السينما في فرنسا 2023: تحسّن ملحوظ ونقاش حيوي

23 اغسطس 2024
"الصبي ومالك الحزين" لهاياو ميازاكي: للتحريك حضور قوي في فرنسا (استديو غيبْلي)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **انتعاش السينما الفرنسية**: شهدت السينما الفرنسية في 2023 انتعاشاً ملحوظاً، مع بيع 181 مليون تذكرة بزيادة 19% عن 2022، واقتربت نسبة التردد على الصالات من مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19.

- **إنتاج الأفلام وتنوعها**: عاد إنتاج الأفلام الفرنسية إلى مستوياته قبل الأزمة الصحية، مع عرض 298 فيلماً فرنسياً و126 فيلماً غير أمريكي، حيث كانت أفلام المغامرات والكوميديا الأكثر جذباً للجمهور.

- **تحديات وتوجهات مستقبلية**: يواجه الموزعون المستقلون صعوبات في الحصول على صالات، مع تراجع حضور الأفلام الوثائقية، بينما حققت الأفلام القصيرة وفيلم التحريك أرقاماً قياسية.

 

تميّز عام 2023 بحيوية السينما في فرنسا، مع اقتراب مستوى التردّد على الصالات إلى ما كان عليه قبل الأزمة الصحية (كوفيد-19)، وارتفاع الإنتاج الفرنسي من الأفلام، وبالتالي حصته في السوق التي اعتبرت أكثر من مرضية.

تبدي الدراسة الموسّعة والشاملة عن السمعي البصري، التي نشرها أخيراً "المركز الوطني للسينما والصورة المتحركة" في فرنسا، عن عام لافت، مع وصول عدد التذاكر المباعة إلى نحو 181 مليون تذكرة، بزيادة 19%، مقارنة بعام 2022. ورغم اللحظات القاتمة، والتحدّيات التي واجهها الفن السابع مع بداية عامٍ، بدا غير مؤكّدٍ وباعثٍ على التشاؤم، لارتفاع التضخم وأسعار الطاقة، أزاح النجاح القلق جانباً.

أعادت الدراسة سبب النجاح هذا إلى جودة الإنتاج الفرنسي وتنوّعه، واستمرار متعة الفرنسيين في التوجّه إلى السينما. في اقترابها تدريجياً من مستواها قبل الأزمة، تتفوّق فرنسا على دول أوروبية عدّة، مع نسبة تردّد على الصالات تقلّ 13% فقط عن متوسّط فترة 2017 ـ 2019، التي تُعتبر ميزاناً لما قبل كورونا. هذه نسبة أدنى بكثير من تلك المُسجّلة في المملكة المتحدة ( - 29%) وألمانيا ( - 17%).

أشارت الدراسة إلى أنّ الإبداع الفرنسي في أفضل حالاته نتيجة الدعم، مع عرض 298 فيلماً فرنسياً معتمداً من المركز. بذلك، عاد إنتاج الأفلام الفرنسية (زيادة 4% تقريباً) إلى المستويات التي كان عليها قبل الأزمة الصحية، وسجّل الفيلم الفرنسي نسبة 40% في السوق الفرنسية، مع أكثر من 70 مليون مشاهد. ورغم تراجعها 1% عن 2022، لا تزال هذه النسبة مرتفعة، قياساً إلى سنوات ما قبل كورونا. يعود الفضل في ذلك إلى أنّ وجود الأفلام الأميركية لم يزلْ أقلّ من مستوياته السابقة للأزمة، إذْ يكتفي حالياً بحصة لا تتجاوز 42% في السوق الفرنسية (49% معدّله السابق)، مع 86 فيلماً (127 سابقاً). ويفيد تراجع حضور الفيلم الأميركي في السوق الفرنسية الفيلم الآخر، الأوروبي (13%) وغير الأوروبي، الذي وصل إلى 5%، وهذه أعلى نسبة في السوق منذ عام 2014.

في العام الفائت، عُرض 9301 فيلم، 716 منها لأول مرة، وسيطرت عليها الأفلام الفرنسية (406 أفلام). كما شهدت السينما الأخرى (غير الأميركية) صعوداً قوياً، بلغ أعلى مستوى، مع 126 فيلماً، غلب عليها الحضور الهندي (32)، فالياباني (28 فيلماً) والكندي (13) والكوري (6).

بينما يحقّق 50 فيلماً فقط نحو 60% من نسبة المشاهدة كلّها، فإنّ ما يجذب أعداداً تقلّ عن 10 آلاف مُشاهد يبلغ 277 فيلماً، يشكّل الأميركي 13% منها. وعن الأنواع السينمائية التي يميل إليها الفرنسيون، تحتلّ أفلام المغامرات المركز الأول، وهذا يُعتبر قيمة مؤكّدة، ولا تزال تستقطب الجمهور منذ عام 2018، إذْ حقّق 54 فيلماً منها، خاصة الأميركية، 22% من نسبة المشاهدة، تليها أفلام الكوميديا التي حقّقت 20% من 87 فيلماً معروضاً. وتشكّل تلك نحو 80% من الإنتاج الفرنسي، الذي يُقبل عليه 38% من نسبة مشاهدي السينما الفرنسية.

 

سينما ودراما
التحديثات الحية

 

يُذكر أنّ التردد على الفيلم القصير في فرنسا بلغ رقماً قياسياً، بزيادة تجاوزت 12% عن عام 2022. كما شهد فيلم التحريك إنجازاً تاريخياً، مع عرض 59 فيلماً، ما شكّل 6% من مجموع الأفلام المعروضة. ووصل مع الفيلم الدرامي إلى مستويات ما قبل الأزمة. فيلم التحريك الأميركي "الإخوة سوبر ماريو بروز"، لآرون هورفان وميكائيل جيلينيك، المنتج في فرنسا، كان في قمة لائحة الأفلام العشرة الأولى الأكثر شعبية. كما استقطب الياباني "الصبي ومالك الحزين" لهاياو ميازاكي أعداداً كبيرة. أما الوثائقي، فحقّق أسوأ نسبة منذ عام 2015، إذْ شكّل 1% فقط من نسبة المشاهدة، وتراجع حضوره من 137 فيلماً عام 2022 إلى 115، وهذا بعد فترة انتعاش لسنوات عدّة، باتت فيها عناوينه منتشرة إلى جانب الروائي الطويل، ما يدعو إلى السؤال عمّا إذا كان هذا الهبوط يُشكّل طفرة، أم تياراً سيستمر.

يُشار إلى أنّ كلّ شخص في فرنسا يتردّد على صالات السينما بمعدّل 2.7 مرة، وتُسجِّل باريس الرقم الأعلى في نسبة تردّد ساكنيها على السينما، بمعدّل ثماني مرات سنوياً.

في بلد "الاستثناء الثقافي"، عادت الأفلام التي يصنّفها "المركز الوطني" في خانة "فن وتجربة" (التي تتضمّن مختلف الأنواع السينمائية) إلى نسبها السابقة على كورونا، إذْ عرض منها 421 فيلماً جديداً، بينها 266 فرنسياً و26 أميركياً. وبلغ التردّد عليها 26% من نسبة الدخول العامة. بينها، احتلّ الفرنسي "تشريح سقوط" لجوستين ترييه المركز الـ29 في لائحة الأفلام التي باعت أكثر من مليون بطاقة (1.6 مليون)، بينما وصل الأميركي "أوبنهايمر" لكريستوفر نولان إلى المركز الخامس (4.4 ملايين).

هذه الأرقام، "السعيدة" بمعظمها، تغطّي واقعاً أكثر تبايناً، إذْ بَيّن تقرير، نشره قسم "الوساطة السينمائية"، صعوبات متزايدة يواجهها الموزّعون المستقلّون في الحصول على صالاتٍ لأفلامهم ذات التوازن الاقتصادي الهشّ. كما شهد عام 2023 جدلاً حول السينما الفرنسية، التي عانت صدمة غير مسبوقة مع أزمة كورونا، بين مؤيدين للبحث "عن توازنات جديدة"، والحدّ من الدعم الذي تقدّمه الدولة للحفاظ على الاستثناء الثقافي الفرنسي، وأوّله السينما، ومؤيدي تدخل أكبر للسلطات العامة في القطاع.

المساهمون