نشرت مؤسسة المراقِب للأبحاث ومقرها نيودلهي الهندية ورقة تحليلية تطرقت إلى القضية الفلسطينية وأكدت فيها أن "مواقع التواصل الاجتماعي كانت إحدى أقوى الأدوات التي يستخدمها رواد الإنترنت لتسليط الضوء على الأعمال الوحشية المختلفة التي يمارسها الجيش الإسرائيلي في فلسطين والتأثير على الرأي العام".
وقالت الورقة، التي كتبها الزميل المشارك غير المقيم في المؤسسة، محمد سنان سياش، إنه "حتى النصف الثاني من عام 2023، كانت دول الشرق الأوسط والدول الإسلامية قد أبعدت القضية الفلسطينية إلى الهامش، وغالباً ما فضّلت مكاسب السياسة الواقعية على إظهار الدعم الأيديولوجي لفلسطين"، لكن أدّت الحرب على غزة "إلى إدانات واسعة وتغييرات جيوسياسية كبيرة في المنطقة".
وفي هذا الإطار، عمل صحافيون مثل وائل الدحدوح ومواطنون صحافيون مثل معتز عزايزة، "على توثيق قضايا مختلفة في فلسطين تجاوزت وسائل الإعلام التقليدية ووصلت إلى المواطنين العاديين في جميع أنحاء العالم"، كما تشير الورقة.
مواقع التواصل تؤثر على واقع القضية الفلسطينية
تضيف الورقة: "كان التأثير شديداً للغاية لدرجة أن مسؤول تيك توك اضطر إلى إصدار توضيح مفاده بأن خوارزميته ليست لصالح الرأي المؤيد للفلسطينيين، ولكن مستخدمي تيك توك أنفسهم كانوا ينشرون بأغلبية ساحقة منشورات مناصرة للغزيين".
وبالإضافة إلى ذلك، فإن وسائل الإعلام التقليدية والبديلة، التي لم تلتزم بسياسات الحكومات الغربية بشأن العدوان، أعطت المزيد من الخيارات للجمهور لاستهلاك الأخبار المؤيدة للفلسطينيين.
وكان لهذا تأثير قوي على السياسة الداخلية في بلدان عدة. على سبيل المثال، انخفض دعم الرئيس الأميركي، جو بايدن، بشكل ملحوظ بسبب القضية الفلسطينية.
ويعلّق الباحث: "كانت هذه إحدى الحالات الأولى التي أدت فيها قضية من السياسة الخارجية، لا تتعلق بجنود أميركيين، إلى انخفاض معدلات التأييد".
في الولايات المتحدة
أطلقت الولايات المتأرجحة مثل ميشيغين وأريزونا ومينيسوتا وغيرها، التي تضم أعداداً كبيرة من السكان العرب الأميركيين، حملات للتصويت ضد الديمقراطيين، مما أدى إلى تحركات مثل الكشف عن سجل الإسلاموفوبيا لتهدئة الناخبين المسلمين.
و"من الأمور المحبطة للقيادة الإسرائيلية أنها لم تنجح في تحقيق هدفها الأولي المتمثل في تدمير حركة حماس فحسب، بل لقد أحيلت تصرفاتها أيضاً إلى محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية. ورغم عدم صدور حكم ملموس، فإن المداولات بشأن تصرفاتها جاءت بمثابة ضربة قوية لصورتها في محكمة الرأي العام العالمي" تذكّر الورقة.
كما يذكّر الباحث بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كان يرفض بشدة حل الدولتين معتبراً إياه تهديداً أمنياً، لكن "هذه الدعوات ازدادت قوة منذ بدء الحرب" على غزة.
وبالمثل، تأثرت دول عربية بضغوط الرأي العام في مواقع التواصل. فاستدعت البحرين، التي طبّعت العلاقات مع إسرائيل، سفيرها في دولة الاحتلال، ما يدل على تراجع المكاسب السياسية التي حققتها إسرائيل في المنطقة، تقول الورقة التحليلية.
وأظهر استطلاع أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الشهر الماضي، نُفذ على عينة حجمها 8000 مستجيب ومستجيبة، في 16 مجتمعًا عربيًا، أنّ 97 في المائة من المستجيبين يشعرون بضغط نفسي (بدرجات متفاوتة) نتيجة للحرب على غزة. بينما عبّر 69 في المائة من المستطلعين عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، في حين أفاد 23 بالمئة بأنهم متضامنون مع الشعب الفلسطيني وإن اختلفوا مع فصائل المقاومة.