دار كريستيز تسحب لوحتي "الملثم" و"مجهول" لأيمن بعلبكي من مزادها

05 نوفمبر 2023
من سلسلة الصور التي رسمها بعلبكي وتظهر الفدائي (ماركو سكشي/ Getty)
+ الخط -

سحبت إدارة دار كريستيز لوحتين للفنان لتشكيلي اللبناني أيمن بعلبكي، كان مقرراً بيعهما في مزاد الدار لفنون الشرق الأوسط الحديث والمعاصر، يوم 9 نوفمبر/ تشرين الثاني في لندن، وذلك بعد "سلسلة من الشكاوى حول هذين العملين".

وتشمل القطع التي سحبت "الملثم"، وهي لوحة رسمها بعلبكي عام 2012، وتصور رجلاً يغطي وجهه بكوفية حمراء زاهية. ويتراوح سعرها بين 98 ألف دولار و150 ألف دولار. وقال بعلبكي في حديث مع موقع "آرت نت": "عندما رسمت الملثم الأول، كانت الحرب الأهلية اللبنانية في ذهني".

أما اللوحة الثاني فهي "مجهول"، وقد رسمها بعلبكي بين عامي 2011 و2018. وتصور رجلاً يرتدي قناع غاز مع شريط أحمر حول رأسه يحمل كلمة "ثائرون" باللغة العربية، ويقدر سعر بيعها بين 15 ألف دولار و22 ألف دولار.

والمزاد، المقرر عقده الخميس 9 نوفمبر/ تشرين الثاني في لندن، هو جزء من مزاد نصف سنوي لفنون الشرق الأوسط الحديثة والمعاصرة تقيمه دار كريستيز.

ونشر "آرت نت" رسائل متبادلة بين دار كريستيز وصاحب إحدى اللوحتين تشير إلى سحب اللوحتين بعد شكاوى، من دون الكشف عن طبيعة هذه الشكاوى. وفي بيان عقب سحب العملين، صرحت دار المزادات بأن "القرارات المتعلقة بالمبيعات ستظل سرية بين كريستيز والوسطاء".

وأشار صاحب اللوحة الذي فضل عدم الكشف عن هويته إلى أن ممثل دار كريستيز اتصل به وأقنعه هو وعائلته بإدراج العمل في المزاد، لكن "أحد كبار الموظفين في دار المزاد طلب سحب لوحتي الفنان اللبناني".

ورداً على بريد إلكتروني من مالك اللوحة، أوضحت الدار بأنها "تلقت الكثير من الشكاوى التي بإمكانها التاثير على عمليات البيع، لذا فضلنا سحب العمل".

وفي المراسلات المتبادلة، قال الوسيط: "أجبتهم بأنني أشعر بحزن شديد بسبب القرار، وأنني لا أعتقد أن دار مزادات مثل كريستيز ستفرض رقابة أو تحظر عملاً فنيًا لمجرد دلالته التي لا تعتبر انعكاساً حقيقياً للعمل الفني... فالعمل الفني يصور عربياً يرتدي كوفية... وهو لباس يرتديه الأشخاص من شمال أفريقيا إلى الجزيرة العربية ليحميهم من الحر والرمال".

وصرح أنه بعد سحب اللوحة أحالته دار كريستيز إلى قسم هواة جمع اللوحات الخاص، لوجود شخص مستعد لدفع "مبلغ جيد جداً" مقابلها.

لكن صاحب اللوحة رفض، وأضاف: "بعد حدوث ذلك، أصبحت لها قيمة عاطفية أكبر بالنسبة لي، ولن أبيعها بعد الآن". وقال في حديث مع "آرت نت": "هذه هي المعايير المزدوجة التي نتعامل معها هذه الأيام".

وبعد قرار "كريستيز"، قال بعلبكي: "ليس كل ما يكتب باللغة العربية على وجه ملثم متأصل في الإسلام السياسي". وأضاف أن "كريستيز" تتبع إجراءات معينة عند سحب الأعمال الفنية من المزاد، على سبيل المثال إذا كان يُعتقد أنها مزورة أو إذا كانت هناك أسئلة حول المصدر، نافياً أن يكون أياً من هذه الأسباب ينطبق على أعماله. وعندما سُئل عما إذا كان الانسحاب يمثل مشكلة، قال بعلبكي إن الأمر يتعلق بـ"الرقابة على الصورة والثقافة، ويذكّر بالحركة الفنية المنحطة".

كان "الفن المنحط" تعبيراً استخدمه النازيون عام 1920، لوصف الأعمال الحديثة. ومارس النازيون القمع على مناهج الفن الحديث، بحجة أنها "تحمل خصائص يهودية أو شيوعية" وتنطوي على "إهانة للمشاعر الألمانية".

وكان هذا المصطلح عنواناً لمعرض أقيم في ميونيخ عام 1937 للنازيين، ضم مئات الأعمال التي أخذها الحزب من المتاحف. تم تنسيق الأعمال الفنية باستخدام ملصقات نصية تسخر منها ومن الفنانين. وكان الهدف من المعرض، الذي سافر بعد ذلك إلى مدن أخرى في ألمانيا والنمسا، هو "إثارة النفور العام من الحداثة".

ولا تزال لوحة بلا عنوان لأيمن بعلبكي، وهي جزء من سلسلة "بدون عَلَم" No Flag، معروضة في المزاد. كما أدرجت دار كريستيز عملاً آخر له من دون عنوان في مزاد "مرحلة: مقتطفات من مجموعة دلول" Marhala: Highlights from the Dalloul Collection، المقرر عقده يوم الخميس أيضاً.

غالبًا ما تباع أعمال بعلبكي بأكثر من تقديراتها الأصلية. فعلى سبيل المثال، حققت لوحته "بابل" 485 ألف دولار في مزاد لدار كريستيز عام 2015 مقابل تقدير أصلي تراوح بين 150 ألف دولار و200 ألف دولار.

ويأتي هذا التضييق على الفنون العربية في الغرب، مع تصاعد حملات الكراهية ضدّ الفلسطينيين والعرب. فقبل أيام أجّل متحف بيتسبرغ للفنون، في الولايات المتحدة معرض "الزخرفة الثمينة" عن الفن الإسلامي عبر عشرة قرون. برر المتحف قراره بتضارب في الجدول الزمني. لكن رسائل إلكترونية من موظفي المتحف، حصلت عليها صحيفة "بيتسبرغ تريببيون-ريفيو"، أشارت إلى أن للعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة دورا في هذا القرار.

وقد قالت المديرة التنفيذية للمتحف، إليزابيث باركر، للصحيفة إنه بعد بدء العدوان: "أدرك الموظفون أننا على وشك افتتاح معرض قد يراه الشخص المتسامح على أنه يفتقد الحساسية، ولكن بالنسبة للكثير من الأشخاص، وتحديداً في مجتمعنا، فقد تكون الخطوة مؤلمة".

المساهمون