- "بريتانيكا" تحدث محتواها بانتظام لتشمل معلومات حول الأزمات العالمية، بما في ذلك القضية الفلسطينية، مما يعكس رغبة القراء في فهم الأحداث الجارية والتاريخ المعقد للمنطقة.
- المقالات المتعلقة بالصهيونية في "بريتانيكا" تعتمد بشكل كبير على مصادر صهيونية، مما يثير تساؤلات حول التوازن والموضوعية في تقديم المعلومات ويسلط الضوء على أهمية التنوع في المصادر لتقديم رؤية أكثر شمولية وتوازنًا.
تصدّرت "الصهيونية" المواضيع الأكثر قراءة في موسوعة بريتانيكا الشهيرة، بالتزامن مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي خلّف حتى حدود اليوم الثلاثاء 34 ألفاً و789 شهيداً و78 ألفاً و204 إصابات، فيما تستعد دولة الاحتلال لقتل المزيد مع بدء الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية في رفح، وتوجيه تحذيرات إلى 100 ألف فلسطيني بـ"إخلاء" شرق المدينة قسراً والتوجه لمنطقة المواصي جنوب غربي القطاع، وذلك بالرغم من صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار فوراً، ورغم مثول إسرائيل، (نتيجة الحركة الصهيونية)، أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب إبادة جماعية.
و"بريتانيكا"، أو دائرة المعارف البريطانية، هي موسوعة عمرها أكثر من 250 عاماً، من بين مؤسسيها العالِمان ماري كوري وألبيرت أينشتاين، وتحقق أكثر من 7 مليارات قراءة سنوياً في 150 دولة. ويحدّث الموقع الإلكتروني للموسوعة محتواه بأنواع المعرفة والعلوم، بالإضافة إلى السير الذاتية للشخصيات التي تتصدّر عناوين الأخبار، وبمعلومات ذات سياق تاريخي حول الأزمات العالمية الجارية، بما في ذلك العدوان الإسرائيلي الجاري على غزة.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي أبدى قرّاء الموسوعة نهماً للتعرّف على القضية الفلسطينية، كما أظهرت قائمة المواضيع الأكثر قراءة في موقعها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث احتلّت المواضيع المرتبطة بالقضية الفلسطينية المراتب الأربع عشرة الأولى كلها. و26 من أصل 30 موضوعاً الأكثر قراءة في الموسوعة كلها كانت مرتبطة بالقضية، بما في ذلك "فلسطين" و"قطاع غزة" و"إسرائيل" و"حماس". كذلك أبحر القرّاء حينها في الحروب العربية الإسرائيلية، وحرب الأيام الستة، وقرار تقسيم فلسطين، ووعد بلفور، والانتفاضة.
وتعرّف "بريتانيكا" الصهيونية على أنها "حركة قومية يهودية كان هدفها إنشاء ودعم دولة قومية يهودية في فلسطين، الوطن القديم لليهود (بالعبرية: إيرِصْ يسرائيل، "أرض إسرائيل"). على الرغم من أن الصهيونية نشأت في أوروبا الشرقية والوسطى في الجزء الأخير من القرن التاسع عشر، إلا أنها في كثير من النواحي استمرار لارتباط اليهود والديانة اليهودية القديم بالمنطقة التاريخية في فلسطين، حيث تقع إحدى تلال القدس (استخدمت الاسم الانكليزي جيروزاليم) القديمة التي كانت تسمى صهيون".
مقال الصهيونية يعتمد مصادر صهيونية
تقول الفقرات الأخيرة من المقال: "وهكذا، وبعد مرور 50 عاماً على المؤتمر الصهيوني الأول، وبعد 30 عاماً على وعد بلفور، حققت الصهيونية هدفها المتمثل في إقامة دولة يهودية في فلسطين، ولكنها في الوقت نفسه أصبحت معسكراً مسلحاً محاطاً بدول عربية معادية، واشتركت المنظمات الفلسطينية في الإرهاب داخل وخارج إسرائيل". واستخدم المقال هنا كلمة "إرهاب" بدلاً من "مقاومة" أو أي عبارة أخرى لا تطابق السردية الإسرائيلية.
ولم يعتمد مقال الصهيونية على أي مصدر فلسطيني أو عربي، وفي المقابل اعتمد المقال الأكثر قراءة في إحدى أشهر الموسوعات في العالم على مصادر مثل "الموسوعة اليهودية" التي تقف وراءها منظمة كوبيلمان، التي يديرها رجل الأعمال في قطاع التكنولوجيا، جوش كوبيلمان، الذي سبق وحرّض ضد المدير السابق لقمة الويب العالمية، بادي كوسغريف، عندما انتقد العدوان الإسرائيلي على غزة. وغرّد كوبيلمان حينها بملف بقائمة التغريدات المنتقدة لإسرائيل أو الداعمة للفلسطينيين التي أيدها كوسغريف، كما انتقد قطر حيث أقيمت قمة الويب مؤخراً.
ومن المصادر التي اعتمدها مقال الصهيونية "المكتبة اليهودية الافتراضية"، وهو موقع إلكتروني أنشأته المؤسسة التعاونية الأميركية الإسرائيلية، ووزارة الخارجية الإسرائيلية، وهما مصدران لا يُتوقَّع منهما أن يتحدّثا عن تاريخ الحركة الصهيونية بعيداً عن السردية الإسرائيلية، التي تبرّر حالياً قتل المدنيين وتهجيرهم وتجويعهم بمبرّر دفاع الدولة الصهيونية عن نفسها.
هذا واعتمد المقال على مصادر أخرى مثل موسوعة يهود أوروبا الشرقية من منظمة YIVO، التي تحفظ وتدرس وتدرّس التاريخ الثقافي للحياة اليهودية في أوروبا الشرقية وألمانيا وروسيا، بالإضافة إلى قواعد الإملاء والمعجم والدراسات الأخرى المتعلقة باللغة اليديشية، إلى جانب مقالات من جامعة ميتشيغن ومنصة أكاديميا.
يُذكر أن الرواية الصهيونية تعتمد أساساً على إعادة صياغة تاريخ قيام الكيان الصهيوني وما سبقه من أحداث سياسية واجتماعية، لكي تضفي على "الدولة" القومية اليهودية صفة المشروعية، وتُصوّر حدثَ تأسيسها على أنّه جزء من موجة إنهاء الاستعمار التي تَلَت تفكّك الإمبراطوريات الاستعمارية. وتعمد الصهيونية إلى ما يسمى بـ"التعديل التاريخي"، وهي عملية فكرية يعيد خلالها الباحث النظر وتفسير الحقائق والأحداث التاريخية.