الحملة على صحافيي "بي بي سي": فصول جديدة

20 مارس 2024
تظاهرة مناصرة للفلسطينيين أمام مقر "بي بي سي" في لندن (مارك كيريسون/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- "بي بي سي" تواجه انتقادات من الإعلام البريطاني اليميني بعد نشر تحقيق يكشف عن معاملة القوات الإسرائيلية الوحشية للطاقم الطبي في غزة، مما أثار جدلاً واسعاً وطلب توضيحات من الحكومات البريطانية والأمريكية.
- التحقيق يشمل شهادات وتسجيلات فيديو توثق العنف ضد المدنيين في مستشفى ناصر، مما أدى إلى حملات تحريض وتشهير ضد "بي بي سي" والصحفيين المشاركين، خاصة من قبل مؤسسات إعلامية يمينية ومنظمات صهيونية.
- الجدل يتصاعد مع اتهامات بالتحيز ضد إسرائيل وعدم الشفافية من شخصيات بارزة، مما يبرز التحديات التي تواجه الصحافة في تغطية النزاعات والضغوطات على المؤسسات الإعلامية عند معالجة قضايا حساسة.

استشرس الإعلام البريطاني اليميني، وعلى رأسه صحيفة ذا تليغراف، ضد هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" وصحافييها، وصعّد من اتهاماته لها ولهم بالتحيز ضد إسرائيل، منذ نشرها، عبر خدمتيها العربية والإنكليزية، تحقيقاً حول وحشية الاحتلال الإسرائيلي إزاء الطاقم الطبي لمستشفى ناصر في خانيونس جنوبي غزة، بعد اقتحامه في 15 فبراير/شباط الماضي، بزعم أنه يؤوي مقاتلين من حركة حماس.

في 12 مارس/آذار الحالي، نشرت "بي بي سي" الجزء الأول من تحقيقها، وعنوانه "طاقم مجمع ناصر الطبي يروي لبي بي سي تعرضه للإذلال من قبل القوات الإسرائيلية". تواصلت "بي بي سي" مع أفراد طاقم طبي فلسطيني في غزة قالوا "إنه تم تعصيب أعينهم واحتجازهم وإجبارهم على خلع ملابسهم، وتعرضوا للضرب المتكرر على يد القوات الإسرائيلية بعد مداهمة المستشفى حيث يعملون الشهر الماضي". وحصلت "بي بي سي" على تسجيلات الفيديو التي التقطت سراً في المستشفى يوم 16 فبراير، وهو اليوم الذي اعتقل فيه الطاقم الطبي.

ونوهت الهيئة البريطانية إلى أنها قدمت تفاصيل شهادات أفراد الطاقم الطبي إلى الجيش الإسرائيلي، "لكنه لم يرد بشكل مباشر على الأسئلة المتعلقة بهذه الشهادات، كما لم ينفِ مزاعم محددة بسوء المعاملة. لكنه نفى تعرض الطاقم الطبي لأي أذى خلال العملية".

هذا التقرير دفع حكومة المملكة المتحدة إلى مطالبة إسرائيل بإجابات، فيما قالت وزارة الخارجية الأميركية إن إسرائيل تتحمل "مسؤولية أخلاقية" للتحقيق في التقارير الموثوقة عن انتهاكات وخروقات للقانون الدولي الإنساني.

في 14 مارس، نشرت "بي بي سي" الجزء الثاني، عنوانه "عن الخوف وأزيز الرصاص في مستشفى ناصر قبل اقتحام الجيش الإسرائيلي له"، ونقلت فيه شهادات من "أفراد من الطاقم الطبي والمرضى والمدنيين النازحين الذين كانوا يحتمون خارج المدخل الرئيسي للمستشفى، وقد تحدثوا عن محاصرتهم وكيف كان يتم إطلاق النار على أي شخص يحاول التحرّك". وأكدت "بي بي سي" أنها "تحققت من تسجيلات مصورة لـ21 حادثة إطلاق نار أو ما نتج عنها، تم تصويرها من داخل أرض المجمع خلال تلك الفترة. وقد تحققت وتأكدت من إطلاق النار على ثلاثة أشخاص داخل المجمع".

التحقيق الذي استغرق "عدة أسابيع" عملت عليه الصحافية أليس كادي، والصحافي المستقل معاذ الخطيب، والصحافيتان من "بي بي سي نيوز عربي" ماري-جوزيه القزي وسهى إبراهيم، وشون سيدون، وريتشارد إيرفن-براون.

ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف حملات التحريض على "بي بي سي" وعلى صحافييها، وتحديداً ماري-جوزيه القزي وسهى إبراهيم اللتين اتهمتهما مؤسسات إعلامية يمينية بضغط زر "الإعجاب" على فيديوهات تحتفي بعملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر (إبراهيم) ونشر تغريدة (محذوفة الآن) تصف إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري قبل سنوات (القزي)، بينها "ديلي ميل" وقناة "توك تي في" و"نيويورك بوست" و"ذا تليغراف". كما أن حملات التحريض والتشهير لم تهدأ على حسابات مؤيدي الاحتلال الإسرائيلي على منصات التواصل الاجتماعي. وصعدت المنظمتان الصهيونيتان "أونست ريبورتينغ" و"كاميرا" من تحريضهما أيضاً.

وكجزء من هذه الحملة المتواصلة، نشرت "ذا تليغراف"، أمس الثلاثاء، مقالاً لداني كوهين، المناصر الشرس لإسرائيل الذي تولى إدارة تلفزيون "بي بي سي" بين 2013 و2015.

صعد كوهين من التحريض على هيئة الإذاعة البريطانية، محذراً من أن "تحيزها ضد إسرائيل أصبح خطيراً" وبأنه "عار على منظمة ممولة من الحكومة" البريطانية. صب كوهين أيضاً هجومه على صحافيي "بي بي سي" الذين عملوا على التقرير المتعلق بمستشفى ناصر "الذين تعاملوا مع مناهضتهم لإسرائيل كأنها وسام فخر"، وتحديداً القزي وإبراهيم.

لكنه ركز معظم انتقاداته على المديرة التنفيذية لـ"بي بي سي"، ديبورا تورنيس، متهماً إياها بعدم الشفافية وبتغذية "معاداة السامية"، في وقت "يشعر المجتمع اليهودي في بريطانيا بأنه تحت مستوى من التهديد لم يشهده كثيرون في حياتهم"، قال إن الهيئة البريطانية "تساهم في خلق هذا الجو المسموم من خلال تقارير شديدة التحيز والعاطفية".

المساهمون