الذكاء الاصطناعي وتوليد الموسيقى... نوتات آلية

30 اغسطس 2024
انتهاكاتٌ أخلاقية مرتبطة باستخدام التقنيات الذكية في الفنّ (باتريك لوكس/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تأثير الذكاء الاصطناعي على الموسيقى**: يشهد الذكاء الاصطناعي تطورًا كبيرًا في مجال الموسيقى، حيث يمكنه توليد مقاطع موسيقية معقدة ومؤثرة. منصات مثل Aiva وSuno وMuseNet وMusicLM من جوجل تتيح للجميع إنتاج موسيقى عالية الجودة بتكاليف أقل.

- **التحديات والمخاطر**: يواجه الفنانون تحديات جسيمة بسبب الذكاء الاصطناعي، مثل تقليل قيمة الإبداع البشري وتنميط الموسيقى وفقدان التنوع الفني، بالإضافة إلى إشكاليات أخلاقية تتعلق بحقوق المؤلفين.

- **التوقعات المستقبلية ودور المجتمع**: يتوقع أن يستبدل الذكاء الاصطناعي ملايين الوظائف بحلول عام 2030، مما يفرض تحديات على المجتمع. يجب على الحكومات والمؤسسات الثقافية تحقيق توازن بين الابتكار التكنولوجي والحفاظ على التراث الثقافي.

ما تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل الموسيقى والغناء؟ وما هي أبرز التحدّيات التي تواجِه الإبداع البشري في ظلّ التوليد الاصطناعي. سؤالان لا يمكن الإجابة عنهما من دون الإضاءة على القضايا القانونية والأخلاقية المتعلّقة بهذا المجال، واستكشاف كيفية تحقيق توازُن بين استخدام التكنولوجيا للحفاظ على التراث الثقافي وتعزيز التجارب الفنّية المبتكرة في ظلّ التطور التكنولوجي السريع، وأيضاً تحليل تأثير هذه التطوّرات على المهن الفنّية وسلسلة القيمة في الصناعة الموسيقية، بالإضافة إلى تأثيرها على السيادة الرقمية للمحتوى الثقافي للدول.

حتى زمن قريب، لم يكن بالإمكان تخيُّل أنّ الآلة تصنع مقاطع موسيقية بأنماط متعدّدة بآنية وإقناع. لكن، لا يمكن فصل تطوُّر توليد المحتوى الموسيقي عن بقية المحتويات الأُخرى، وقد أصبح بإمكان بعض منصّات الذكاء الاصطناعي اليوم توليد محتويات موسيقية قد تخدع حتى الأذن البشرية، بل وتخلق أحاسيس ومشاعر مشابهة لتلك التي يحقّقها الفنّانون.

من بين أهمّ وأُولى الشركات التي آمنت واشتغلت على مشروع تطوير صناعة المحتوى الموسيقي عن طريق الذكاء الاصطناعي شركة Aiva التي شهدت منذ عام 2016 كثيراً من التطوّر والانتشار. واليوم، تَعزف موسيقاها أوركسترات عالمية. هذه المنصّة لا تقترح محتويات غنائية تجارية فحسب، بل تُقدّم أيضًا موسيقى للأفلام، والترفيه، وألعاب الفيديو، وحتى في ميدان الإشهار والاتصال.

منصّة Suno أيضاً من بين أهمّ المنصّات الموسيقية اليوم، وتساهم في صنع الكلمات والموسيقى. تسمح Suno للمستخدم باختيار الأسلوب الموسيقي، وموضوع الأغنية، وحتى الإحساس المرجو. الأغاني المنتجة تكون في حدود دقيقة ونصف، ولكن يمكن إطالة المدّة من خلال الاشتراك في النسخة المدفوعة. كما يمكن حفظ المحتويات في الفضاء الخاصّ كنسَخ تجريبية يمكن استعادتها وتعديلها وتطويرها في كلّ مرّة.

أمّا بالنسبة إلى MuseNet، فهو برنامجٌ قريب من ChatGPT (طورته شركة أوين إيه آي)، ويسمح باختيار عشر آلات موسيقية ضمن 15 نمطاً موسيقياً. يمكن لهذا البرنامج محاكاة أعمال لباخ وموتسارت وشوبان، وكذلك فنّانين معاصرين، مثل ليدي غاغا وبون جوفي.

هناك أيضاً MusicLM من شركة غوغل التي طرحته عام 2023. يتميّز هذا البرنامج بتوليد مقاطع موسيقية متناهية الدقّة، والتفاصيل بجودة تضاهي إنتاج الاستوديوهات المحترفة، وذلك عن طريق أوامر نصّية فقط. يمكن اختيار العديد من الأنواع الموسيقية، والآلات، وأجواء العمل، إضافةً إلى الطابع الصوتي (مثل قاعة أوبرا، أو شارع، أو مسرح في الهواء الطلق)، كما يمكن اختيار الحقبة الزمنية للعمل ودرجة التعقيد الموسيقي. إضافةً إلى كلّ هذه التسهيلات، تُقدَّم هذه الخدمات مجّاناً على الإنترنت.

هناك عشرات المنصّات الأُخرى التي تُقدِّم، بدرجات متفاوتة، إمكانية لتوليد المحتوى الموسيقي من كلمات، وألحان، وتوزيعات. نذكر من بينها: Soundraw وUdio وBeatoven وTuney وRiffusion وSoundful وStable Audio.

يُشكّل الذكاء الاصطناعي نقطة تحوُّل تاريخية في مسار الإبداع البشري، وتشهد الموسيقى اليوم انتقالاً إلى عهد جديد؛ عهد ما بعد الذكاء الاصطناعي. يمكن مقارنة هذا التحوّل بتأثيرات تاريخية سابقة، مثل تلك التي أحدثتها الكتابة الموسيقية في مجال التلحين من خلال تدوين النوتات الموسيقية في القرن العاشر، أو ما أضافته طابعة غوتنبرغ في القرن الخامس عشر من تسهيل لنشر وتوزيع المدوّنات الموسيقية، أو حتى دخول الأصوات الإلكترونية إلى عالم الموسيقى الحيّة والمسجَّلة في منتصف القرن العشرين.

هناك العديد من الآفاق الإيجابية والفرص المتاحة لمواكبة هذه النقلة الرقمية، نذكر من بينها دمقرطة عملية الإنتاج الموسيقي؛ إذ يمكن للجميع، بغضّ النظر عن خلفياتهم الفنّية أو مواردهم المالية، المشاركة في إنشاء موسيقى جديدة. وتقليص كلفة الإنتاج، فأصبح بالإمكان إنتاج موسيقى عالية الجودة بتكاليف أقلّ. وإنشاء أشكال فنّية جديدة وفريدة من الموسيقى والفن لم تكن ممكنة في السابق. وتطوير أدوات إبداعية جديدة للموسيقييّن والفنّانين تُمكّنهم من تحسين أعمالهم وتوسيع آفاقهم الإبداعية. وتحسين إمكانية الوصول إلى الموسيقى والفنون للجماهير، ما سيُسهم في تعزيز التفاعل بين الفنّانين والمستمعين. وظهور تغييرات محتملة في تجربة المستمعين والمشاهدين، إذ يمكن أن يؤدّي استخدام الذكاء الاصطناعي إلى تجربة موسيقية وفنّية أكثر تفاعلية وشخصية.

تغيُّر سلسلة القيم

اتّسمت المنظومة التي سارت عليها سلسلة القيمة في الصناعة الموسيقية خلال القرن العشرين بالمرحلية المتتالية؛ فهي تتشكّل من عدّة حلقات تربط بين الفنّان والمتلقّي والمجتمع، عبر مراحل الإبداع والتدريب والتسجيل والإنتاج والتوزيع والتسويق. مع بداية القرن الحادي والعشرين، اختُزل هذا النموذج بدخول الإنترنت كوسيلة انتشار، إضافةً إلى منصّات التواصل الاجتماعي لينشر الفنانون أعمالهم مباشرةً. اليوم، يدخل الذكاء الاصطناعي في جميع هذه المراحل، من التأليف والتلحين إلى الإنتاج والمكسجة والمعالجة التقنية، وصولاً إلى التوزيع واستهداف الجمهور من خلال توصيات الخوارزميات الذكّية.

أخطار الذكاء الاصطناعي على الفنانين

لا يخلو هذا التطوّر من مخاطر جسيمة ستُطاول الفنّان الموسيقي والتقني في كلّ حلقة من سلسلة قيمة الصناعة الموسيقية. فعلى مستوى الإبداع، أصبح واقعاً ملموساً أن يحلّ الذكاء الاصطناعي محلّ المؤلّفين من شعراء وملحّنين وموزّعين، خصوصًا في الإنتاجات الموسيقية التطبيقية، مثل الإعلانات، والموسيقى الخلفية، والمسلسلات، والمحتوى البصري. كذلك، في عملية الإنتاج، قد تُستبدل عملية التسجيل الحيّ بالذكاء الاصطناعي، ما سيؤدّي إلى تقليص التكاليف وتسريع عملية الإنتاج. هذا يعني أيضًا الاستغناء عن العازفين، والأوركسترا، والمغنّين، والكورال.

أمّا في مرحلة ما بعد الإنتاج، فسيُستعاض، تدريجياً، عن تقنيي الصوت والماسترينغ بالذكاء الاصطناعي، ما سيُقلّل التكلفة ويُسرّع العمل، مع إتاحة الفرصة لمزيد من الخيارات غير المتناهية. بالنسبة إلى عملية التوزيع، نشهد اليوم تغلُّب الخوارزميات في البيئة الرقمية على شركات الإنتاج والتوزيع التقليدية. هذا كلّه سيؤدّي إلى تقليل قيمة الإبداع البشري من المؤلّفين والملحّنين والموزّعين الموسيقيّين. ولو أنّ هذا لن يؤثّر على القلّة المتميّزة من الذين صنعوا أسماء كبيرة حتى الآن.

من الناحية الجمالية، قد يؤدّي الاعتماد على الذكاء الاصطناعي إلى تنميط الموسيقى وفقدان التنوّع الفنّي، مع احتمالية تعزيز التحيّزات الثقافية بفعل الخوارزميات. كما سيؤثّر هذا، مباشرةً، على عملية التدريب وتطوير المواهب، ما قد يؤدّي إلى إحباط الشباب المتدرّبين، وفقدان المهارات التقليدية المطلوبة للمؤلّفين والمبدعين، وبالتالي تقليص فرص التطوّر في هذا المجال وفقدان حلقات التلقين والتعليم التي دأبت عليها الإنسانية عبر الأجيال والقرون.

إشكاليات أخلاقية

من الإشكاليات الكبرى التي صاحبت تعميم استعمال الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة، ونبّه إليها الفنّانون والخبراء ومؤسّسات حماية حقوق المؤلّفين، هي الاستعمال غير المشروع للمصنّفات المحفوظة وعدم مكافأة المبدعين الذين تُستغلّ أعمالهم في تدريب الذكاء الاصطناعي، سواء كانت نصوصاً أدبية، أو موسيقى، أو أعمالًا فنّية أُخرى، أو أبحاثًا علمية.

الانتهاكات الأخلاقية المرتبطة باستخدام التقنيات الذكية في الإبداع الفنّي، تُمثّل تحدّيات حديثة تتطلّب حماية قانونية شاملة، خاصّة في ما يتعلّق بحقوق المؤلّفين وحقوق الاستغلال في البيئة الرقمية؛ إذ تمّ التأكيد على ضرورة حلّ المسائل القانونية المتعلّقة بالعوائد المالية للاستغلال، التي تبقى غير واضحة بسبب الترسانة القانونية غير المحيَّنة.

توقّعات المستقبل

يتوقّع تقرير "رؤية أكسنتشر للتكنولوجيا 2023" أنّ الذكاء الاصطناعي سيتوفّر بأكثر من 100 لغة في سنة 2025، كما سيشهد عام 2027 دخول التحف الفنّية المولَّدة بالذكاء الاصطناعي إلى المتاحف العالمية. أمّا في عام 2029، فإنّ ثلث الإعلانات ستولَّد تلقائيًا عبر منصّات التواصل الاجتماعي. وتوقع تقرير من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة بوسطن يتوقّع أن يحلّ الذكاءُ الاصطناعي محلّ ما يصل إلى مليوني عامل في قطاع التصنيع بحلول عام 2025.

وفي بحث لجامعة نكسفورد الأميركية تحت عنوان "كيف سيؤثّر الذكاء الاصطناعي على الوظائف: كم عدد الوظائف التي سيستبدلها الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030؟"، فإنّ الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يَستبدل ما يعادل 300 مليون وظيفة بدوام كامل. وقد أشار تقرير من "بنك الاستثمار غولدمان ساكس" إلى أنّ الذكاء الاصطناعي قد يَستبدل ربع المهام الوظيفية في الولايات المتّحدة وأوروبا، ولكنّه قد يُؤدّي أيضاً إلى ظهور وظائف جديدة وزيادة كبيرة في الإنتاجية، كما قد يُسهم في زيادة القيمة السنوية الإجمالية للسلع والخدمات المنتجة عالميًا بنسبة 7%. توقّع التقرير أيضاً أنّ ثلثَي الوظائف في الولايات المتّحدة وأوروبا معرَّضةٌ إلى درجة معيَّنة من الأتمتة بواسطة الذكاء الاصطناعي، وأنّ نحو ربع جميع الوظائف ينفّذها، كاملةً، الذكاء الاصطناعي.
كما أشارت دراسة من معهد ماكينزي غلوبال إلى أنّه بحلول عام 2030، قد يحتاج ما لا يقل عن 14% من الموظَّفين عالمياً إلى تغيير وظائفهم بسبب التحوُّل الرقمي، والروبوتات، وتطوّرات الذكاء الاصطناعي.

المجتمع والمؤسَّسات والدولة

في عالم يشهد تطوّراً تكنولوجياً متسارعاً، يواجه المجتمع الدولي تحدّياً كبيراً يتمثّل في كيفية تحقيق التوازن بين الاستفادة من الابتكار التكنولوجي والحفاظ على التراث الثقافي. فمع انتشار التكنولوجيا الرقمية وتأثيرها العميق على كلّ جوانب حياتنا، أصبح الحفاظ على الهوية الثقافية والموروثات التقليدية مهمّة ملحّة.

تعتمد الدول على سيادتها الرقمية لضمان الحفاظ على هذا التراث، ولكن مع تقدُّم التكنولوجيا وظهور تحدّيات جديدة، تبرُز الحاجة إلى إعادة التفكير في كيفية حماية المحتوى الثقافي في الفضاء الرقمي. في هذا السياق، يتحمّل القطاع الثقافي مسؤوليةً كبيرة في تعزيز التنوّع الثقافي والمحافظة على الإبداع المحلّي والوطني، لا سيما في مواجهة التأثيرات التكنولوجية التي تُهدّد بتوحيد التجارب الثقافية ودعم التحيّز الثقافي والتنميط الفنّي.

ولمواجهة هذه التحدّيات، يصبح التعاون الدولي أمراً لا غنى عنه؛ فالعديد من المسائل المرتبطة بالتكنولوجيا تتجاوز الحدود الوطنية، ما يستدعي تنسيق الجهود على مستوى عالمي لمعالجتها بفعالية. في هذا السياق، ظهرت مجموعة مشاريع ومبادرات تسعى إلى حفظ التراث الثقافي باستخدام التكنولوجيا وتأطير استخدامات الذكاء الاصطناعي، مثل مقترح الصين أمام مجلس الأمن عام 2016، واللائحة العامّة لحماية البيانات التي أقرّها البرلمان الأوروبي في إبريل/نيسان من العام نفسه، إلى جانب قوانين وإرشادات صدرت في كلّ من بريطانيا والولايات المتّحدة والاتحاد الأوروبي، تهدف جميعها إلى حماية القيم الثقافية في عصر الرقمنة. آخر هذه الانجازات، AI Act، الصادر عن الاتحاد الأوروبي في مارس/آذار 2024، وهو نصّ تشريعي دولي يهدف إلى تنظيم استخدامات الذكاء الاصطناعي مع التركيز على حماية التراث والفعل والفاعل الثقافي.

بدورها، تشتغل منظمة يونسكو على هذا الموضوع منذ سنة 2018 عبر تقارير اتفاقية 2005 لحماية وتعزيز تنوّع أشكال التعبير الثقافي، كما اعتمدت المنظّمة الأممية في ديسمبر/كانون الأوّل 2021 توصية تاريخية تتعلّق بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وهي الأُولى من نوعها على مستوى العالم؛ إذ تهدف هذه التوصية إلى وضع إطار أخلاقي واضح للتعامل مع التكنولوجيا المتقدّمة، مع التركيز على مبادئ رئيسية شملت فيها السياسات في ميادين الثقافة والتربية والتعليم والبيئة والاتصال والمعلومات والبيانات والمساواة بين الجنسين... إلخ. تتناول التوصية كيفية تطبيق هذه المبادئ في مختلف المجالات، بما في ذلك المجال الثقافي؛ إذ تُركّز المواد من 94 إلى 100 على كيفية إدماج هذه المبادئ في السياسات الثقافية، بما يتماشى مع أهداف اتفاقية عام 2005 التي تهدف إلى الحفاظ على التنوّع الثقافي وتعزيز الابتكار التكنولوجي بتوازن.

وعام 2023، أسّست "يونسكو" فريق تفكير حول تنوُّع أشكال التعبير الثقافي في البيئة الرقمية، مكوّناً من 18 خبيراً دولياً، يتركّز عمله على أربعة مواضيع رئيسية: تعزيز تنوُّع اللغات في المحتوى الثقافي الرقمي، وتحسين اكتشاف المحتوى الثقافي الوطني والمحلّي على المنصّات الرقمية، وضرورة زيادة الشفافية في المنصّات الرقمية حول القضايا الثقافية بما في ذلك حماية الحرية الفنّية. وأخيراً، تأثير الذكاء الاصطناعي على الصناعات الثقافية والإبداعية.

ستتجسّد مخرجات اجتماعات هذا الفريق (مدينة كيبك - مايو/أيار، وباريس - نوفمبر/تشرين الثاني 2024) في صياغة مجموعة من التوصيات العملية، التي تُقدّم إلى اللجنة الحكومية والمؤتمر العام لـ"يونسكو" بحضور 156 دولة عضواً في اتفاقية 2005 المقرَّر أن تُعقد في باريس في فبراير/شباط ويونيو/حزيران 2025. تُشكّل هذه التوصيات خطوةً هامّة نحو تعزيز تنوّع التعبيرات الثقافية في العصر الرقمي وضمان الحفاظ على القيم الثقافية وحمايتها في ظلّ التطوّرات المتسارعة التي تشهدها البيئة الرقمية.

هكذا، يتّضح أنّ الذكاء الاصطناعي يحمل في طيّاته إمكانيات هائلة تُؤثّر بتزايُد على مجال الموسيقى والغناء، وتُعيد تشكيل سلسلة القيمة، وتُعزّز من الآفاق والفرص المتاحة. ومع ذلك، لا يمكن إغفال المخاطر التي ستواجهها المهن الموسيقية بسبب هذه التكنولوجيا، ولا سيما في ما يتعلّق بالممارسات والإبداع والإشكاليات الأخلاقية والحقوق المعنوية.

التحديات التي تواجهنا اليوم ليست مجرّد عقبات، بل هي فرص لإعادة التفكير في كيفية دمج التكنولوجيا، إيجاباً وباستدامة في عالمنا اليوم، إذ يطرح الذكاء الاصطناعي تحدّيات وأسئلة محدثة وحثيثة حول المسؤولية والعدالة وحماية التراث الإنساني والحفاظ على البيئة.

تُشير التوقّعات المستقبلية إلى أنّ المجتمع والمؤسّسات والحكومات لا ينبغي أن تكتفي بدور المتفرّج أو المستهلك فحسب، بل عليها أن تلعب دورًا نشطًا في معالجة هذه التحدّيات إزاء النموذج الهيمني الذي تفرضه الشركات التكنولوجية العملاقة، وذلك من أجل ضمان استخدام متوازن للذكاء الاصطناعي ما بين تشجيع للابتكار التكنولوجي وصون للممارسات والإبداع البشري.

المساهمون