"تويتر" ــ إيلون ماسك: هي فوضى

17 نوفمبر 2022
تأجل إطلاق الاشتراك المدفوع حتى نهاية هذا الشهر (بريتا بيديرسون ــ بول/Getty)
+ الخط -
من الاستقالات المتتالية، إلى تحذيرات من قبل السلطات وهروب المعلنين، تواجه شركة تويتر منذ استحواذ إيلون ماسك عليها صعوبات من الجهات كلها، رغم جهوده لتحفيز الموظفين الباقين. وقال الرئيس الجديد للمجموعة الخميس الماضي، في بداية اجتماع داخلي للموظفين الذين لم يُسرحوا خلال عمليات الإقالة الجماعية إن "المستقبل مشجع، وأتشوق للمضي قدماً معكم".لكن التهديد بالإفلاس ظهر عندما اعترف لاحقاً بأنه لا يعرف إلى أي درجة "ستنقص إيرادات" الشركة العام المقبل. وقال، وفقاً لرسائل بين موظفين: "قد نعاني من عجز في الدفق النقدي يبلغ مليارات عدة".
وفي رسالة داخلية أيضاً، كتب ماسك مخاطباً الموظفين أن الطريق سيكون "شاقاً"، وأنه بات يتعين عليهم أن "يحضروا شخصياً إلى المكاتب للعمل أربعين ساعة على الأقل في الأسبوع". سأله الموظفون أيضاً عن المخاطر المرتبطة بالنشر السريع للميزات الجديدة غير المختبرة، وهي الطريقة المفضلة لرئيس شركتي تِسلا وسبيس إكس. في الوقت نفسه، يخطط ماسك للتوقف عن تقديم وجبات مجانية للموظفين، متحججاً بأنها تكلف نحو 13 مليون دولار سنوياً. وأصدرت الوكالة الأميركية للمنافسة تحذيراً نادراً ضد المنصة، الأسبوع الماضي. وقالت: "نتابع التطورات الأخيرة في تويتر بقلق بالغ. ليس هناك مدير تنفيذي أو شركة فوق القانون". وأشارت الوكالة إلى أن المنصة تجازف باحتمال فرض غرامات كبيرة عليها إذا لم تمتثل لقواعد اتفاق توصلت إليه مع الوكالة بشأن أمن البيانات وسريتها.

ماذا يفكر الموظفون؟

لم يعد عدد كبير من الموظفين يعملون في "تويتر"، نظراً لهذه القواعد. إذ سرّح ماسك نصف الموظفين البالغ عددهم 7500 في الشركة المتركزة في كاليفورنيا، بعد عشرة أيام على شرائها، وأصبح المسؤول الوحيد الذي يديرها. وكان مئات الأشخاص قد غادروا الشركة بالفعل هذا الصيف. واستمرت استقالات الكوادر في الأيام الأخيرة، وبينهم مدير سرية البيانات ديميان كيران، ومسؤولة الأمن ليا كيسنر. كذلك قرر مديرون آخرون الاستقالة، وبينهم رئيس الثقة والأمان في "تويتر"، يوئيل روث الذي كان قد تدخل مرات عدة في الأيام الأخيرة لتوضيح التغييرات أو ضمان أن تظل مكافحة المعلومات المضللة "أولوية قصوى". لكن المسؤول التنفيذي عن الحلول للعملاء، روبن ويلر، الذي أعلنت وسائل الإعلام الأميركية مغادرته "تويتر"، كتب في تغريدة مساء الخميس الماضي: "ما زلت هنا". 

إنقاذ تويتر

لكن قرارات ماسك واستفزازاته المتسرعة على "تويتر" تثير جدلاً يومياً، ما أثار قلق عدد من السلطات والمعلنين والمستخدمين والأقليات. وعلق عدد كبير من المعلنين إنفاقهم على الشبكة الاجتماعية المؤثرة التي تعتمد في نموذجها الاقتصادي على الإعلانات بنسبة تسعين في المائة. وخفض مكتب إنسَيد إنتليجنس توقعاته لإيرادات إعلانات "تويتر" بنسبة 39 في المائة في عامي 2023 و2024.
ويريد إيلون ماسك تنويع مصادر الدخل، من اشتراكات للمستخدمين، إلى أدوات إنشاء المحتوى للمؤثرين. لكن إطلاق "تويتر بلو"، وهو صيغة جديدة قيمتها ثمانية دولارات شهرياً للتأكد من مصداقية الحسابات الفردية، أدى إلى إعلانات رسمية متناقضة وظهور ملفات تعريف مزيفة. وكتب الملياردير على "تويتر": "أشكر لكم تفهمكم أن تويتر سيفعل الكثير من الأشياء السخيفة في الأشهر المقبلة. سنحتفظ بما يصلح ونغير ما لا يصلح". في بداية الأسبوع، باع أسهماً من شركته تِسلا، قيمتها أربعة مليارات دولار. وقال للموظفين: "فعلت ذلك لإنقاذ تويتر".

علامة التوثيق المدفوعة

أعلن ماسك، الثلاثاء، تأجيل إطلاق الاشتراك المدفوع الجديد على "تويتر" حتى 29 نوفمبر/ تشرين الثاني، بعد عشرة أيام من الجدل حول هذا المشروع الرئيسي للمالك الجديد. وغرّد: "تم تأجيل إعادة إطلاق خاصية بلو فيريفايد إلى 29 نوفمبر، للتأكد من أنها ستكون بأفضل حال". قبل استحواذ رئيس "تسلا" على "تويتر"، في 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كانت المنصة تتيح من ناحية خاصية "العلامة الزرقاء" لتوثيق حسابات المؤسسات والأشخاص المعروفين مجاناً، ومن ناحية أخرى تقدم اشتراكاً مدفوعاً يتضمن خيارات إضافية، تحت اسم "تويتر بلو". وأطلق إيلون ماسك بصورة أحادية إصلاحاً لهذا الاشتراك، يتضمن أيضاً توثيق الحسابات، ما يتيح لجميع المستخدمين الحصول على هذه الخاصية بغضّ النظر عن شهرتهم على الشبكة، مقابل ثمانية دولارات شهرياً.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

فُعلت "تويتر بلو" بصيغتها الجديدة قبل أسبوع على أجهزة آيفون، وسط فوضى عارمة، بعد أيام من صرف نصف موظفي الشركة البالغ عددهم 7500 موظف. وعلى مدى 48 ساعة، تكاثرت على "تويتر" حسابات مزيفة تحمل علامة توثيق زرقاء تدّعي أنها عائدة لمشاهير أو شركات كبرى، من ليبرون جيمس إلى "نينتندو". واضطرت شركة الأدوية إلي ليلي إلى الاعتذار الخميس الماضي، بعد انتشار تغريدة من حساب باسمها مرفق بعلامة توثيق زرقاء، كانت تتضمن وعداً بتقديم الإنسولين مجاناً. والجمعة، أزيلت إمكانية الاشتراك في "تويتر بلو"، فيما أشارت مذكرة داخلية نشرتها وسائل إعلام أميركية إلى أن الخدمة معلقة حالياً "لمعالجة قضايا انتحال الصفة".
في النظام الذي سيطلق في 29 نوفمبر، "أي تغيير في اسم المستخدم سيؤدي إلى فقدان العلامة الزرقاء حتى التحقق من الاسم من جانب تويتر"، كما وعد إيلون ماسك الثلاثاء. وقال ماسك أيضاً إن الأشخاص الذين لا يشتركون في الخدمة المدفوعة سيفقدون العلامة الزرقاء (إذا حصلوا عليها مجاناً) في الأشهر المقبلة. في موازاة ذلك، أصدرت الشبكة الاجتماعية الأربعاء الماضي علامة "رسميّ" باللون الرمادي لحسابات بعض المشاهير على الشبكة. غير أن إيلون ماسك سارع إلى إصدار مذكرة في اليوم عينه أزال فيها هذه العلامة الجديدة، قبل أن تتدخل مديرة منتجات التطوير إيستر كروفرد لتوضح أن العلامة ستكون مخصصة في البداية للحكومات والمنظمات.

هل سيحمي الطائر الأزرق الأطفال؟

أكد ماسك، الجمعة الماضي، موافقته "حتماً" على دعوة وجهها إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، للمشاركة في جهود حماية الأطفال عبر الإنترنت، عقب إطلاق "مختبر" معنيّ بهذا الموضوع في باريس. وكتب الرئيس الفرنسي عبر "تويتر" بالإنكليزية: "إيلون ماسك، هل سيحمي الطائر الأزرق أطفالنا؟"، في إشارة إلى شعار الشبكة الشهيرة. وأضاف ماكرون على "تويتر" إثر إطلاق المبادرة: "إلى جميع المتطوعين: انضموا إلينا".
ورداً على هذه الدعوة، غرّد ماسك بالفرنسية: "حتماً". وأضاف بالإنكليزية: "سنتخذ تدابير في هذا المجال". يضم المختبر الذي أطلقه ماكرون منصات ومنظمات غير حكومية وهيئات ناظمة، وستكون مهمته معالجة تبعات التعرض المتزايد للقصّر إلى المواد الإباحية والمضايقات والعنف عبر الإنترنت. أطلقت هذه المبادرة خلال اجتماع في قصر إليزيه مع منظمات غير حكومية وممثلين عن منصات رقمية كبرى ومحركات بحث (ميتا ومايكروسوفت وغوغل وتيك توك...)، لمناسبة منتدى باريس للسلام. وشارك رئيسا الأرجنتين، ألبرتو فرنانديز وإستونيا ألار كاريس، أيضاً في إطلاق هذه المبادرة.
وقال ماكرون في مستهل اللقاء إن "الفضاء الرقمي لا يمكن أن يكون متفلتاً من القوانين. هذه المعركة التي خضناها ضد الإرهاب نخوضها ضد خطاب الكراهية عبر الإنترنت. هذا ما يجب أن نواصله على مستوى حماية أطفالنا".

المساهمون