تمكن باحثون في سلوك الحيوان من توثيق المشاكسة المرحة في أربعة أنواع من القرود العليا، مثل سلوك المزاح عند البشر. إذ تعتبر مضايقة القرود استفزازية ومستمرة، وتتضمن عناصر المفاجأة واللعب.
ووفقاً لبحث جديد؛ فإنه نظراً إلى أن جميع أنواع القرود العليا الأربعة استخدمت الإغاظة المرحة، فمن المحتمل أن المتطلبات الأساسية للفكاهة تطورت في النسب البشري قبل 13 مليون سنة على الأقل.
في بحث نُشر يوم 13 فبراير/ شباط الماضي في مجلة Proceedings of the Royal Society B: Biological Sciences، قال المؤلفون إن دراسة القرود العليا أمر بالغ الأهمية لفهم سمات الإدراك والسلوك البشري المشتركة، والتي من المحتمل أنها تطورت منذ ملايين السنين في سلف مشترك.
وأشار الباحثون إلى أنواع من القرود، مثل البونوبو وإنسان الغاب والغوريلا والشمبانزي، جميعها يوخزون ويدغدغون ويسرقون أقرانهم، كشكل من أشكال المشاكسة وروح الدعابة.
وجدت دراسات سابقة أن الشمبانزي قد ينخرط في المضايقات أو المشاكسات لتعزيز مواقعه الهرمية وهو نوع من السلطة المجتمعية، ولكن عندما يتحقق التوازن الصحيح بين المتعة والعداوة، يمكن أن تكون المضايقة أيضاً شكلاً من أشكال اللعب والتسلية.
تقول الباحثة المشاركة إيزابيل لومر، من معهد ماكس بلانك لسلوك الحيوان في ألمانيا، إن الجانب المرح من المشاكسة لم يُدرس بشكل منهجي حتى الآن، لذلك كان هدف البحث تحديد معايير للإثارة المرحة لدى القرود.
وأوضحت لومر، لـ"العربي الجديد"، أن دراسة هذا الأمر تطلبت جمع مقاطع فيديو لما مجموعه 34 قرداً تنتمي إلى خمسة أنواع من القرود العليا هي: البونوبو، وإنسان الغاب السومطري، والغوريلا الغربية والشرقية، والشمبانزي، وجميعهم يعيشون في حدائق الحيوان.
ومن خلال 75 ساعة من لقطات الفيديو، وثق الفريق 504 تفاعلاً اجتماعيًا بين الأفراد. ومن بين هذه السلوكيات، تم تصنيف 142 سلوكاً على أنها أحداث إغاظة مرحة، تتكون من 18 سلوكاً مثل الوخز والضرب وشد الشعر وإعاقة الحركة والسرقة.
تميزت هذه الحركات بعنصر استفزازي، وأنها عادة ما تكون أحادية الجانب، مع الكثير من التكرار.
ووجد الباحثون أن القرد البادئ بالمشاكسة كان يميل إلى النظر في وجه الهدف مباشرة بعد الفعل، ما يشير إلى أن الفاعل كان يتوقع رد فعل. عندما لا يكون هناك أي استجابة من الهدف، عادة ما يقوم المشاكس بتصعيد المضايقة، على سبيل المثال عن طريق زيادة الوخز أكثر.
وأشارت لومر إلى أن إحدى أهم العلامات التي تشير إلى أن المضايقة كانت مرحة، وليست عدائية، هي أنها تحدث عادة في مكان هادئ ومريح. تم اعتبار حالات السرقة مرحة إذا لم يكن المسروق له أي فائدة واضحة للقرد البادئ بالمشاكسة، أو إذا فقد هذا القرد الاهتمام بالشيء المسروق بعد وقت قصير من سرقته. "لقد وجدنا أن المضايقة اللعوبة موجودة في جميع القرود العليا الأربعة.
وكما هو الحال مع اللعب عامة، يمكن أن يكون هذا السلوك مفيداً في بناء العلاقات بين أقران المجموعة واختبار الحدود الاجتماعية أيضاً. ويبدو أن آخر سلف مشترك بين البشر والقرود العليا الأخرى ربما يكون قد انخرط في إغاظة مرحة أيضاً، وهو ما قد يكون مؤشراً على وَلعنا بالنكات"، تقول المؤلفة المشاركة في البحث.
وفي دراسة صدرت قبل سنوات، قال علماء إن قرود المارموست تتبادل الأدوار خلال "تحدّث" بعضها إلى بعض في نمط يشبه إلى حد كبير نمط المحادثة بين البشر.
وسجل العلماء أصوات قرود المارموست، وهي قرود أميركية صغيرة الحجم، وبعضها تنادي بعضاً من خلف إحدى الستائر.
وكان كل قرد ينادي الآخر، ثم ينتظره حتى يرد قبل أن يناديه مرة أخرى. وتشير النتائج التي نشرت في مجلة كارنت بيولوجي لعلوم الأحياء إلى وجود "مسار بديل للتطور الطبيعي" في نظامنا الخاص بتبادل الأدوار خلال الحوار، وهو أمر نسلّم به في محادثاتنا، لكن فكرة التناوب في الحوار واستماع بعضنا لبعض تعد أمراً جوهرياً بالنسبة لنا لتبادل المعلومات بشكل فعال من خلال ما نقوله من كلام. لكنّنا أيضاً لا نرى أصلاً واضحاً لذلك في أقرب الحيوانات إلينا، وهو الشمبانزي.
وليست لحيوانات الشمبانزي أصوات صريحة، وهي تميل إلى استخدام نظامها الخاص بالإشارات للتواصل، ثم من المقبول على نطاق واسع أن هذه الإشارات تقدم الأساس اللازم للتعاون خلال الحوار، والموجود في نظام التواصل الخاص بالبشر.