بلجيكا تدرس إضافة خانة إضافية على بطاقات التعريف الوطنية: ذكر أم أنثى أم خيار ثالث؟
اختارت الحكومة المضي في المسائل الأخلاقية (نيكولاس مايترلنك/فرانس برس)
وضعت الحكومة البلجيكية، المُشكّلة أخيرًا، نقطة على جدول أعمالها تتعلق بتخصيص خانة أو فئة ثالثة على بطاقة التعريف إلى جانب فئتي "مذكر" و"مؤنث"، للأشخاص الذين لم تتحدد هويتهم. وأشار وزير العدل البلجيكي، اليميني، فنسنت فان كويكنبورن، في تصريح صحافي، إلى أن الحكومة الفيدرالية اختارت المضي قدماً في المسائل الأخلاقية، وخاصة تلك المتعلقة بتخصيص خانة أو فئة إضافية على بطاقة التعريف إلى جانب "مذكر" و"مؤنث"، للأشخاص الذين يُعَرِّفون أنفسهم بأنهم ليسوا ذكوراً ولا إناث. وذلك لتمكينهم من التسجيل بصفة جنس ثالث.
كما تفسر، في حديث لـ"العربي الجديد"، نادية غيرتس، الناشطة في مجال الاعتراف بجميع الأقليات الجنسية، قائلة: "في الواقع وراء هذا القرار للجهاز التنفيذي البلجيكي، طموح لإيجاد حل لصعوبة أشارت إليها المحكمة الدستورية في يونيو/ حزيران 2019. ويتعلق الأمر بالطبيعة غير الدستورية، بحسب المحكمة، لقانون المتحولين جنسياً الصادر في 25 يونيو 2017، والذي، على الرغم من عدد معين من الإجراءات الجيدة، لا يبتعد عن الرؤية الثنائية للجنس، وبالتالي يديم التزام الأشخاص الذين تكون هويتهم الجنسية غير ثنائية بقبول تسجيل الجنس على أساس التمييز بين الذكر والأنثى، رغم أن ذلك لا يتوافق مع هويتهم الجنسية". مضيفة أن "هذا القانون الإشكالي يضيف نوعاً آخر من التمييز في حق هذه الفئة من المواطنين بسبب تأكيده على عدم إمكانية إلغاء أو تعديل التسجيل الذي سمح به".
وراء هذا القرار للجهاز التنفيذي البلجيكي، طموح لإيجاد حل لصعوبة أشارت إليها المحكمة الدستورية في يونيو/ حزيران 2019. ويتعلق الأمر بالطبيعة غير الدستورية، بحسب المحكمة، لقانون المتحولين جنسياً
وتوضح إيمانويل بريبوزيا، أستاذة القانون في جامعة بروكسل المستقلة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الأشخاص الذين يُعَرِّفون أنفسهم على أنهم غير ثنائيي الجنس أو من جنس مرن، أي الأشخاص الذين يعتبرون أن تغيير تسجيل هويتهم مرة واحدة فقط غير كافٍ، أو حتى الأشخاص ثنائيي الجنس الذين لهم خصائص كلا الجنسين (شكليًا بالولادة)، يجدون صعوبة بالغة في اعتماد أحد الجنسين، ذكراً أو أنثى، باستثناء الخضوع لعمليات جراحية تعتبر اليوم لاإنسانية ومهينة". وللتغلب على كل هذه الصعوبات، اقترحت المحكمة الدستورية على المشرع البلجيكي خياراً أول يتعلق بإنشاء فئة إضافية على بطاقة التعريف، تجعل من الممكن الخروج من المنطق الثنائي للجنس. وأيضًا خياراً ثانياً يقترح إزالة تسجيل الهوية الجنسية كجزء من الحالة المدنية. احتمالان درستهما إيمانويل بريبوزيا وقارنتهما مع ما يتم تنفيذه في مناطق أخرى من العالم ونتائج ذلك. "فيما يتعلق بإنشاء فئة ثالثة، كما في ألمانيا على سبيل المثال، فقد تحولت العملية إلى فئة وصمة، خاصة بالنسبة لعائلات الأطفال ثنائيي الجنس الذين يجدون صعوبة في تسجيل أطفالهم في هذه الفئة الثالثة.
والأمر مختلف بالنسبة للبالغين ثنائيي الجنس الذين هم في حاجة إلى تحديد الهوية"، تقول إيمانويل بريبوزيا.
الانتقادات نفسها يسردها ماكس نيسول، الطبيب النفسي والناشط في منظمة تعمل على دعم المتحولين جنسياً، معتبراً في حديثه إلى "العربي الجديد"، أنه "بالإضافة إلى التمييز، فإن الطبيعة الإلزامية لهذه الفئة الثالثة مقلقة أيضاً. إذ لا يعكس هذا المخطط، ثلاثي الاتجاهات الجنسية، الواقع العلمي الذي يشير إلى وجودٍ ليس اثنتين أو ثلاث من الهويات الجنسية ولكن أكثر من ذلك بكثير. علاوة على ذلك، فهذه الفئة الثالثة للتسجيل لا تحل المشكلة التي يطرحها الرقم الوطني الذي يظل ثنائياً. لذلك فإننا ندعو، بدلا من ذلك، إلى إزالة الإشارة إلى الجنس أو الهوية الجنسية كعناصر في الحالة المدنية". هذا الخيار، الثاني الذي اقترحته المحكمة الدستورية، تم تطبيقه حتى الآن في مكان واحد فقط في العالم: ولاية تاسمانيا الأسترالية.