سلطة المحسوبيات: النظام اللبناني وتكريم الفنانين

23 مايو 2022
كُرَّم مُعين شريف لعلاقة الصداقة التي تربطه برئيس الجمهورية اللبنانيَّة (MML)
+ الخط -

لا يمكن فهم فكرة أو دعوة تكريم رسمي لفنان لبناني في ظل أجواء اقتصادية مدمرة تسيطر على يوميات اللبنانيين.
قبل أيام قليلة، صدر بيان عن مكتب المغني اللبناني معين شريف مرفق بالصور، يقول: "منح رئيس الجمهورية ميشال عون الفنان معين شريف وسام الأرز الوطني من رتبة ضابط، تقديراً لمسيرته الوطنية والفنية، التي حملت فيها اسم لبنان عالياً على مدى سنوات، من العطاء داخل لبنان وفي دول العالم"، وفق ما جاء في بيان للمكتب الإعلامي لشريف.

سيل من المديح والإطراء تبادله الطرفان، وسط تساؤلات على مواقع التواصل الاجتماعي عن المناسبة التي حملت رئاسة الجمهورية اللبنانية على اختيار معين شريف عن سواه من الفنانين لهذا التكريم المفاجئ من دون مناسبة معينة. والمعروف أن المغني معين شريف مُقِلّ في إصداراته الغنائية، وحتى في المهرجانات والحفلات، فيما لم تُكرَّم مجموعة من الفنانين اللبنانيين الذين أصبحوا في سن التقاعد، وبعضهم يعاني من العوز وفقدان الاهتمام الصحي والرعائي. يُحرمون من أي لفتة تقوم بها الدولة، ولا حتى وزارة أو رئاسة الجمهورية.

لسنوات طويلة، وقف المغني معين شريف إلى جانب ما يعرف بالحالة "العونية" نسبة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، واعتبر مناصراً للتيار الوطني الحرّ الذي أسسه عون ويتولى حالياً رئاسته صهره النائب جبران باسيل، ولا يوفر معين شريف أي مناسبة إلا ويمدح بشخص الرئيس ميشال عون ونهجه. وقبل شهرين، أقامت رئاسة مجلس الوزراء حفلاً لمنح المنتج صادق الصباح وسام الأرز الوطني برتبة ضابط بتكليف من رئيس الجمهورية ميشال عون، وقلده الوسام نجيب ميقاتي، رئيس الوزراء، في السرايا الحكومية.

هكذا يطالعنا النظام اللبناني بين الحين والآخر بمثل هذه المناسبات التي يمكننا طرح أسئلة كثيرة حول الهدف من ورائها، وهل تستحق بعض الأسماء المكرمة كل ذلك، أم ترانا أمام سلسلة من العلاقات العامة، وربما المصالح المشتركة وتفضيل مناصري النهج السياسي للحاكم، أو تغليب هذا على المعايير الفنية التي يستحقها بعض المكرمين، والتي تحولت في السنوات الاخيرة إلى ما يُشبه حفلات أو مهرجانات الجوائز التي تنظمها لجان وفعاليات لبنانية قائمة على المحسوبيات، وأحياناً البدل المالي، في منح الجوائز، ومنها "موركس دور" و"مهرجانات بيروت" التي انتقلت قبل عامين إلى دبي، وتطور عملها عربيًا وفقاً مع المصالح المادية بعد ضيق الأحوال وترديها في لبنان.

الفنان معين شريف مغن لبناني يملك موهبة جيدة في الغناء، لكن سجله لا يحفل بإنجازات كبيرة حققها على الصعيد الفني ولا حتى الإنساني. بينما تفتقد حفلات التكريم "النظامية" التصنيف النقدي حول من يستحق هذه الجائزة أو تلك، مقدمة من مرجعية سياسية رفيعة كرئاسة الجمهورية أو مجلس الوزراء. لبنان يعاني بعد الانتخابات النيابية الأخيرة من وضع اقتصادي يكاد يقضي على يوميات واستحقاقات الناس، بينما يُسجل للنظام مرة أخرى ما يعتبره هو "انتصارا" للفنون والثقافة، وهي في النهاية لا تقوم إلا على المحسوبيات وتلميع صورة النظام الفاسد نفسه.
 

المساهمون