المثقفون الروس: فنانون معارضون يدفعون الثمن

17 فبراير 2021
ألغيت حفلات لعدد من المغنين بناءً على مواقفهم المعارضة (Getty)
+ الخط -

في حين التزم معظم الفنانين الروس الصمت، ولم يدلوا بآرائهم في الأحداث السياسية الأخيرة بعد عودة المعارض الروسي أليكسي نافالني، واعتقاله، وما تلا ذلك من تظاهرات، عبّر بعضهم بوضوح عن رفضهم أساليب الاعتقال، ودعم قسم منهم التظاهرات وشارك فيها، ما أثار غضب المسؤولين "الوطنيين"، وتسبب في التضييق على الفنانين بوسائل عدة. 

ومنذ أيام، شطب مركز مايرهولد المسرحي الثقافي، اسم الممثلة فارفارا شميكوفا من قائمة فنانيه على موقعه على الإنترنت، بعد أن سجلت الممثلة في يناير/كانون الثاني، رسالة فيديو لدعم نافالني. وأكدت مديرة المركز، يلينا كوفالسكايا، شطب اسم الممثلة، وقالت لموقع "أتكريتويه ميديا" إنها "ترفض التعليق على قرارها". وقالت كوفالسكايا إن "صفحة فاريا (فارفارا) مغلقة مؤقتًا على موقع مركز مايرهولد. لقد قاوم الموظفون، لكنهم فعلوا ذلك بناءً على طلبي... وفي هذا الصدد، لن أشرح أكثر". وأشارت إلى أن شميكوفا، رغم ذلك، ستستمر في التمثيل على مسرحهم.

وربما لا يحتاج الأمر شرحاً كبيراً من المسؤولة. ففي 20 يناير/كانون الثاني، نشرت الممثلة الشابة فارفارا شميكوفا رسالة فيديو على حسابها في "إنستغرام"، بعد مشاهدة فيلم تحقيق صندوق مكافحة الفساد حول "قصر بوتين"، دعمت فيه المعارض أليكسي نافالني. وقالت الممثلة: "بينما أُنفق مبلغ ضخم من المال على إرضاء شخص واحد، أو إرضاء عائلة واحدة أو ثلاث عائلات (في روسيا)، هناك أشخاص يحتاجون حقاً إلى المساعدة". وأبدت الممثلة تعاطفها مع نافالني الذي "احتجز بلا سبب"، مشيرة إلى أنها ستشارك في حملات دعمه، وستكون حاضرة في التظاهرات المطالبة بالإفراج عنه.

وفي حين صمت معظم الفنانين الروس، أعربت قلة منهم عن التضامن مع الممثلة الشابة. من جهته، كتب الممثل مكسيم فيتورغان، على صفحته في فيسبوك، في تعليقه على حذف اسم شميكوفا: "من المؤلم بشكل خاص أن يحدث هذا في المسرح الذي يحمل اسم فسيفولود مايرهولد، الذي تم اعتقاله وإطلاق النار عليه خلال القمع الستاليني".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وقالت الممثلة يوليا أوغ في صفحتها على فيسبوك إن "الوقت قد حان لحزم حقيبة الطوارئ"، مضيفةً: "بطبيعة الحال، أنا لا أعرف ما الذي حدث بالفعل، وما يحدث هناك، ولكن ها هي الحقيقة وهنا الجواب. وها هو الوقت الذي نعيش فيه. والآن تحولت البلاد بالفعل إلى دولة بوليسية قمعية. نعم، أيها الأصدقاء، حان الوقت لجمع حقائب الطوارئ التي كانت موجودة لدى أجدادي وجداتي ووالدي (والدتي أصغر بكثير) دائماً في المنزل، لأنه في أي لحظة يمكن أن يأتوا وراءهم".

كما علقت مقدمة البرامج التلفزيونية، كسينيا سوبتشاك، على الحادث في قناتها في تلغرام قائلة: "ببساطة، يُعاقب الناس لأن لديهم رأيًا مختلفًا حول ما يحدث في البلاد! أمر مثير للاشمئزاز وضغوط لأسباب تافهة".

وطاول العقاب كل من قرر "شق عصا الطاعة"؛ إذ أفادت قناة "أنتيغليانتس" على تلغرام بأن شركة "غازبروم ميديا"، أقصت بشكل عاجل من موادها الترويجية الممثلتين يانا ترويانوفا وألكسندرا بورتيتش، اللتين أبدتا دعما لنافالني، وشاركتا بنشاط حركة الاحتجاج. وشاركت الفنانة الشابة بورتيش، روسية الجنسية من أصول بيلاروسية، في احتجاجات ضد حكم الرئيس ألكسندر لوكاشينكو في موسكو العام الماضي، وظهرت في عدة صور في التظاهرات الأخيرة في 23 من الشهر الماضي، بعدما دعت إلى الخروج إلى الشارع في تسجيلات على إنستغرام وتوكتوك، في 20 يناير الماضي، وقالت حينها إنها لا تدعم نافالني، ولكنها ضد الاعتقالات وتقييد الحريات.

وذكرت بعض المواقع الروسية، أنه إضافة إلى أن الممثلة قد تحرم من مصدر رزقها بسبب نشاطها السياسي، فإن السلطات الأمنية تجمع معلومات عن الفنانة لمعاقبتها، علما أنها لم تعتقل أثناء التظاهرات نظرا لقوانين روسية تمنع احتجاز الأمهات لأطفال صغار.

وفي حين لم يعلق كل من يانا ترويانوفا وألكسندرا بورتيتش على أنباء معاقبتهما، قال الموسيقي الروسي والمطرب نويز إم سي (إيفان أليكسيف) إنه بسبب دعمه لنافالني، تم رفض السماح له بإحياء حفل موسيقي في مركز VTB-Arena بموسكو، وهو مركز فني للحفلات تابع لمصرف "في تي بي" الحكومي، الذي يرأس مجلس إدارته أحد أصدقاء بوتين.

وكتب الفنان على حسابه في إنستغرام: "أعلن ممثلو VTB-Arena في موسكو فجأة أنهم لن يسمحوا لنا بتقديم حفلات موسيقية على الإطلاق في عام 2021 لأسباب سياسية" ووضّح أنّهم خاطبوه بقولهم: "مثل موقفك من القضية مع نافالني وما يحدث في بيلاروسيا، لا يناسب شخصنا الرئيسي، لذلك ببساطة لن نعطيكم موعدًا جديدًا". وأضاف أيضًا أنه سيتعين على فريقه الآن إعادة الأموال إلى الأشخاص مقابل التذاكر والبحث عن موقع آخر.

وفي وقت سابق، قال أليكسيف إن عودة نافالني إلى روسيا "إنجاز مدني" يحظى بإعجابه. وطالب في رسالة عبر إنستغرام في 20 يناير/كانون الثاني بإطلاق سراح نافالني، مشيراً إلى أن مصلحته الآنية تتمثل في عدم الاصطفاف إلى جوار المعارض الروسي، لكنه لا يريد أن يعيش طفلاه في بلد لا تراعى فيه حقوق الإنسان. وفي مقابل فضح وسائل الإعلام، والضغوط التي يتعرض لها الفنانون من قبل المؤسسات الحكومية التي يعملون فيها، نقلت وكالة "تاس" الحكومية منذ أيام عن مصدر حكومي قوله إن منظمي الأعمال غير المصرح بها، والمحرضين، يضغطون على الفنانين والشخصيات العامة".

وأشار رئيس مجموعة العمل للغرفة العامة في الاتحاد الروسي بشأن مكافحة نشر المعلومات غير الدقيقة والرقابة العامة وأمن الإنترنت، ألكسندر مالكيفيتش، في تصريحات للوكالة إلى أن "مراقبة الغرفة العامة تسجل أقوى تسارع للكراهية تجاه من يقفون إلى جانب القانون. هناك اضطهاد للفنانين والشخصيات العامة؛ أي أن كل من يدعو إلى عدم الاستسلام للاستفزازات، يتعرض للاضطهاد في المجتمع. أبرز مثال على ذلك هو انتقاد قصيدة الفنان سيميون سليباكوف عن الاحتجاجات". وبحسب قوله، لاحظت الغرفة أيضًا "مناشدات لإدارة الشبكات الاجتماعية الغربية من قبل محرضين يطالبون بحجب من ينتقدون من يسمون بـ النافالنيين على تويتر وإنستغرام".

المساهمون