ألقت أجهزة الأمن بمطار القاهرة الدولي القبض على الصحافي المصري في قناة "الجزيرة"، ربيع الشيخ، أثناء عودته إلى بلاده لقضاء إجازة قصيرة مع عائلته، قادماً من العاصمة القطرية الدوحة، يوم الجمعة الماضي، في وقت التزمت فيه السلطات المصرية الصمت إزاء ملابسات الاعتقال أو أسبابه.
وكشف مصدر مطلع لـ"العربي الجديد"، أن جهاز "الأمن الوطني" التابع لوزارة الداخلية متورط في إخفاء الشيخ قسرياً منذ اعتقاله، إثر خضوع الصحافي لتحقيق مطول داخل مكتب الجهاز في مطار القاهرة، عن طبيعة عمله في قناة "الجزيرة مباشر".
وأشار المصدر إلى إغلاق صفحة الشيخ الشخصية عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" عقب القبض عليه.
من جهته، استنكر "المرصد العربي لحرية الإعلام" إلقاء السلطات المصرية القبض على الشيخ، وترحيله من مطار القاهرة إلى مقر جهاز "الأمن الوطني" مباشرة للتحقيق معه، ثم إحالته إلى نيابة أمن الدولة بضاحية التجمع الخامس، التي قررت حبسه لمدة 15 يوماً بتهمة "نشر أخبار كاذبة".
وأشار المرصد إلى أن الشيخ هو ثالث صحافي يتم حبسه من قناة "الجزيرة مباشر"، إثر اعتقال زميليه بهاء الله إبراهيم، وهشام عبد العزيز، الذي يكاد يفقد بصره في محبسه، بحسب تصريحات أسرته.
وطالب المرصد، السلطات المصرية بالإفراج عن الشيخ وإبراهيم وعبد العزيز، وجميع الصحافيين السجناء الذين يدفعون ضريبة عملهم الصحافي، والبالغ عددهم حتى الآن 65 صحافياً ومصوراً، باعتبار أن الصحافة ليست جريمة.
في موازاة ذلك، سربت الأجهزة الأمنية مقطعاً صوتياً للشيخ مع رئيس تحرير جريدة "الأهرام" السابق، عبد الناصر سلامة، بشأن طلب إجراء مداخلة هاتفية مع قناة "الجزيرة" للحديث عن أزمة سد النهضة، ومقال سلامة الذي طالب فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعلان تنحيه عن السلطة، على وقع تفريطه في جزيرتي "تيران وصنافير"، وحقول الغاز في البحر المتوسط، ومياه النيل بتوقيعه على وثيقة إعلان المبادئ.
ومؤخراً، اعتقل سلامة بسبب مقال نشره بعنوان "افعلها يا ريس"، قال فيه: "لماذا لا تكون لدى الرئيس السيسي الشجاعة الأدبية والأخلاقية، ويعلن مسؤوليته المباشرة عن الهزيمة الثقيلة أمام إثيوبيا، وإضاعة حق مصر التاريخي في مياه النيل، عندما منح الشرعية للسد بالتوقيع على اتفاقية 2015 المشؤومة، وكان يدرك حينها عواقب ما يفعل، ولاحقاً بمنحه الشرعية مرة أخرى باللجوء إلى مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، من دون إعداد جيد".
وأضاف سلامة في مقاله: "السيسي تغاضى عن بناء جسم السد الإثيوبي، وعجز عن اتخاذ قرار عسكري يعيد القيادة الإثيوبية المتآمرة إلى صوابها، كما فشل في حشد التأييد الدولي لقضية مصر العادلة، على الرغم من إنفاق المليارات من الدولارات، من أموال القروض الخارجية، على شراء السلاح وغير السلاح من الدول المؤثرة عالمياً".
وكان الشيخ يعمل صحافياً في جريدة "اليوم السابع"، المملوكة حالياً لشركة تتبع المخابرات العامة، ومقيد في جداول نقابة الصحافيين باسم الجريدة، قبل أن يسافر إلى الدوحة للعمل صحافياً ومنتج برامج تلفزيونية في شبكة "الجزيرة" الإعلامية.
وتزامن اعتقال الشيخ مع ظهور مراسلة قناة "الجزيرة"، شيرين أبو عاقلة، من داخل مصر بعد سنوات من غلق مكتب القناة في القاهرة، بعد حصولها على تصريح من السلطات المصرية، بدعوى إثبات "حسن النوايا" من جانب القاهرة عقب المصالحة مع قطر.
وتشابهت تفاصيل القبض على الشيخ مع تفاصيل اعتقال مجموعة من الباحثين والصحافيين من مطار القاهرة، فور وصولهم إلى بلدهم، ومنهم الأكاديمية عليا مسلم (أخلي سبيلها لاحقاً)، والباحث أحمد سمير سنطاوي، والكاتب الصحافي جمال الجمل، والصحافي هشام عبد العزيز.
وعبد العزيز هو صحافي أيضاً في قناة "الجزيرة مباشر"، وأُوقف في مطار القاهرة في 20 يونيو/حزيران 2019، حيث اقتيد إلى مكتب "الأمن الوطني" في المطار للتحقيق معه لمدة 5 ساعات، تخللها تفتيش أجهزة المحمول، وجهاز الحاسوب الشخصي الخاص به، وجوازات السفر وحقائب السفر الخاصة بزوجته وأولاده.
وعبد العزيز شأنه شأن الشيخ، ليس مداناً في أي قضية، وغير مُحال للقضاء المصري بأي تهمة، ولم يكن مدرجاً على ذمة قضايا عندما عاد إلى القاهرة في زيارة عائلية بمحض إرادته. ويعاني حالياً من مرض "الغلوكوما"، وارتفاع الضغط في العين، ما يسبب إعتاماً في القرنية، وعدم وضوح للرؤية.
كذلك هناك الصحافي المعتقل في السجون المصرية منذ أكثر من عام، بهاء الدين إبراهيم، بعد تلفيق مجموعة من التهم له، من دون دليل إدانة واحد، لا لشيء إلا لعمله كصحافي ومنتج بقناة "الجزيرة" الإخبارية.
وكانت "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" قد أدانت استمرار احتجاز إبراهيم من دون سند قانوني، وعدم السماح له بحضور جلسات تجديد حبسه، بحجة الأوضاع الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا. علماً أنه اعتقل من مطار برج العرب في الإسكندرية بتاريخ 22 فبراير/شباط 2020، ويعاني من ظروف احتجاز قاسية في سجن استقبال طرة.
واعتبرت المنظمة أن استهداف إبراهيم وراءه دوافع انتقامية من الدرجة الأولى، من جهة كونه صحافياً في بلد فقدت فيه حرية الرأي والتعبير احترامها، ومن جهة أخرى كونه موظفاً لدى شبكة "الجزيرة" الإعلامية، التي يحمل لها النظام المصري عداءً خاصاً، ويسعى للنيل من العاملين بها.