تغطية أحداث المشافي ترهق الصحافيين الفلسطينيين

11 ديسمبر 2024
في مدينة غزة، 2 نوفمبر 2024 (أشرف أبو عمرة/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه الصحافيون الفلسطينيون في غزة تحديات كبيرة، حيث يعملون من داخل المستشفيات بسبب فقدان مكاتبهم نتيجة الاستهداف الإسرائيلي، مما يسبب ضغوطاً نفسية وجسدية هائلة.
- تعاني المستشفيات من نقص الوقود وانقطاع الكهرباء، مما يؤثر على قدرة الصحافيين على العمل، ويعيشون في ظروف صعبة بعد فقدان بيوتهم ومعداتهم.
- يبرز صحافيون مثل سائد السويركي وبشار طالب التحديات النفسية والجسدية، ويؤكدون على أهمية الدعم النفسي بعد انتهاء العدوان لنقل الصورة الحقيقية للعالم.

تختلط مشاعر التعب مع القلق على الصحافيين الفلسطينيين الذين يغطون الأحداث من المشافي، جراء معايشتهم اليومية لمشاهد القتل والدماء والإصابات التي تصل إلى نقاط عملهم داخل المستشفيات التي تستقبل على مدار الساعة ضحايا العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة.
يعمل الصحافيون الفلسطينيون من داخل المرافق الطبية الرئيسية جراء فقدان مكاتبهم ومقار مؤسساتهم الإعلامية، بفعل الاستهداف الإسرائيلي المباشر للصحافيين وأماكن عملهم، نتيجة لتوافر الكهرباء فيها، ولأنها نقاط ارتكاز للعمل في غياب القدرة الحكومية على التواصل مع الصحافيين وإمدادهم بالتحديثات اللحظية. هذا الأمر يبقي الصحافيين الغزيين على مدار الوقت في دائرة القلق بفعل مشاهد الدماء والأشلاء وصراخ الأهل وتشييع جنازات الشهداء ومعاناة المرضى المتفاقمة.
يتوافر في بعض المستشفيات في غزة كهرباء وإنترنت، إلى جانب ذلك يحرص الصحافيون على البقاء على تواصل مباشر مع التداعيات الكارثية للقصف والمجازر الإسرائيلية وما تخلفها من ضحايا، خصوصاً في ظل عدم القدرة على التحرك بسلاسة جراء الاستهداف المباشر، والشح الشديد في الوقود.
أعلن المكتب الإعلامي الحكومي ارتفاع عدد الشهداء الصحافيين الفلسطينيين إلى 192 صحافياً وصحافية وعاملاً في وسائل الإعلام منذ بدء المقتلة الإسرائيلية الجماعية على قطاع غزة، بعد إعلان استشهاد الصحافي ميسرة أحمد صلاح، الذي يعمل في شبكة قدس الإخبارية.
مر الصحافي سائد السويركي برفقة طاقم عمله التلفزيوني بتجربة التغطية من معظم المشافي في القطاع، بدءاً بمستشفى الشفاء في مدينة غزة، مروراً بمستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، ومجمع ناصر الطبي في خانيونس، وبعدها مستشفى الكويت التخصصي في رفح، ثم العودة إلى مجمع ناصر للبقاء بالقرب من الأحداث على مدار الوقت.
يقول السويركي لـ"العربي الجديد": "التغطية من هذه الأماكن تستنزف الروح والجسد، وتشعرنا أننا ندور فقط في فلك الدم". يضيف: "كل هذه الدموع والآلام تجعل منك إنساناً غير قادر على استيعاب المزيد من الألم، خصوصاً أننا ننقل كل ذلك من خيمة تفتقر إلى أدنى المقومات الأساسية"، لافتاً إلى أنّ ذلك "يستوجب علينا جميعاً الذهاب إلى طبيب نفسي بعد انتهاء العدوان، حيث سيبقى ضجيج الحرب والألم والفقد والعويل عالقاً في أذهاننا، عدا عن كون المستشفيات بحد ذاتها مناطق خطرة بفعل الاستهداف الإسرائيلي المتواصل لها".
إلى جانب الإرهاق الجسدي والتأثيرات النفسية الصعبة للتغطية من داخل المستشفيات والمرافق الطبية، يتجسد العديد من التحديات الإضافية جراء النقص الشديد في الوقود وإنطفاء المولدات الكهربائية لفترات طويلة، ما يؤثر مباشرةً بمواصلة العمل والتغطية، علاوة على طول أمد الحرب التي شارفت على إنهاء الشهر الرابع عشر على التوالي، في ظل ظروف معيشية وأمنية في غاية السوء.
يقول المصور الصحافي بشار طالب لـ"العربي الجديد" إن العدوان أفقد الصحافيين بيوتهم وأماكن عملهم ومعداتهم وذكرياتهم ومتعلقاتهم الشخصية ومكاتبهم وأجهزة الطاقة وأدوات السلامة الخاصة بهم، كما أفقد غيرهم من الفلسطينيين الذين يتجرعون مرارة الحرب كل تفاصيل حياتهم اليومية.
يلفت طالب إلى أن الصحافيين الفلسطينيين باتوا مضطرين إلى العمل داخل المستشفيات لتوافر الكهرباء والإنترنت، سواء في مدينة غزة أو مستشفيات المناطق الوسطى والجنوبية، وهي متطلبات أساسية لإتمام العمل، ما بات يضعهم أمام خيارين: "إما أن نواصل العمل داخل المستشفيات في ظل مشاهد القتل والخوف، وإما أن نغادرها ونتوقف عن العمل".
بات الصحافيون، وفق طالب، مجبرين على معايشة مشاهد الدم والأشلاء وعويل أسر الشهداء، ما بات يتسبب بآثار نفسية سيئة سترافقهم طوال حياتهم. يشير المصوّر إلى عدم امتلاكه هو أو أي من الصحافيين الخيارات الإضافية، لعدم توافر الإمكانات الخاصة لمواصلة العمل، فيما بات من الضروري مواصلة التغطية على الرغم من والصعوبات، من أجل نقل الصورة.

أما المراسلة التلفزيونية دعاء روقة، فتقول إن التغطية الحالية تختلف عن تغطية الجولات السابقة، فـ"هُجِّرنا من مكاتبنا وبيوتنا، وبتنا نعمل في الشوارع والمستشفيات التي يمكننا من خلالها مواصلة التغطية وفق أبسط الإمكانات المتاحة".
تلفت روقة إلى العديد من التحديات التي واجهتها في تغطيتها الميدانية خلال العدوان، سواء بالانقطاع التام للتيار الكهربائي والإنترنت، إلى جانب اختلاف بيئة العمل، واضطرارها إلى العمل من داخل المستشفيات وسط مشاهد الدماء والشهداء والأشلاء والجرحى، الأمر الذي انعكس سلباً على حالتها النفسية، في ظل الإرهاق الشديد جراء التغطية غير المتوقفة.

المساهمون