تصبح مدة الدورة الشهرية أطول مع اقتراب النساء من بلوغ مرحلة انقطاع الطمث. بالنسبة إلى العلماء تُعَدّ توقيتات هذه التغيرات في مدة الدورة الشهرية أدلة تمكنهم من تحديد احتمالات تعرّض الشخص لمخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وفقاً لدراسة جديدة قادها باحثون من جامعة "بيتسبرغ" الأميركية.
تشير الدراسة التي نُشرت يوم الأربعاء 13 أكتوبر/ تشرين الأوّل في مجلة Menopause إلى أن أمراض القلب والأوعية الدموية تشهد تغيرات طول الدورة خلال فترة الانتقال إلى مرحلة انقطاع الطمث، ووجدت الباحثة أن النساء اللواتي طالت دورتهن إلى سنتين قبل الدورة الشهرية الأخيرة، لديهن مقاييس أفضل لصحة الأوعية الدموية من أولئك اللواتي كانت لديهن دورة مستقرة، بما يشمل طول فترتها، خلال هذا الانتقال.
قالت سمر الخضري، أستاذة علم الأوبئة في جامعة بيتسبرغ وقائدة فريق البحث، إنّ أمراض القلب والأوعية الدموية (CVD) هي القاتل الأول للنساء، ويزداد الخطر كثيراً بعد منتصف العمر، ما يشير إلى أن الانتقال إلى مرحلة انقطاع الطمث يسهم في هذا الخطر.
أضافت الخضري في تصريح لـ"العربي الجديد": "نحن نعلم أن انقطاع الطمث المبكر والأعراض الحركية المتكررة هما صفتان مرتبطتان بانقطاع الطمث، وجد أنهما مرتبطان بمخاطر أكبر لأمراض القلب والأوعية الدموية. يضيف عملنا أنماطاً من التغيرات في طول الدورة الشهرية، كخاصية جديدة مرتبطة بانقطاع الطمث يمكن أن تحسن تصنيف مخاطر احتمالية الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بين النساء في منتصف العمر اللواتي ينتقلن إلى مرحلة سن اليأس".
أشار منشور حديث صادر عن جمعية القلب الأميركية حول مرحلة انقطاع الطمث وخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، إلى أن الانتقال إلى هذه الفترة مؤثرة بالنسبة إلى خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى النساء. مع انتقال النساء إلى هذه المرحلة، فإنهن يعانين من تغيرات متعددة في صحة القلب والأوعية الدموية التي تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في المستقبل.
ووفق الخضري، تشمل هذه التغيرات زيادات في كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (كوليسترول ضار)، واختلالاً وظيفياً محتملاً في كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة (كوليسترول جيد)، وزيادة في دهون البطن، وزيادة خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي (Metabolic Syndrome) والتغيرات العكسية في الأوعية الدموية.
يبلغ متوسط مدة الدورة الشهرية حوالى 28 يوماً، لكن هذا يمكن أن يختلف كثيراً بين النساء، ويراوح بين 21 و40 يوماً. وترتبط مدة الدورة الشهرية بمستويات الهرمونات، ويمكن أن تؤثر الهرمونات بمخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وأظهرت الدراسات السابقة على النساء في سنّ الإنجاب وجود صلة بين عدم انتظام الدورة الشهرية والظروف الصحية، لكن لم يُقيَّم ارتباط مماثل لدى النساء اللواتي ينتقلن إلى سنّ اليأس، ويعانين من تغيرات متعددة تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في وقت لاحق من الحياة. تفترض الدراسة الجديدة أن التغيرات في الهرمونات في أثناء انقطاع الطمث، التي من المحتمل أن تنعكس بتغيرات طول الدورة، تؤثر في مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
حلل الباحثون بيانات من 428 مشاركة مسجلة في الدراسة الوطنية الجارية حول صحة المرأة. تابعت الدراسة النساء اللواتي تراوح أعمارهن بين 45 و52 عاماً في وقت التسجيل لمدة تصل إلى 10 سنوات أو حتى سنّ اليأس. جمع الباحثون بيانات الدورة الشهرية طوال فترة انتقال انقطاع الطمث، وقيّموا مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بعد انقطاع الطمث من طريق قياس تصلب الشرايين أو سماكة الشريان.
وجد الفريق أن المشاركات أظهرن ثلاثة مسارات لتغير طول الدورة الشهرية في أثناء الانتقال إلى سنّ اليأس. كان لدى حوالى 62 في المائة من المشاركات دورات مستقرة لم تتغير بشكل ملحوظ قبل انقطاع الطمث، في حين أن ما بين 16 في المائة و22 في المائة عانين من زيادة مبكرة أو متأخرة في فترة الدورة.
ووفق الباحثة، فإن هذه المسارات الثلاثة تشير إلى أنّ من غير الممكن التعامل مع النساء على أنهن مجموعة واحدة، إذ يتعرضن لتغيرات مختلفة في دورتهن الشهرية في أثناء الانتقال إلى مرحلة انقطاع الطمث. قد يكون قياس هذه التغيرات طريقة بسيطة للتنبؤ بمن قد تكون معرضة لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في المستقبل: "لقد فوجئنا عندما اكتشفنا أن أغلب النساء في دراستنا كانت لديهن دورات مستقرة في أثناء الانتقال إلى سنّ اليأس، وكان من المدهش أن هؤلاء النساء كانت لديهن مخاطر أعلى لأمراض القلب والأوعية الدموية من أولئك اللواتي عانين من زيادة متأخرة في طول الدورة" تختم الخضري.