"بسبس بومبا"... القطط تهبط على الأرض

15 اغسطس 2024
وُصف المسلسل بـ"الممل" (نتفليكس)
+ الخط -

لا يخفى على أحد أن القطط كانت موجودة في تاريخ الفن منذ القدم، بل يقال مزاحاً إن صورها وتسجيلاتها هي السبب الرئيسي لاختراع الإنترنت. علاقتنا مع هذه الكائنات، التي "تطورت" كي تسكن بيننا و"تستغل" عطفنا، قديمة، ولا تاريخ موثقاً لبداية قرارها هذا، فضلاً عن العلاقة الوطيدة معها، فكل من يمس القطط أو يهددها لن ينجو من عشاق القطط، كما رأينا في المسلسل الوثائقي Don't F**K with Cats الذي بثته "نتفليكس" عام 2019.

حالياً، تبث "نتفليكس" مسلسل الكرتون "بسبس بومبا" Exploding Kittens، المقتبس من لعبة ورق منزلية، ويلعب بطولته الممثل توم إيليس المعروف بدور الشيطان في مسلسل لوسيفير (2016-2021)، في محاولة للاستفادة من دوره السابق، وشهرته التي لم تتجاوز هذا المسلسل.
فرضية "بسبس بومبا" مثيرة للاهتمام؛ الإله لم يعد يقوم بدوره كما هو مطلوب، فقررت بقية الآلهة إرساله إلى الأرض كي يتعلم كيف يمكن أن يصغي إلى الآخرين ويتعاطف معهم ويقف إلى جانبهم. وكأن الآلهة الأخرى تحاول التخلص منه، كي تستحوذ هي على مكانه. ذات الأمر مع الشيطان، الذي ترسله باقي الشياطين نحو الأرض أيضاً على شكل قطة، كي يتعلم فنون التعذيب التي أهملها في الجحيم.
هذا اللاتوازن في عوالم الآلهة والشياطين، يتحول إلى صراع ضمن عالم البشر عبر قطتين ناطقتين، تتبناهما عائلة مليئة بالمشاكل. وهنا تخلق الكوميديا: كيف يمكن لقطة ناطقة قادرة على التحكم بباقي القطط، أن تُصلح عائلة مُخربة؟

يراهن المسلسل على حبنا للقطط، والحماقات التي تمارسها في حياتنا اليوميّة، إلى جانب حشريتها وفضولها، وإحساسها بالتفوق على البشر. وهي الصورة النمطية المعتادة عن القطط بوصفها أصحاب كل منزل تسكن فيه.

يحوي "بسبس بومبا" بعض الإحالات إلى رسوم الكرتون الأخرى لكن بحذر شديد، كـ"ريك آند مورتي" مثلاً، إذ تتمكن القطتان المتصارعتان (الإله والشيطان) من التحول إلى ما يشبه الوحوش التي تتقاتل عبر جمع المكونات التي تجدها حولها: ورق الحمام، والمكانس، إلخ... في محاكاة لحلقة "ريك آند مورتي" الشهيرة "أنا مخللة"، أو ربما هي محاكاة لكرتون أبسط، وهو "فولترون"، حين تجتمع الفهود الآلية لتشكل "رجلاً" آلياً واحداً يصارع أعداءه.

يمكن النظر إلى "بسبس بومبا" كمحاكاة ساخرة للكثير من الأساطير، كما أن القط الإله يبدأ باكتشاف الأرض نفسها وما فيها من كائنات ومخلوقات، متفاخراً ببعضها من جهة، وخجولاً من بعضها الآخر من جهة أخرى. لكن أكثر ما يثير خجله أو حيرته، هو تصرفات بعض البشر، أولئك الذين يستمرون في إدهاشه بسبب حماقاتهم.

يمكن القول إن المسلسل مسلّ، ليس أكثر من ذلك، خصوصاً أن صناعة الكرتون على مستوى الحكاية تجاوزت التسلية التقليديّة، فضلاً عن "التجديف" الذي قد يتهم به المسلسل، الذي لا يتعدى مئات الفرضيات التي تتحدث عن هبوط كائنات السماء نحو الأرض، أو صعود كائنات الجحيم لتسكن بيننا. لكن المفارقة، أن الهدف هذه المرة ليس تأديب البشر أو مساعدتهم، بل التركيز أكثر على إعادة النظر في دور الآلهة المتخيّلة، والأهم علاقتها مع البشر.

على رغم محاولات إعطاء المسلسل فرصة لكنه مخيّب للأمل. النكات أحياناً غير متماسكة، ما ترك كثيراً من المقالات النقديّة تستخدم ألفاظاً من قبيل "ممل" و"غير متماسك" لوصفه، إلى جانب أنه لا يشابه اللعبة، بل وصفته صحيفة ذا غارديان بـ"بقايا قعر دلو الملكية الفكريّة"، إضافة إلى تناقضات كثيرة ترتبط بالحبكة. مثلاً، كيف يمكن للأم في العائلة، التي تعمل في صيد الحيوانات الشاردة في الشوارع أن تستقبل في منزلها قطاً شارداً، وهي التي تمتلك علاقة خاصة مع الحيوانات تتيح لها (بسبب مهنتها) أن تتخلى عنها بسهولة؟

المساهمون