دريد لحام والانعطافة السياسية المتوقّعة

16 ديسمبر 2024
دعم الأسد عام 2011 (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- دريد لحام، رمز الفن السوري، شكّل الوعي الثقافي والسياسي للسوريين بأعماله المسرحية الجريئة مثل "كاسك يا وطن"، لكنه تراجع عن شجاعته في 2011 بدعمه للنظام السوري وانتقاده للثورة.
- بعد سقوط نظام بشار الأسد، غيّر لحام موقفه، منتقدًا النظام السابق في مقابلة مع قناة "العربية"، مشيرًا إلى قمع المخابرات وغياب المعارضة، مما يعكس تحولًا مشابهًا لفنانين آخرين.
- يبقى السؤال حول تقبل الجمهور لأعمال لحام المستقبلية بعد هذا التحول، في ظل تراجع فنانين آخرين عن مواقفهم السابقة.

إن أردنا اختيار وجه للمشهد الفني السوري في السنوات الخمسين الأخيرة، لكان وجه دريد لحام هو الخيار الأول، الوحيد ربما إلى جانب الفنان الراحل صباح فخري. شكّل لحّام، بأعماله الفنية منذ ستينيات القرن الماضي، الوعي الفني والثقافي للسوريين، خصوصاً أن أعماله المسرحية حملت إسقاطات سياسية مستندة أساساً إلى نصوص الكاتب الراحل محمد الماغوط في أعمال مثل "كاسك يا وطن" و"غربة". كان لحّام "الشجاع" في زمن التردّد، الفنان الواقف على خشبة المسرح ليقول ما لا يجرؤ كثيرون على قوله، عن المظلومين، وعن الحرية، وعن وجع الفقراء.

لكن شجاعة دريد لحّام تلاشت وسقطت سقوطها الكبير في لحظة المواجهة الحقيقية، أي عام 2011. بوضوح أعلن الممثل السوري دعمه للنظام، وكرّر موقفه بصيغ وتنويعات مختلفة بين عامَي 2011 و2021، فتنقل بين القنوات المحلية والفضائيات الناطقة بالعربية ليصف الثورة تارة بـ"الصراع والطمع بالحكم"، وتارة أخرى ليصف الثوار بـ"الخليط من 70 دولة".

وطيلة تلك الفترة اختفى وظهر مراراً، محافظاً على موقفه الواضح بدعم النظام وانتقاد الثورة، لكن مع سقوط نظام بشّار الأسد الأسبوع الماضي، وخروج القصص والشهادات المروعة من داخل المعتقلات والأفرع الأمنية، أطل لحام بداية في فيديو بارك فيه للسوريين اللحظة التاريخية، قائلاً "لحتى نضل نحتفل بهذه المناسبة كل عام، لازم نبقى إيد واحدة بكل طوائفنا وانتماءاتنا السياسية، وتكون طائفتنا الوحيدة هي سورية... ونغني متل ما كنا نغني نحن وأطفال: موطني.. موطني".

بعدها استقبلته قناة "العربية" ليكمل لحّام انعطافته السياسية القياسية، فاتحاً النار على النظام المخلوع، فقال إن فروع المخابرات كانت أكثر من المدارس في سورية، وإن بشار الأسد حول البلاد نحو رأي واحد بلا أي معارضة. وأكمل لحام توضيح موقفه المستجدّ، حاله حال عدد من الفنانين المؤيدين للأسد سابقاً، بالقول إنه لو تمادى في انتقاد بشار الأسد "لاستخرجتم عظامي من سجن صيدنايا".

يشبه موقف لحّام موقف فنانين آخرين، أبرزهم أيمن زيدان، ممّن ناصروا الأسد طيلة 13 عاماً من القتل والمجازر والقمع والإقصاء، ثم عادوا وتراجعوا عن مواقفهم وبرّروا ذلك بالخوف. كما يشبه فنانين عرباً آخرين، غنّوا للحرية ومثلوا وسموا لها، ثمّ وقفوا إلى جانب أنظمة قمعية في تونس ومصر وغيرها. لكن يبقى الحكم الأخير على لحام وعلى غيره من الفنانين هو تقبّل الجمهور لهم ولأعمالهم المستقبلية بعد سقوط النظام.

المساهمون