جدل في المغرب حول مسلسل "فتح الأندلس"... والبرلمان يدخل على الخط
لا تزال أصداء الدراما التاريخية "فتح الأندلس" الذي تبثه القناة "الأولى" المغربية مستمرة، بعد مرور نحو أسبوع على بدء عرضه ضمن مسلسلات رمضان 2022، إلى الدرجة التي دفعت إلى مطالبة كتلة برلمانية وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، بالكشف عن الإجراءات التي ستتخذها وزارته لـ"صون وتخليد تاريخ المغرب".
وتقدمت الكتلة النيابية لحزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" المعارض بسؤال كتابي إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل، بشأن مسلسل "فتح الأندلس"، وما يثيره من انتقادات حول "تغيير الوقائع التاريخية"، معتبرة أن المسلسل الذي "اقتنته القناة الأولى من المال العام لا يولي أهمية للتراث المغربي، وللحقيقة التاريخية للبطل، كما لم يشارك فيه سوى ممثل مغربي واحد ولا يعطي تفاصيل عن شخصية طارق بن زياد الأمازيغي".
ولفتت الكتلة النيابية للحزب اليساري إلى أن المسلسل الذي أخرجه وأنتجه المخرج الكويتي محمد العنزي "أُنتج خارج المغرب من دون مشاركة المغاربة في التأليف ومن دون استشارة المؤرخين لتدقيق المعطيات"، معتبرة أنه "مليء بالمغالطات المعرفية، ويحمل في كثير من حلقاته تزويراً لكل ما تتفق عليه المصادر التاريخية الموثوقة".
وقالت إن "حدث فتح الأندلس حدث تاريخي بامتياز"، وإنه "تمّ عبر شمال المغرب وبجيوش شمال أفريقيا قوامها المغاربة بالأساس، وإن لغة طارق بن زياد وثقافته مغربية أمازيغية بامتداداتها الإقليمية هو وجنوده"، لافتة إلى أن "المسلسل يحجب كل هذا تقريباً، ويجعل المغرب الكبير مجرد طريق جغرافية لجيوش المشرق الأموية، والمغاربة مجرد كومبارس تحت قيادة شخصيات شامية (سورية)، بينما التاريخ المدون عندنا كله عكس ذلك".
إلى ذلك، طالبت الكتلة النيابية من وزير الثقافة الكشف عن "الإجراءات التي ستتخذها الوزارة بغية صون وتخليد تاريخ المغرب بعيداً عن جميع المغالطات والسرقة وتزوير الحقائق التاريخية والمجد المغربي في الأندلس".
ومنذ بدء عرضه، طاول المسلسل الذي رصدت ميزانية لإنتاجه بأكثر من 3 ملايين دولار، ويُعَدّ الأول من نوعه في العالم العربي، انتقادات حادة وصلت إلى حد وصفه من قبل نقاد مغاربة ومهتمين بالتاريخ ورواد مواقع التواصل الاجتماعي بـ "المهلهل" و"البارد" و"الضائع" وحتى "الفاشل"، فيما تبقى التهمة الأشد "تحريف" تاريخ المغرب.
وفي رده على كل الانتقادات الموجهة إلى العمل، قال المخرج الكويتي محمد العنزي، في تغريدة له، إن "محاولات البعض لتحجيم قادة إسلاميين مثل طارق بن زياد بأقاليم حددها لنا اتفاق (سايكس بيكو) لن تفيد، إن طارق وغيره من قادتنا إرث لأمة المليار ونصف المليار مسلم، لا لدولة معينة أو إقليم".
ويتناول "فتح الأندلس" قصة القائد المغربي طارق بن زياد، خلال رحلة الفتح الإسلامي للأندلس في أثناء ولاية موسى بن نصير في عهد الدولة الأموية، مستعرضاً الصعوبات التي واجهها لتحقيق هذا الفتح.
وكانت القناة "الأولى" المغربية قد اعتبرت أن أحداث المسلسل "التي تمتد على 33 حلقة ستقدم للمشاهد دروساً في الشجاعة والتضحية والإخلاص، وقيم التسامح والتعايش التي كانت ضمن أولويات الفتوحات الإسلامية".
وقالت إن بث مسلسل "فتح الأندلس" خلال رمضان "يعكس الانفتاح على الإنتاجات العالمية، والتزام القناة إثراء شبكتها ببرامج ضخمة ذات قيمة إنتاجية عالية، خصصت لها ميزانية كبيرة واستغرقت أشهراً طويلة من التحضير والتصوير".
ويجسد بطولة العمل التاريخي الممثل السوري سهيل جباعي في شخصية طارق بن زياد، واللبناني رفيق علي أحمد الذي يجسد شخصية موسى بن نصير، والأردني عاكف نجم في شخصية أبو بصير شيخ طارق بن زياد، والفلسطيني محمود خليلي في شخصية جوليان حاكم سبتة، والفلسطيني السوري تيسير إدريس الذي يجسد شخصية لوذريق حاكم طليطلة، والكويتي محمد العجيمي الذي يجسد شخصية أحد قادة القوط، إلى جانب الممثل المغربي هشام بهلول الذي يجسد شخصية شداد، صديق طارق بن زياد وقائد جيوشه.
وألّف مسلسل "فتح الأندلس" ستة كتّاب، هم: مدين الرشيدي من الكويت، وصالح السلتي، وإبراهيم كوكي، ومحمد اليساري من سورية، والمصريان أبو المكارم محمد، وصابر محمد.