بدا الأخوان صبّاغ، المولعان بنبذ العنف والطائفية، أقرب إلى لغة الكتب والوعظ، في إطار مسرحي متقن في ديكوره وأدوار الممثلين. لكنّه قريب من التقليدية الواضحة في مسرح الرحابنة، إن عبر اللوحات الغنائية الاستعراضية، أو في الحوار الغنائي بين البطل، يوسف الخال، والبطلة الجديدة، كارين رميا. وهي تقترب بصوتها وأدائها من صوت، هبة طوجي.
وعلى الرغم من ضعف صوت، يوسف الخال، في الغناء، جاء تماسكه في الأداء والتمثيل منقذاً للتطويل والسياق العام غير المبرّر للعرض. إذ كان يمكن اختصار المسرحية كلّها في خمسين دقيقة، خصوصا أنّها دخلت مرحلة يوميات أشهر سجون لبنان "رومية" الذي يعاني ما يعانيه من مشاكل، أهمّها الطائفية لدى السجناء، وتقاتلهم، الذي لا يهدأ إلاّ بعد تدخل الجيش اللبناني في الفصل بينهم.
يستعين ضابط في الجيش هو "المغوار"، يوسف الخال، بخبراء يابانيين يقومون بدراسة معمقة لواقع الطائفية في السجن، ويخترعون دواءً للحد من أثر هذه الطائفية المدمر. ليس بعيداً من مشهد الدواء الياباني في "الطائفة 19" لجوء المخرجة، نادين لبكي، إلى الـ"حشيش" في فيلمها "هلّق لوين". والاثنان يستعيران من الفنان، زياد الرحباني، جملته الشهيرة في إحدى مسرحياته "الحشيش نبتة بتقضي على الطائفية".
الهدف هو القضاء على الطائفية، باختلاف بسيط، أنّ الأخوين صباغ اختارا اليابان، ربما كي لا يقعا في فخّ حسابات الدول الأخرى، المتنازعة مصالحها ضمن التركيبة اللبنانية.
في المقابل يأتي المكان سجن "رومية" لما يحمله من رمز بالنسبة إلى اللبنانيين، كنقطة انطلاق الإطار المسرحي في الفصل الأوّل، ثم هناك مكبّ النفايات في بيروت واسمه "مكبّ الكرنتينا"، الذي هو مسرح الفصل الثاني من مسرحية "الطائفة 19".
كلّ ذلك وسط دلالات وإسقاطات تعلو وترتفع وتذهب باتجاه قصّة حبّ بين "الضابط" والسجينة المتهمة بقتل زوجها "سارة"، كارين رميا، قتلته لأنّه كان عنيفاً ويضربها، التي دوّنت مذكّراتها داخل السجن إلى ابنتها، بعد نهاية مأساوية بقتل المساجين الـ18 الذين عولجوا من داء الطائفية بالحبّة اليابانية.
لكنّ مصالح فريق آخر من اللامذهبيين، أراد إنهاء الطائفية باعتناق الإلحاد مذهباً ضمن الوطن، تنهي زمرة السجناء الذين رفعوا شعار "عندما يزيد الإيمان تقلّ الطائفية"، لأنّهم ببساطة تمسّكوا بإيمانهم ومعتقداتهم.
يبقى في النهاية أنّ حلم الأخوين صباغ سيبقى أسيراً داخل "قصر المؤتمرات"، على الرغم من حضور سياسي كبير للعرض الأوّل لــ"لطائفة 19". المنظمون وزعوا استمارة عبّأها بعض الحاضرين في الحفل الافتتاحي، وسيطلبون من الحضور تعبئتها، وهي تطالب الدولة اللبنانية بإقرار قانون الطائفة 19، الذي يكفل حرية المعتقد، وينهي داء الإرث الطائفي المتواتر منذ القدم عند اللبنانيين.
تعرض المسرحية أيام الخميس، والجمعة، والسبت، الساعة 8.30 ليلاً بتوقيت بيروت والأحد، الرابعة بعد الظهر بتوقيت بيروت.