ردع المشهّرين في المغرب... غطاء لتكميم الأفواه؟

10 يناير 2023
خشية من استغلال السلطة التعاطف مع اللاعب زكرياء أبو خلال (يوسف لوليدي/Getty)
+ الخط -

عاد النقاش ليحتدم في المغرب بشأن سنّ عقوبات مشددة لردع المشهرين ومنتهكي الحياة الخاصة للأفراد. وبدلاً من قانون الصحافة والنشر، تتجه الحكومة إلى إقرار بنود جديدة في القانون الجنائي لمعاقبة ناشري الأخبار الزائفة. لكن البعض يتخوف من أن تستغل الحكومة الظروف الحالية لإقرار تشريعات تضيّق على حرية الرأي والتعبير في المملكة، مستفيدةً من التعاطف مع لاعب منتخب المغرب لكرة القدم زكرياء أبو خلال الذي تعرّض للتشهير.

في 25 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، دان الاتحاد المغربي لكرة القدم التشهير بزكرياء أبو خلال، منتقداً وصف موقع إخباري محلي له بـ"السلفي داخل المنتخب". شارك أبو خلال مع المنتخب في نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022 التي أقيمت في قطر، وحقق المنتخب المركز الرابع للمرة الأولى عربياً وأفريقياً منذ انطلاق البطولة عام 1930.

وفي 27 ديسمبر، قال وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، إن "مشروع القانون الجنائي الذي تعمل الوزارة على إعداده سينص على عقوبة مشددة تجاه مقترفي التشهير بالغير في وسائل التواصل الاجتماعي". وأوضح وهبي، خلال جلسة لمساءلة الحكومة في مجلس النواب، أن "الأمر سيشمل أيضاً محتويات المواقع الإلكترونية وحسابات موقع يوتيوب... سنقرّ عقوبات مشددة، لأن الحياة الخاصة للناس مقدسة". وفي 2 يناير/ كانون الثاني الحالي، قال وهبي في تصريح صحافي: "أعتزم تضييق الخناق على الأخبار الزائفة في وسائل التواصل الاجتماعي. أسعى لأن يصبح الصحافي مصدر المعلومة وصاحب التأثير في الرأي العام". ونفى عزمه على إحياء مشروع قانون أعدّه وزير العدل السابق محمد بن عبد القادر، وسمّاه رافضون آنذاك مشروع "تكميم الأفواه".

وفيما دعت مسؤولة نقابية، في حديث لوكالة الأناضول، إلى التمييز عند التجريم بين ما يرتبط بحرية الرأي والتعبير وما يرتبط بالتشهير بالأشخاص، اعتبر أكاديمي أن التحدي هو ألّا تتحول الرغبة في محاربة التشهير إلى فرصة لضرب الحريات.

وقالت نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، حنان رحاب، إن "كل تعديل للنصوص التشريعية تصاحبه مخاوف من استهداف الحقوق والحريات". وأضافت: "يجب أن نفرق بين ما يُنشر في المواقع الصحافية الرقمية وما يُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي، فالنشر في المواقع الإلكترونية يجب أن يخضع حصرياً لقانون الصحافة والنشر". أما بخصوص النشر في وسائل التواصل الاجتماعي، وفق رحاب، "فيجب التمييز بين ما يرتبط بحرية الرأي والتعبير الذي يجب ألا يخضع لأي متابعة قانونية، وما يرتبط بالتشهير بالأشخاص واستهداف الحياة الخاصة الذي يجب تجريمه".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

ورأى الأستاذ في المعهد العالي للصحافة والاتصال في الدار البيضاء، محمد كريم بوخصاص، أنه "من الناحية المبدئية، لا يمكن إلا الثناء على أي مبادرة تصبّ في اتجاه حماية الحياة الخاصة للأفراد ومحاصرة التشهير الذي يعتمده البعض سياسة ممنهجة". وأضاف بوخصاص أن "الحاجة تزداد مع حملات التشهير التي يتعرض لها الأفراد في ضرب لدستور المملكة الذي يضمن الحق في الحياة الخاصة وقانون الصحافة والتشريعات الأخرى، سواء من طرف مواقع إعلامية أو ناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي". واستدرك: "لكن التحدي المطروح هو ألا تتحول هذه الرغبة في محاربة التشهير إلى فرصة لضرب الحريات، كما حصل سابقاً مع محاولة إقرار قانون ما عُرف بتكميم الأفواه". وبدلاً من سنّ تشريعات جديدة، أعرب عن اعتقاده بأنّ "من الممكن اللجوء إلى إعمال مقتضيات قانون الصحافة والنشر من دون الحاجة إلى إقرار قانون جديد". وشدد على أن "التعامل بحزم مع مقترفي التشهير حاجة ملحة، وينبغي أن يتم من دون تقييد حرية التعبير".

في 19 مارس/ آذار عام 2020، أقرت الحكومة المغربية مشروع قانون يتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح، وسط تسريبات إعلامية عن أنه يتضمن قيوداً وعقوبات بالسجن والغرامة. لكن في 3 مايو/ أيار من العام نفسه، أعلن وزير العدل حينها، محمد بن عبد القادر، تأجيل النظر في مشروع القانون الذي عُرف إعلامياً بمشروع "تكميم الأفواه"، وأرجع التأجيل إلى "الظروف الخاصة التي تجتازها البلاد، في ظل حالة الطوارئ الصحية (جراء جائحة كوفيد-19) إلى حين انتهاء هذه الفترة". ودعا إلى "إجراء مشاورات مع الهيئات المعنية كافة حتى تكون الصياغة النهائية لهذا المشروع مستوفية للمبادئ الدستورية ومعززة للمكاسب الحقوقية بالبلاد".

وآنذاك جاء التأجيل بعد رفض وجدل حول مشروع القانون ظهر في بيانات صادرة عن الأحزاب والنقابات والجمعيات ومن خلال تفاعلات الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي في المغرب.

(الأناضول)

المساهمون