إلى تحقيق عام". ورحب تريفور بيرني بالحكم، وقال إن الحكم "يؤكد الأهمية الحاسمة لحماية حرية الصحافة والمصادر الصحافية السرية"، وأضاف أنه يأمل أن "يحمي ويشجع" الصحافيين الذين يسعون إلى التحقيق في قصص تخدم المصلحة العامة" معتبراً هذا الحكم بمثابة تحذير من أن المراقبة غير القانونية التي تستهدف وسائل الإعلام "لا يمكن ولا ينبغي تبريرها بمزاعم الشرطة الواسعة والغامضة". وأشار إلى نتيجة إحالة قضيتهم إلى محكمة سلطات التحقيق، إذ اضطرت شرطة أيرلندا الشمالية "إلى الاعتراف بأنها تجسست على 300 صحافي و500 محام في أيرلندا الشمالية".

وقال مدير منظمة العفو الدولية في أيرلندا الشمالية، باتريك كوريغان، في بيان صدر اليوم تعقيباً على قرار المحكمة: "هذه قضية بارزة في مجال حرية الصحافة. حق الصحافيين في حماية مصادرهم يشكل حجر الزاوية في المجتمع الحر، ورأت شرطة أيرلندا الشمالية أنه من المناسب أن تتجاهل كل ضمانات حقوق الإنسان المصممة لحماية هذا الحق. إن الكشف عن طريق المحكمة بأن شرطة أيرلندا الشمالية تجسست على موظفين من مكتب أمين المظالم في الشرطة، الهيئة القانونية التي تُحقق في مخالفات الشرطة، ينبغي أن يقلق كل من يهتم بالشرطة والإشراف على الشرطة في أيرلندا الشمالية. كان لا بد من إخراج الحقيقة إلى النور رغماً عن أنوفهم، والحكم الصادر اليوم هو شهادة على المثابرة والعزيمة التي أظهرها تريفور بيرني وباري مكافري".

المساهمون