روبي عالقة في نفس "الحتة"

13 مارس 2021
تعود روبي بألبوم جديد صدر منه حتى اليوم أغنية واحدة هي "حتة تانية" (يوتيوب)
+ الخط -

14 عاماً مرّت على إصدار المغنية والممثلة المصرية روبي ثاني وآخر ألبوماتها "مشيت ورا إحساسي" (2007)، وأكثر من 12 سنة على إصدار آخر أغنية خاصة منفردة "يالرموش" (2008)، ها هي تعود بألبوم جديد صدر منه حتى اليوم أغنية واحدة هي "حتة تانية" (كلمات وألحان عزيز الشافعي، وتوزيع توما)، وهو اسم الألبوم أيضاً.

الانطباع الأول للأغنية خفيف، وراقص، ومبهج، لكن العمل لم يحمل في الحقيقة أي إضافة لما سبق وقدّمته روبي في ألبوميها السابقين، كأنها لا تزال واقفة على آلة الرياضة تلك تغني "ليه بيداري كده" عام 2004: إيقاع مقسوم، ثمّ صوت مزمار صعيدي في الفواصل الموسيقية، وطبعاً نفس صوت الكورس الرجالي الطاغي المستخدم في "ليه بيداري كده".

حاول عزيز الشافعي إعادة روبي إلى الساحة الغنائية، بشكل ملاصق ومستنسخ من نسختها التي أطلت بها مطلع الألفية الجديدة، من دون أي تغيير، مستخدماً التوجه النوستالجي المستهلك في المشهد الموسيقي المصري منذ عقد تقريباً.

من الحنين إلى التسعينيات ونجومه، إلى إعادتنا إلى بدايات عمرو دياب، أو إعادة تقديم أعمال حميد الشاعري الناجحة، تجتاح موجة الحنين هذه، الساحة الموسيقية في مصر إلى حد الابتذال، فتحاصر الجمهور على الإذاعات، وبرامج التلفزيون، وإعلانات رمضان، أو من خلال الاستعانة بهم للغناء إلى جانب فنانين معاصرين من حسام حسني، إلى عايدة الأيوبي، ومدحت صالح. وهو ما يخدم متطلبات السوق الذي تحدده شركات إنتاج وإعلانات.

ليس مطلوباً من روبي حمل لواء تجديد موسيقى البوب المصرية، لكن مطلوب منها ربما أن تكون أذكى في خياراتها الفنية

طبعاً ليس مطلوباً من روبي أن تحمل لواء تجديد موسيقى البوب المصرية، لكن مطلوب منها ربما أن تكون أذكى في خياراتها الفنية خصوصاً بعد هذا الغياب الطويل، وألا تحشر نفسها وإنتاجها عن عمد في حقبة موسيقية انتهت منذ سنوات. فالصوت الموسيقي الذي كان مقبولاً في العقد الأول من الألفية، اختفى تقريباً، مع اختفاء قنوات الفيديو كليب، وموجة الفنانات الجميلات، واتجهت موسيقى البوب في مصر والعالم العربي في اتجاه آخر تماماً، بغض النظر عن تقييم هذا الاتجاه موسيقياً وإنتاجياً.

وما يزيد من علامات الاستفهام حول خيار روبي الأخير، هو أن لها هي نفسها أغانيَ قديمة عرفت فيها كيف تخرج عن القالب الذي كانت موضوعة فيه، مثل أغنية "مشيت ورا إحساسي" (كلمات محمد رفاعي، وألحان وائل عقيد/ 2007). هذه الأغنية تحديداً كانت "رِوشة" وراقصة، لكنها أيضاً متطورة موسيقياً خصوصاً لناحية التوزيع الذي اعتمد إيقاع الـ"هاوس/تكنو" وقتها، مع أصوات كمانجات تقليدية جداً تعودنا أن نسمعها في كل الأغاني وقتها.

في مقارنة بسيطة اليوم تبدو "مشيت ورا إحساسي" أغنى موسيقياً من أغنية "حتة تانية" التي عادت بها روبي أخيراً إلى الساحة.

الخيار الفني الفقير لعودة روبي لا تلام عليه وحدها، بل هو مشكلة عامة في مجال إنتاج أغاني البوب في مصر. إذ يبدو أن الموزعين يدورون في دوائر مقفلة من الإبداع، متجاهلين المساحات الواسعة التي باتت موجودة، وتتيح للجمهور الاستماع إلى موسيقى بوب مختلفة تماماً خارج مصر وخارج العالم العربي، وهي الخطوة التي تحتاج إلى شجاعة التجريب، والخروج من منطقة النجاح المضمون والآمن الذي يرضي شركات الإنتاج، والجمهور التقليدي، أو تحتاج ربما إلى رفع شكرات الاتصالات الكبرى في مصر يدها عن الإنتاج الموسيقي، ليتمكّن الفنانون والموسيقيون من تشكيل مشهد إبداعي جديد، بعيداً عن "علك" النوستالجيا.

دلالات
المساهمون