الفنانون يواجهون برامج الذكاء الاصطناعي التي تستنسخ أساليبهم

29 مارس 2023
عرضت في هولندا نسخة أنتجها الذكاء الاصطناعي من لوحة فيرمير (سيمون وولفهارت/ فرانس برس)
+ الخط -

يخوض الفنانون معركة عبر الإنترنت وفي قاعات المحاكم، ضدّ الذكاء الاصطناعي الذي ينسخ في ثوانٍ أساليبهم التي احتاجوا سنوات لتطويرها، بحسب وكالة فرانس برس.

خلال العام الماضي، اندلعت موجة غضب في أوساط الفنانين بعد إطلاق برامج الذكاء الاصطناعي التوليدية التي تستطيع محاكاة طرقهم وإنتاج أعمالٍ فنيّة مطابقة لأعمالهم.

ويمكن لأيّ مستخدم لبرامج الذكاء الاصطناعي الحصول على صور أو رسوم بأسلوب أيّ فنان، لكن من دون الحصول على موافقته أو الإشارة إليه أو تعويضه مالياً.

نتيجةً لذلك، قامت مجموعة من الفنانين، من بينهم الرسامتان سارة أندرسن وكارلا أورتيز، في يناير/كانون الثاني الماضي، برفع دعوى قضائية جماعية ضدّ ثلاثة من برامج الذكاء الاصطناعي لتوليد الصور على الإنترنت، وهي "دريم آب" و"ميدجورني" و"ستايبل ديفيوجن".

وقالت أندرسن لوكالة فرانس برس إنّها شعرت بـ"الانتهاك" عندما شاهدت لأوّل مرة رسماً يستنسخ أسلوب كتابها الهزلي "فانغز" (الأنياب)، أنتج بواسطة برنامج للذكاء الاصطناعي. دفعها ذلك إلى التعبير عن غضبها وانزعاجها من الأمر عبر "تويتر"، فحظيت بتفاعل كبير من المستخدمين، وأدى بكثيرٍ من الفنانين الغاضبين بدورهم للتواصل معها ومشاركة تجاربهم معها.

ويأمل مؤيدو الدعوى في التأسيس لسابقة قانونية تسمح بالسيطرة على نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية التي تنسخ أساليب الرسامين.

تكنولوجيا
التحديثات الحية

يريد هؤلاء أن يُفرض على منشئي الذكاء الاصطناعي الحصول على إذن لاستخدام أعمالهم في برامج التدريب، مع إمكانية إزالتها في حال رغب الفنان في ذلك. كما يطالبون بالحصول على تعويض مادي مناسب.

وقالت أورتيز لـ"فرانس برس": "نحن منفتحون للحديث حول تصوّرنا لما يجب أن يكون عليه الأمر"، لافتةً إلى أنّه سيكون من الخطأ أن يحصل الفنانون على بضعة سنتات، فيما تحصل الشركات على الملايين".

رخيص وسهل

يتشارك الفنانون عبر منصات التواصل الاجتماعي قصصاً عن خسارتهم للوظائف وفرص العمل بسبب الذكاء الاصطناعي.

وتشير الدعوى المقدّمة من مجموعة الفنانين أنّ مصمّم ألعاب فيديو، يدعى جيسون ألين، فاز السنة الماضية بمسابقة معرض ولاية كولورادو عن أعمالٍ أنتجها باستخدام "ميدجورني".

ونُقل عن ألين قوله لصحيفة نيويورك تايمز: "مات الفن. لقد انتهى. لقد انتصر الذكاء الاصطناعي، وخسر البشر".

وفي هولندا، أثار متحف موريتشويس جدلاً واسعاً بعد عرضه صورة أنتجت بواسطة الذكاء الاصطناعي مستوحاة من لوحة فيرمير الشهيرة "الفتاة ذات القرط اللؤلؤي".

أمّا في الولايات المتحدة، فقد أثارت فرقة باليه سان فرانسيسكو ضجة باستخدام "ميدجورني" لإنشاء رسوم استخدمت في الترويج لعروض "كسارة البندق" في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وترى أندرسن أنّ ذلك "نتيجة طبيعية لوجود أداة سهلة ورخيصة ومتاحة للجميع"، مضيفةً: "بالطبع سيستخدمون هذا الخيار، حتّى لو كان غير أخلاقي".

ولم تستجب شركات الذكاء الاصطناعي المشمولة بالدعوى لطلبات التعليق من "فرانس برس".

وقدّم مؤسّس شركة ستابيليتي إي آي ورئيسها التنفيذي عماد مستقي، برامج الذكاء الاصطناعي التوليدية على أنّها "أداة" يمكن أن تستخدم "لإنتاج صور" و"توفير طرقٍ جديدةٍ للتفكير بالنسبة للفنانين"، كما يرى أنّ برنامجه سيسمح لمزيدٍ من الناس بأن يصيروا فنانين.

لكن ذلك لا يحظى بموافقة الكثير من النقاد. يعتبر هؤلاء أنّ قيام شخصٍ بالطلب من برنامج للذكاء الاصطناعي بإنتاج رسم أو صورة لا يجعل منه فناناً.

واعتبر مستقي أنّ استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل غير أخلاقي أو مخالفٍ للقانون هو مشكلة من يستعملونه بهذه الطريقة، وليس من مسؤولية الشركات.

موت الإبداع؟

يرجح أن تقوم الشركات المدعى عليها بالدفاع عن نفسها ضدّ مطالب الفنانين باستخدام حجّة "الاستخدام العادل".

وقال المحامي والمطور ماثيو باتريك: "الكلمة السحرية المستخدمة في نظام المحاكم الأميركية هي كلمة تحويلية"، مضيفاً: "هل هذا استخدام جديد للعمل المحمي بحقوق الطبع والنشر، أم أنّه يأخذ مكان العمل الأصلي في السوق؟".

ولا يكتفي الفنانون بالدعاوى القضائية، لكنّهم يسعون أيضاً للحصول على مساعدة تكنولوجية للدفاع عن أنفسهم في وجه برامج الذكاء الاصطناعي. إذ أطلق فريق من جامعة شيكاغو خلال الأسبوع الماضي، وبدفعٍ من الفنانين، برنامج "غلايز" للمساعدة في حماية الأعمال الأصلية.

ويضيف طالب الدكتوراه المسؤول عن المشروع، شون شان، أنّ البرنامج يضيف طبقة من البيانات فوق الصور غير مرئية للعين البشرية، لكنّها بمثابة "شرك" للذكاء الاصطناعي. يضع ذلك على الفنانين مسؤولية تبنّي "غلايز" واستعماله من عدمها. يدفع ذلك بباتريك لتوقع حصول "لعبة القط والفأر" بين الإنسان والذكاء الاصطناعي الذي سيكتشف طرقاً للتغلب على هذه الدفاعات.

إضافةً إلى ذلك، يخشى باتريك من تأثير الذكاء الاصطناعي على روح الإنسان. وقال: "رسم الخيال العلمي نهاية العالم على يد الذكاء الاصطناعي في صورة الروبوتات التي تهبط على قمّة التل وتسيطر عليه باستخدام مسدسات الليزر".

أكمل: "لكنّني أعتقد أن الطريقة التي سيهزم بها الذكاء الاصطناعي البشرية هي عندما يستسلم الناس وتغيب رغبتهم بإنشاء أشياء جديدة، الأمر الذي سيسحب الحياة من الإنسانية".

المساهمون