جون وليامز... عن تسعة عقود لن تكفي الموسيقى

05 ديسمبر 2024
جون وليامز عام 1965 (كريس ريدلي/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يُعتبر جون وليامز من أعظم ملحني الأفلام، حيث أثرى السينما بألحانه الخالدة مثل "حرب النجوم" و"الفك المفترس"، مما جعلها جزءاً من وجدان المشاهدين.
- الفيلم الوثائقي "Music by John Williams" يحتفي بإرثه الموسيقي، ويعرض مقابلات مع شخصيات بارزة وجلسات تدريب، مما يبرز حرفيته وإبداعه.
- يُعبر وليامز عن قلقه من الموسيقى المولدة بالذكاء الاصطناعي، ويؤكد شغفه العميق بالموسيقى بقوله: "الموسيقى تكفينا مدى الحياة، ولكن حياةً واحدة لا تكفي الموسيقى".

"من دون موسيقاه تتضاءل قوة سوبرمان كثيراً". جملة قالها الممثل كريستوفر ريف في حفل توزيع جوائز أوسكار عام 1979، مشيراً إلى مايسترو الأفلام جون وليامز (1932). وكان قد صرّح المخرج جورج لوكاس، صاحب أفلام "حرب النجوم" Star Wars، بأن هذه السلسلة لم يكتب لها أن تكون حرباً لولا موسيقى وليامز، ولا يوجد موسيقيّ كلاسيكيّ سواه يحتفي به الجمهور، كما احتفت الجماهير في الماضي بـ"ذا بيتلز" لحظة ظهورهم على المسرح.

جون وليامز الذي لحّن أشهر موسيقى الأفلام السينمائية على امتداد سبعة عقود هو البطل المطلق في الفيلم الوثائقي الجديد Music by John Williams. هنا، نتابع جردة موسيقية كاملة لتجربته. وكل من يظهر في الفيلم - على الرغم من أهمية هذه الشخصيات كلٌ في مجاله - ليسوا سوى شهود ومريدين لألحان وليامز.

أخرج الفيلم الفرنسي لورين بوزيرو وبثته منصة ديزني بلس. بوزيرو ليس غريباً عن موسيقى وليامز، وكان قد تخصص عبر مسيرته الفنيّة بصناعة أفلامٍ عن كواليس إخراج أعمال الأميركي ستيفن سبيلبرغ، وآخر أعماله كان وثائقياً تناول حياة الممثلة فاي دونواي. لسبيلبيرغ (منتج الوثائقي) قائمة أعمال طويلة ألّف موسيقاها وليامز. وكان أسلوب سبيلبرغ في العمل دليلاً على أن علاقته بوليامز تشبه علاقة الصوت بالصورة في السينما.

Music by John Williams مصمَّم للاحتفاء بإرث جون وليامز الموسيقيّ، من دون الدخول في تفاصيل شخصية أو تقنية لعملية صناعة الموسيقى بوصفها حرفة. وُلِد وليامز في مدينة نيويورك، لأب يُدعى إستر يعمل عازف طبول وآلات إيقاع جاز، وكان يعزف مع فرقة ريموند سكوت كوينتيت؛ وأمٍ تُدعى جوني وليامز، هي أيضاً موسيقية.
يظهر وليامز نشيطاً وثرثاراً في الوثائقي، ما أعطى العمل روحاً خفيفة وتدفقاً سلساً يشعرنا بقصر زمن العرض، وهذا ما لم يترك فرصة للموسيقى بأن تتحدث.
أوائل الخمسينيات من القرن العشرين، كان وليامز في القوات الجوية في سانت جونز، وعضو في الفرقة يعزف على البيانو ويساعد في إدارة النوتة الموسيقيّة. طُلبَ منه تأليف مقطوعةٍ دعائيّة قوميّة، لفيلم قصير صنعه مجموعة مخرجون أوروبيون لتسليط الضوء على بعض الجمال الطبيعي والمسرات الثقافية للحياة في نيوفاوندلاند. بعد البحث في الألحان المحلية والألحان الشعبية، سجل أول موسيقى لفيلم بعنوان You Are Welcome، ليبدأ مسيرة مهنية أسفرت عن 48 ترشيحاً لجوائز أوسكار، حصل منها على خمس، إضافة إلى ملايين من الأسطوانات المباعة، وحفلات موسيقية كبرى، ومسيرة مهنية غزيرة الإنتاج لا مثيل لها عند معاصريه.

عبرَ سلسلة من الحوادث السعيدة، على حد وصفه، استطاع دخول هوليوود من أوسع أبوابها، وكانت الأوركسترا تحت تصرفه، فتضافرت الموهبة مع الحرفة والتدريب، لتكون كلها جزءاً من وجداننا السينمائي؛ فنحن نعرف أن القرش قادم في فيلم Jaws لسبيلبرغ من دون أن نراه، وكثير من المشاهدين يبكون في نهاية فيلم E.T. the Extra-Terrestrial (لسبيلبرغ أيضاً)، بسبب الأوركسترا الملحمية الحالمة التي نسمعها. ولا نستطيع التفريق بين عصاه كقائد أوركسترا، وبين العصا السحرية عندما نسمع موسيقى نغمات فيلم "هاري بوتر" من إخراج كريس كولومبس. يقول جون وليامز معلقاً على موسيقى هاري بوتر: "المعادلة بسيطة: الأطفال والسحر يساوون الموسيقى".

ألحان وليامز تُبقي الشخصية على الشاشة حتى عندما لا تكون مرئية، وتخلق توقعات للسياق حتى تدفعه إلى الأمام. والسياق في الوثائقي الأخير دفعته مجموعة من الشخصيات، كالعازف يو يو ما والمؤلف برانفورد مارساليس، ما جعله أكثر من مجرد مناقشة حول موسيقى أفلامه، فنشاهد جلسات تدريب سيمفونية لندن وبوسطن الشهيرتين، وتجاربه في الجاز والبوب والفانك والأعمال التلفزيونية التي ألّف وعزف لها، تذكيراً لنا من المخرج بأن الحرفية والخيال يشكّلان محور ما يمكن للبشر تحقيقه.

ومع أرشيف مذهل قدمه سبيلبرغ للمخرج التقطه عبر عقود طويلة لوليامز وهو يسجل الموسيقى للأفلام، استطاع بوزيرو خياطة هذه المشاهد عبر المونتاج مع المقابلات التي أجراها شخصياً مع وليامز والمشاركين الآخرين، ليتحول العمل إلى شكرٍ من أولاد هوليوود للمايسترو.

لعلّ جون وليامز آخر مؤلفي الموسيقى الكلاسيكية في هوليوود الذين كانت لديهم سيمفونية كاملة تحت تصرفهم، وما زال يؤلف ألحانه بالورقة والقلم. وكان لديه العديد من الأسئلة والتساؤلات عن الموسيقى المولدة عبر نماذج الذكاء الاصطناعي. يقول مقتنعاً في نهاية العمل: "الموسيقى تكفينا مدى الحياة، ولكن حياةً واحدة لا تكفي الموسيقى".

المساهمون