الكويت تودّع شاعرها يعقوب السبيعي

13 يوليو 2024
+ الخط -
اظهر الملخص
- **حياة الشاعر يعقوب السبيعي ومسيرته التعليمية والمهنية:** وُلد في الكويت عام 1945، تلقى تعليمه في ثانوية الشويخ، وبدأ مسيرته المهنية في وزارة الداخلية ثم بنك الكويت الوطني، واستقر في جامعة الكويت حتى تقاعده.

- **إسهاماته الأدبية والشعرية:** انضم لرابطة الأدباء عام 1969، نشر أولى قصائده في مجلة البيان عام 1970، وأصدر عدة دواوين شعرية. تولى عضوية مجلس إدارة رابطة الأدباء، وكرّم بجائزة الدولة التقديرية عام 2015.

- **إسهاماته في الأغنية الوطنية والمهرجانات:** كتب قصائد وطنية غُنيت من كبار المطربين، وشارك في مهرجانات شعرية داخل وخارج الكويت. نعى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الشاعر مشيداً بإسهاماته الثقافية.

ودّعت الكويت، الثلاثاء الماضي، الشاعر يعقوب يوسف السبيعي، عن عمر 79 عاماً، بعد صراع مع المرض، علماً أن له إسهامات بارزة في الحركة الثقافية الكويتية، كما ذاع صيته في القصائد المغناة، لسهولة الكلمة وعذوبتها في شعره.

وُلد الشاعر يعقوب السبيعي عام 1945 في حي المرقاب وسط العاصمة الكويت، وتلقّى تعليمه الأساسي في البلاد، وهو من خريجي ثانوية الشويخ التي كانت الثانوية الوحيدة في الكويت، والتي بدأت الدراسة فيها لأول مرة عام 1953. وكانت مدرسة داخلية مساحتها نحو 2.5 مليون متر مربع، واعتُبرت محلياً في حينها بمثابة "الجامعة"، قبل أن تتحوّل رسمياً فيما بعد إلى جامعة الكويت عام 1966.

بدأت موهبة السبيعي تتكشف أثناء وجوده في ثانوية الشويخ، تحديداً في ظلّ مكوثه في السكن الداخلي لمدة أربع سنوات، وانكبّ في مكتبة المدرسة على كتب التراث العربي، كما بدأ نسج أولى قصائده فيها. وبعد حصول السبيعي عام 1964 على شهادة الثانوية العامة، عمل مُحققاً لمدة عام تقريباً في وزارة الداخلية الكويتية، ثم عمل في بنك الكويت الوطني حتى عام 1968، وهو ما لم يطقه طويلاً في الوقت الذي بدأ فيه نهر موهبة الشعر لديه يحفر مجراه، فاتجه إلى العمل موظفاً في جامعة الكويت في مكتب الأمين العام. وهناك واصل الانكباب على شتى المعارف والعلوم، وقد واصل عمله في الجامعة حتى تقاعده في التسعينيات.

انضمّ يعقوب السبيعي إلى رابطة الأدباء عام 1969، ونشر أولى قصائده عام 1970 بعنوان "عطر الحديث" في "مجلة البيان" التابعة للرابطة، قبل أن يصدر ديوانه الأول عام 1979، والذي حمل اسم "السقوط إلى الأعلى" من 26 قصيدة، تلاه الديوان الثاني "مسافات الروح" عام 1985 من 27 قصيدة، ثم ديوانه "الصمت مزرعة الظنون" عام 1989 من 20 قصيدة، والذي نال جائزة الدولة التشجيعية في مجال الآدب - جائزة الشعر، وأخيراً ديوان "إضاءات الشيب الأسود" عام 1997 من 27 قصيدة، والذي طُبع بدعم من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. وله كتاب "أوراق: كتابات أدبية" الذي طُبع عام 1996 من قِبل وزارة الإعلام الكويتية، ويتضمن مجموعة مقالات نقدية. أيضاً نشر ما يقارب 90 قصيدة في مختلف المجلات المحلية والعربية، من بينها مجلة العربي، ومجلة البيان، وغيرها من الصحف اليومية الكويتية.

وخلال انخراط السبيعي في رابطة الأدباء تولّى عضوية مجلس الإدارة، وتقلّد منصب أمين سر الرابطة خلال أعوام ما بين 1986 و1992، وأثناء ذلك باشر مهام سكرتير تحرير مجلة البيان، ومنذ ذلك الحين واصل حضوره الدائم إلى الرابطة حتى انقطع قبل بضع سنوات نتيجة المرض.

كما تولّى خلال حياته مهام متعددة ذات الصلة بنشاطه العام، من بينها عضو لجنة التحكيم لجائزة البابطين الشعرية، وعضو لجنة دعم المؤلفات الإبداعية في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وعضو لجنة النصوص ولجنة الاستماع إلى الأغاني في وزارة الإعلام، وعضو إداري في فرقة التلفزيون.

وكُرّم بجائزة الدولة التقديرية عن مجال الشعر عام 2015، كما كُرّم عام 2010 من قبل قسم اللغة العربية في كلية الآداب- جامعة الكويت في يوم الأديب الكويتي، والذي احتفت به بهذه المناسبة رابطة الأدباء في عدد خاص شمل مقالات ودراسات حول شعر السبيعي، والتي وصفته في عنوان العدد بـ"شاعر الزمان والمكان". كما أطلقت مجلة العربي على السبيعي لقب "شاعر الحب والغزل". فبحسب الأكاديمي والشاعر الكويتي سالم خدادة، والذي أعدّ دراسة بعنوان "شعر يعقوب السبيعي: قراءة في الإيقاع"، فإن أكثر من 60% من قصائده في حقول المرأة والغزل والحب، والأخيرة تشتمل على حب الوطن.

سينما ودراما
التحديثات الحية

يعدّ يعقوب السبيعي من روّاد الشعر في الكويت، وينتمي إلى الجيل الثالث المُجدد في حركة الشعر الكويتي، برفقة الشاعرين خليفة الوقيان وعبد الله العتيبي، بعد رائد الجيل الأول الشاعر فهد العسكر، والجيل الآخر الذي في مقدمته الشاعر أحمد العدواني، خاصة أنه إلى جانب اشتغاله على كتابة القصيدة العمودية بلونه الخاص، شق الطريق في كتابة الشعر الحديث على وزن التفعيلة.

واشتُهر السبيعي بقصائده الوطنية ذات اللغة البليغة وغير المتكلفة، حيث يسهل حفظها ويُطرب تردادها، وهو ما دعا وزارة التربية الكويتية إلى تضمينها في مناهج اللغة العربية، حيث نشأت معظم الأجيال الكويتية خلال ما يزيد على العقود الثلاثة الأخيرة على حفظ قصائده. أيضاً ذاع صيته في القصائد المغناة لسهولة الكلمة وعذوبتها في شعره، والتي بلغت أكثر من 50 أغنية أداها عدد من كبار المُطربين، منها "عصفورة ووردة" و"توشحت" من غناء عبد الكريم عبد القادر، و" يا قربك لي" من غناء محمد المسباح، و"سلام سلام" من غناء عبد الله الرويشد، و"تدور النجوم" من غناء نبيل شعيل.

كما غُنيت له العديد من الأغنيات والأوبريتات الوطنية، منها أوبريت "مسافة المحبة" في مهرجان القرين الثقافي الأول عام 1994، وأوبريت "وتبقى الكويت" من غناء الفنان عبد العزيز المفرج المعروف باسم شادي الخليج عام 2014، الذي أدى له أيضاً أغنية "يا قائد العمل النبيل" عام 2018 في الذكرى الرابعة لتكريم الأمم المتحدة أمير الكويت الراحل، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، بتسميته قائداً للعمل الإنساني ودولة الكويت مركزاً للعمل الإنساني.

ومن أشهر قصائده الوطنية المغناة على الإطلاق، أغنية "كُلنا للكويت والكويت لنا" عام 1986، من غناء نوال الكويتية وعبد المحسن المهنا وعادل الرويشد، وأغنية "هلّي على الكويت يا شمس الأعيادِ" عام 1989، من أداء فرقة التلفزيون، والتي يُعيد تلفزيون دولة الكويت الرسمي بثّها سنوياً في ليلة عيدي الفطر والأضحى.

شارك السبيعي في العديد من المهرجانات والمؤتمرات والأمسيات الشعرية والأسابيع الثقافية داخل البلاد وخارجها، كان أبرزها ليالي الكويت الثقافية في البلقان في البوسنة والهرسك عام 2012، وهو ممثل الشعر في الكويت إلى مهرجان ستروجا في يوغوسلافيا، وإلى مهرجان بهويال في الهند.

ونعى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الشاعر يعقوب السبيعي برحيله، قائلاً إنه "قامة ثقافية كبيرة بإسهاماته البارزة في الحركة الثقافية بالكويت والوطن العربي، إلى جانب أعماله الرائدة في الأغنية الوطنية، وله العديد من القصائد الشعرية، التي اتسمت بالجمال والمعاني الإنسانية الراقية، ولقد دُرّست نماذج من شعره في المناهج التعليمية".

المساهمون