الراقصة والاحتلال الفرنسي في "جوقة عزيزة"
ربيع فران
لعل المخرج تامر إسحق هو الوحيد الذي حاول إنقاذ مشاهد مسلسل "جوقة عزيزة"، من تصنّع الممثلين، من خلال اللقطات البعيدة، ما يمكّنه من تحريك الممثلين، بطريقة يمكن بها إشباع، أو إضافة عوالم النجاح إلى السيناريو والقصة. يمثّل "جوقة عزيزة" المحاولة الثانية للكاتب خلدون قتلان في تقديم هذا النوع من الدراما، بعدما أعاد قبل سنوات حكاية تاريخية بقالب فانتازي، في مسلسل "قناديل العشاق"، لكنه لم يلق الصدى المطلوب.
"جوقة عزيزة" يروي باختصار حكاية المغنية والراقصة عزيزة خوخة (نسرين طافش) التي تعمل في الغناء والرقص، وتستند إلى عازف الإيقاع حمدي حميها (سلوم حداد).
تفتقد الدراما السورية لهذا النوع من الدراما. بمعنى آخر، أثرت الدراما السورية في سنوات نجاحها، على العوامل الاجتماعية الواقعية التي طرحتها، واستطاعت القفز إلى المقدمة، ولم تمنح مساحات لدنيا ما يُعرف بـ "العوالم"، أو كما هو الحال في الدراما المصرية، التي اعتبرت شخصية العالمة ركيزة في الأعمال السينمائية والدرامية، منذ البدايات وحتى اليوم.
قبل عام، فشل المخرج والكاتب محمد عبد العزيز في تقديم مسلسل "شارع شيكاغو"، بعدما توسّم كثيرون نجاح الفكرة، خصوصاً أن أعمال عبد العزيز لاقت أصداء واسعة خلال سنوات، لكن المخرج السوري وقع أيضاً في الفخ الذي رسمه صنّاع "جوقة عزيزة"، وضاع في ابتداع شخصية سماهر، الفنانة والمغنية، وحاول إغفال صورة البيئة الشامية التقليدية إبان الاحتلال الفرنسي لسورية. لكنه، من جهة أخرى، سقط في فخ الغرابة، وعدم تبني المشاهد لطرحه، ومر المسلسل مروراً أقل من عادي.
هكذا، باختصار، يمكن تغليب أسئلة كثيرة ستطرح على صنّاع مسلسل "جوقة عزيزة"، وطريقة الدمج التي حاول الكاتب أن يختزلها في دور عالمة تبصر النور على خشبة المسرح، وتحترف دور الفنانة في المستقبل، إلى جانب اتسامها بشخصية المرأة اللعوب التي لا تخسر، أمام مجتمع يحاول النيل منها. نحن أمام كليشيه مُعتمد في المسلسلات السورية التي يُطلق عليها اسم "البيئة الشامية"، يتمثّل في السعي إلى نيل رضا المحتل الفرنسي.
لا يمكن إصدار الحكم النهائي على الممثلة السورية نسرين طافش، بطلة العمل، لكن الواضح أن "الوساطات" لعبت دوراً في تأدية طافش لهذا الدور، بعدما رُشحت زميلتها أمل عرفة للقيام به.
تتكرر صياغة هذا النوع من المسلسلات بطريقة نمطية، لم تعد تشكل مفاجأة عند المشاهد، أو تدفعه إلى حماس المتابعة، والخوض في تفاصيل البيئة والظروف التي تحيط بهؤلاء.
لا يقع اللوم على الكاتب، ولا على المخرج فقط، ثمة مجموعة من الممثلين السوريين المخضرمين الذين شاركوا في "جوقة عزيزة"، ومنهم بالطبع الفنان سلوم حداد، وزميله أيمن رضا وحسام تحسين بيك، في خطوة تعرف نتيجتها سلفاً إذا ما قورنت بمجموعة الأعمال السورية التي لا تعتمد بالضرورة على عوامل أخرى، تزيد من قدرتها على إقناع المشاهد ربما من الدقيقة الأولى لبدء العرض.