تدخل الدراما اللبنانية نفق التناقض الواضح في خطين متوازيين لا يلتقيان؛ يتمثّلان في الدراما اللبنانية الضعيفة، والدراما المشتركة التي تصدرت المشهد العربي عموماً، وتم عرضها في أوروبا وبعض دول أميركا اللاتينية مُدبلجة.
لسنوات طويلة، اعتمد المُنتج مروان حداد على الممثلين الدخلاء، بعضهم حاول الخروج عن طاعته؛ فتخلى عنه وغرد خارج السرب، بينما استمر الضعفاء في العمل بسبب فشلهم في الإنتاجات الأخرى. بعد انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 2019 (سلسلة احتجاجات شعبية) في لبنان، هاجرت بعض شركات إنتاج الدراما اللبنانية إلى الخارج، لتبقى قلة من المنتجين الذين يعملون على أسوأ نمط درامي عرفه لبنان.
آخر ابتكارات شركة "مروى غروب" لصاحبها حداد، استنساخ مسلسل كوري جنوبي عنوانه "عالم المتزوجين" The World of the Married، كان قد عُرض في مايو/أيار 2020.
يروي المسلسل قصة طبيبة متزوجة، متخصصة في طب الأسرة، ولديها ابن. تملك كلّ شيء، بما في ذلك مستقبل مهني ناجح وعائلة سعيدة، لكنّها تتعرض إلى الخيانة من قبل زوجها الذي يحلم بأن يصبح مخرجاً شهيراً. يدير هذا الأخير أعمالاً ترفيهية بدعم من زوجته، ورغم حبه لها، فإنّه يتورط في علاقة.
تحول المسلسل في لبنان إلى عمل يحمل عنوان "الزوجة الأولى" ويُعرض على قناة "الجديد"، وهو من إخراج طوني عاد. بدا واضحاً من الحلقات الأولى كيفية اقتباس النسخة الكورية بضعف ملحوظ، لأسباب كثيرة، منها اختيارات الممثلين وأبطال العمل بطريقة لا تتناسب والشخصيات المفترض أن تنقل وقائع وأحداثا مؤثرة، مقارنة مع مشهد واحد من المسلسل الكوري الذي حقق نسبة متابعة جيدة.
هكذا، يستسهل مروان حداد مجدداً عملية الإنتاج، محاولاً البقاء ضمن محطة واحدة تشتري وتعرض أعماله طوال فصول السنة. لكنّه يعزز في كلّ مرة قاعدة الاستخفاف بالمشاهد اللبناني الذي يتبنى متابعة العمل، بعد سنوات من عروض مماثلة أنتجها حداد، وحققت نسبة مشاهدة جيدة، الأمر الذي يشجع المنتج والمحطة على تقديم المزيد من المسلسلات المشابهة. يدرك حداد جيداً، إلى جانب ثلة قليلة من المنتجين أو الكتاب والمخرجين اللبنانيين، أنّهم يقعون ضمن خط المواجهة مع الشريك اللبناني المتمثل بالفضائيات، التي تعتمد على صيغة الإنتاجات "الجيدة"، أو تلك المطلوبة للعالم العربي، لكنّه لا يريد أن يعترف بأنّ هذا النوع من الإنتاجات سيتوقف يوماً ما، بسبب النصوص والسيناريوهات المتهالكة، التي تزداد سوءاً من مسلسل لآخر. وهذا ما يؤكد أنّ الظروف التي يعيشها لبنان وعالم الإنتاج أو الترفيه اللبناني، تمسّكه مجموعات لا تفقه إلّا بالمصالح الضيقة لأصحابها.
ينعدم سوق لبنان من أيّ إنتاج درامي يستحق الوقوف عنده، رغم ثورة الإنتاج التي يديرها لبنانيون في هذا المجال، والسبب أنّ الجميع يريد النجاح والتسلق من دون النظر إلى المحتوى الواجب مراعاته، والخروج بنتيجة مرضية لكلّ الأطياف والشرائح، إن في لبنان أو حتى في العالم.