استمع إلى الملخص
- أثار القرار نقاشات حول تأثيراته المحتملة، حيث يرى البعض أنه قد يُحسن الصحة العقلية للأطفال، بينما يعتبر آخرون أن له تأثيرات سلبية، مع تحديات في التحقق من أعمار المستخدمين.
- يلعب الأهل دوراً مهماً في توجيه الأطفال، ويُفضل الخبراء التوازن والتوعية بدلاً من المنع التام، كجزء من اتجاه عالمي لتقييد وصول القُصّر لوسائل التواصل الاجتماعي.
تعتزم الحكومة الأسترالية اتخاذ خطوات نحو تقييد وصول الأطفال والمراهقين إلى وسائل التواصل الاجتماعي، بحيث لا يسمح بذلك إلا لمن يبلغون 16 عاماً أو أكثر. وقال رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز للصحافيين في كانبيرا: "لقد تحدثت إلى الآلاف من الآباء والأمهات والأجداد والعمات والأعمام. وهم مثلي يشعرون بالقلق الشديد على سلامة أطفالنا على الإنترنت". وأضاف: "أريد أن يعرف الآباء والأمهات والعائلات الأسترالية أن الحكومة تساندكم".
ومن المقرر أن تتم مناقشة التشريع المقترح في هذا الشأن في اجتماع مجلس الوزراء غداً الجمعة، ومن ثم سيتم عرضه على البرلمان في وقت لاحق من هذا الشهر. ومع ذلك، قد يستغرق الأمر حوالي عام قبل أن تدخل القواعد الجديدة حيز التنفيذ، حسبما أفادت هيئة الإذاعة الأسترالية.
آليات التنفيذ
وخلال الفترة الماضية، كان هناك نقاش بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي حول القرار وتأثيراته. ووجد بعض الخبراء أن القرار قد تكون له تأثيرات إيجابية على الصحة عامة، والصحة العقلية خاصة، في حين اعتبر آخرون أن فصل المراهقين عن وسائل التواصل الاجتماعي ليس بالأمر الصحيح.
ويتحدث الخبراء عن جملة من التحديات، منها ما يتعلق بالتحقق من الأعمار وكيفية تنفيذ القرار. ويرى هؤلاء أن حظر العمر على وسائل التواصل الاجتماعي (تدعم الحكومة الفيدرالية موقف مفوض السلامة الإلكترونية وقيام طرف ثالث بالتحقق من عمر المستخدم على المنصات من دون الكشف عن التفاصيل الشخصية)، هو أحد التحديات.
توجيه الأهل
للأهل في أستراليا دورهم في توجيه الأطفال ومراقبة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وبحسب تقرير صدر عام 2022، يزور 22% من الأطفال الذين تراوح أعمارهم ما بين ثماني وعشر سنوات، ونحو 46% من الأطفال الذين تراوح أعمارهم ما بين 11 و13 عاماً، مواقع التواصل الاجتماعي. وأظهر التقرير أن هذه المشاركة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، غالباً ما تأتي بتوجيه من الأهل.
وبحسب صحيفة "ذي كونفرزيشين"، يرى الآباء أن وسائل التواصل الاجتماعي تشكل جزءاً من العالم الذي نعيش فيه، في وقت يسعى البعض إلى تقييد استخدام وسائل التواصل.
تأثيرات سلبية لوسائل التواصل الاجتماعي
يرى المتخصص في علم النفس التربوي أحمد عويني أن القرار الذي تسعى الحكومة إلى اتخاذه له تأثيرات إيجابية وأخرى سلبية، ويقول إن "فكرة التعميم والشمولية، وتقييد هذه الوسائل، قد لا يكون لها أثر اجتماعي ونفسي وصحي كالذي تتوقعه الحكومة"، ويقول لـ"العربي الجديد": "لا شك أن القرار يأتي في إطار الحفاظ على الصحة العقلية والنفسية للأطفال والمراهقين. إلا أن فكرة التقييد والمنع في حد ذاتها قد يكون لها تأثير سلبي على المراهقين، إذ لا يمكن عزلهم عما يجري حول العالم بطريقة فجائية". يضيف: "قد يرى البعض أن إيجابيات الحظر أكثر من سلبياته، لكن في الحقيقة هو سيف ذو حدين".
يضيف: "تُعَد وسائل التواصل الاجتماعي مهمة لناحية التواصل وتثقيف الأبناء، إذ تتيح لهم تعلم مهارات جديدة ولغات، وغيرها من الأمور الإيجابية. كما أنها وسيلة لمساعدة الأبناء على الاتصال بذويهم". في المقابل، "فإن سلبياتها قد تتعلق بإمكانية مشاهدة برامج لا تناسب أعمارهم أو الانخراط في شبكات إجرامية. هنا، يأتي دور الأهل في التوعية والإرشاد، بالإضافة إلى دور المدارس، في تثقيف الأبناء حول مخاطر انتشار الجرائم، أو نشر محتويات متطرفة".
في هذا الإطار، يعتقد عويني أن خير الأمور أوسطها. من ثم، من المهم تقييد أو حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ضمن شروط معينة ومعايير محددة، كتحديد وقت استخدام هذه المواقع بدلاً من المنع. من جهة أخرى، يشير إلى أن لوسائل التوعية والثقيف دوراً من خلال خلق ما يسمى بالهوية الرقمية والمواطنة الرقمية، ويقول: "تعد المواطنة الرقمية نوعاً من أنواع التوعية الحديثة، التي لا بد للمدارس من استخدامها في المناهج التربوية، وتعني أن يعرف الأطفال حقوقهم الرقمية من جهة، وواجباتهم وكيفية استخدام هذه الوسائل بما له من منافع على صحتهم العقلية والجسدية من جهة أخرى".
وبحسب دراسة لجامعة "أوكسفورد"، تعتبر المواطنة الرقمية بمثابة فرصة للحفاظ على الخصوصية الشخصية من جهة، وتوعية الأفراد حول كيفية الاستخدام الآمن للتكنولوجيا من جهة أخرى.
آراء مختلفة
سلطت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية الضوء على حيثيات القرار وكيفية استجابة المراهقين له، من خلال استطلاع آراء بعض المراهقين، ومدى تقبلهم للقرار في حال اتخاذه. ووصفت إحدى الفتيات من ملبورن - فكتوريا، التي تبلغ من العمر 14 عاماً، القرار بالرائع، وترى أن وسائل التواصل الاجتماعي مفيدة لخلق مساحات للنقاش بين الأصدقاء، لكن لها تأثيرات سلبية على الحياة الاجتماعية في الوقت نفسه.
في حين أن روزا (13 عاماً)، من منطقة برونتي، نيو ساوث ويلز، ترى أن الحظر لن يكون مريحاً، خصوصاً أنها تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للدردشة مع أصدقائها والبقاء على تواصل مع المقربين لها. ووجدت بيتا (11 عاماً)، أن الحظر مبالغ فيه، وأن المراهقين حتى سن الخامسة عشرة، قادرون على التمييز بين المعلومات المضللة وبين الحقائق.
يأتي الإعلان الذي أصدرته الحكومة بفرض حظر على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على أساس السن، جزءاً من اتجاه عالمي أوسع. ففي الولايات المتحدة، سنت العديد من الولايات أو اقترحت تدابير مماثلة، تهدف إلى تقييد وصول القصّر أو الصغار إلى وسائل التواصل الاجتماعي. ويحظر قانون حماية القصّر عبر الإنترنت في فلوريدا منذ شهر يناير/ كانون الثاني 2024 على مواقع التواصل الاجتماعي، السماح للمراهقين دون سن 14 عاماً بإنشاء حسابات.
(أسوشييتد برس، العربي الجديد)