ثاني أكسيد الكربون: ما الذي حدث قبل 40 مليون سنة؟

10 اغسطس 2021
تغير المجتمعات البكتيرية هياكلها الدهنية للتكيف مع تغير درجة الحرارة (Getty)
+ الخط -

أظهرت دراسة جديدة، بقيادة جامعة بريستول البريطانية، أن انخفاض تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، لعب دوراً رئيسياً في دفع مناخ الأرض من الدفء إلى عالم جليدي بارد، منذ قرابة 34 مليون سنة. يمكن عكس هذا التحول جزئياً في القرون التالية، بسبب الارتفاع في ثاني أكسيد الكربون بسبب الأنشطة البشرية.

قبل 40 مليون سنة، خلال العصر الأيوسيني، كانت القارة القطبية الجنوبية مغطاة بالغابات المورقة. ولكن، قبل 34 مليون سنة، في عصر الأوليجوسين، استُبدِلَت هذه الغابات بألواح جليدية قارية سميكة، كما نعرف القارة القطبية الجنوبية اليوم، وفق الدراسة التي نشرت يوم الاثنين (الثاني من الشهر الجاري) في مجلة Nature Geoscience.  

تظهر البيانات الجديدة المستمدة من الفحم القديم، أن درجات حرارة الأرض انخفضت بنحو 2.5 درجة مئوية

تقدم نتائج الدراسة دليلاً إضافياً على أن ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي، يلعب دوراً حاسماً في قيادة مناخ الأرض، بما في ذلك تكوين الغطاء الجليدي في القطب الجنوبي. وتوفر الدراسة بيانات كمية جديدة من نصف الكرة الأرضية الجنوبي، توضح لنا كيف تغير المناخ على الأرض عبر هذا الانتقال المهم من حالة الاحتباس الحراري إلى حالة الألواح الجليدية.

وأوضحت المؤلفة المشاركة في الدراسة، فيتوريا لوريتانو، باحثة ما بعد الدكتوراه في تخصص الجيوكيمياء العضوية، في جامعة بريستول، أنه لا تتوافر سوى معلومات قليلة عن كيفية تغيّر المناخ على الأرض. وتظهر البيانات الجديدة المستمدة من الفحم القديم، أن درجات حرارة الأرض انخفضت بنحو 2.5 درجة مئوية، على غرار تلك التي لوحظت في درجات حرارة المحيطات. 

وقالت لوريتانو في تصريح لـ"العربي الجديد": "استخدمنا مجموعة من نماذج المحاكاة المناخية لاختبار الدوافع المحتملة لتغير درجة الحرارة، ووجدنا أن المحاكاة التي تضمنت انخفاضاً في ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، يمكنها فقط إنتاج تبريد متوافق مع بيانات درجة الحرارة من الفحم. وهذا يعني أن انخفاض ثاني أكسيد الكربون، كان على الأرجح مسؤولاً عن الانتقال من الحالة المناخية الدافئة، إلى المناخ الجليدي".

يرتبط انخفاض ثاني أكسيد الكربون بانخفاض درجات الحرارة، ومن المحتمل أن يسهم في تكوين الجليد خلال أشهر الشتاء، ويمنع الذوبان خلال أشهر الصيف

تحظى نتائج الدراسة بشأن تأثير الانخفاض في تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، على تغير طبيعة مناخ الأرض منذ قرابة 34 مليون سنة، بأهمية متزايدة لفهم السياق الحالي لتغير المناخ وزيادة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، لأن هذا التحول يمكن عكسه جزئياً في القرون القادمة بسبب الارتفاع في تركيزات غازات الاحتباس الحراري، وخاصة ثاني أكسيد الكربون، نتيجة الأنشطة البشرية.

يرتبط انخفاض ثاني أكسيد الكربون بانخفاض درجات الحرارة، ومن المحتمل أن يسهم في تكوين الجليد خلال أشهر الشتاء، ويمنع الذوبان خلال أشهر الصيف. وتظهر بيانات الغطاء النباتي المتضمنة في هذه الدراسة، أن النباتات تكيفت في وقت واحد مع درجات حرارة أكثر برودة، ما يدل على حدوث تطور في النباتات من الأنواع التي تكيفت مع درجات الحرارة العالية للغاية إلى الأنواع التي تعيش في ظروف أكثر اعتدالاً.

وعن الأساليب المستخدمة في إجراء الدراسة، أشارت المؤلفة المشاركة في البحث، إلى أن الفريق استخدم توزيع الأحافير الجزيئية. على وجه الدقة، بقايا الدهون البكتيرية المتحجرة المحفوظة في رواسب الأراضي الرطبة القديمة. إذ تغير المجتمعات البكتيرية هياكلها الدهنية للتكيف مع تغير درجة الحرارة والحموضة، ويمكن بعد ذلك الحفاظ على هذه المركبات لعشرات الملايين من السنين.

ويمكن من خلال هذه المواد المحفوظة أن يعثر العلماء على أدلة على درجة الحرارة السابقة والظروف البيئية الأخرى. بعد ذلك، قارن الفريق البيانات التي حصلوا عليها بمجموعة من نماذج محاكاة المناخ التي تعيد إنتاج درجة الحرارة المتغيرة تحت تأثيرات مختلفة.

وأضافت لوريتانو: "تضيف بياناتنا قطعة جديدة إلى اللغز، خاصة بالنسبة إلى نصف الكرة الجنوبي، ولكننا نأمل أن نرى المزيد من السجلات على مستوى العالم تغطي هذا الانتقال المناخي الكبير".

دلالات
المساهمون