الحقوق الموسيقية... أغانٍ في مزاد علني

07 مايو 2021
"رِد هوت تشيلي بيبرز" باعت سجلّ أغنياتها إلى صندوق "بريتيش هيبنوسيس" (سكوت غرايس/Getty)
+ الخط -

سددت جائحة فيروس كورونا ضربة قوية لعالم الحفلات، ما حرم الفنانين مصدر دخل رئيسياً، غير أنّ قطاع الإنتاج الموسيقي يحقق نمواً غير اعتيادي، بفضل الطفرة الكبيرة في صفقات بيع حقوق المجموعات الموسيقية.

توفر حيازة حقوق المجموعات الموسيقية التي تتيح تقاضي إيرادات عن كلّ استخدام لأغنية، سواء من خلال التحميل أو الاستعانة بها في فيلم أو إعلان، أرباحاً طائلة على المدى الطويل. ويبدي المستثمرون اهتماماً متزايداً بهذه الحقوق، بعدما أتت جائحة "كوفيد-19" على نسبة كبيرة من الإيرادات في القطاع.

وبلغت صفقات أجريت أخيراً مستويات قياسية، وإن لم يؤكَّد بعضها رسمياً، إذ كشف موقع مجلة "بيلبورد" الثلاثاء، أنّ فرقة الروك البديل الأميركية "رِد هوت تشيلي بيبرز" باعت سجلّ أغنياتها إلى صندوق "بريتيش هيبنوسيس" الاستثماري، أحد أكبر صناديق إدارة الحقوق الموسيقية، مقابل مبلغ قدّر بين 140 مليوناً و150 مليون دولار أميركي.

تأسست فرقة "رِد هوت تشيلي بيبرز" عام 1983، لكنّها لم تحصد الشهرة إلاّ عام 1992، من خلال ألبومها "بلاد شوغر سكس ماجيك" الذي يتضمن أغنية "أندر ذا بريدج" أنجح أعمالها إلى اليوم. ونجحت الفرقة التي يقودها المغني أنتوني كيديس وعازف الباس فلي، في إدراج سبعة من ألبوماتها ضمن الأسطوانات العشر الأفضل مبيعاً في الولايات المتحدة، ومنها "كاليفورنيكيشن" الذي بيع منه أكثر من 15 مليون نسخة في العالم.

ويشكّل حصول الصندوق الاستثماري على سجلّ الفرقة صفقة مهمة جديدة له، بعدما استحوذ قبله على سجلّي أغنيات شاكيرا ونيل يونغ. أنشأ الصندوق، المدير السابق لأعمال إلتون جون وفرقة "أيرون ميدن"، ميرك ميركورياديس. واستثمر مئات الملايين من الدولارات في حقوق الأعمال الموسيقية. وبات الصندوق يدير حقوق مجموعة من الكلاسيكيات الموسيقية الشعبية، فضلاً عن حقوق عشرات الأغاني الناجحة الحديثة، من بينها أغنية "شيب أوف يو" لإد شيران و"أبتاون بانك!" لبرونو مارس.

وأفاد الصندوق الاستثماري بأنّ عائدات المجموعات الموسيقية لا تتأثر بتقلبات السوق، إذ إنّ الأشخاص يستهلكون "الموسيقى باستمرار"، وبفضل خدمات البث التدفقي "يدفعون في الأوقات كلها تقريباً لها"، وفق تقرير أصدره عام 2020.

احتدمت المنافسة في السنوات الأخيرة بين أدوات الاستثمار على غرار "هيبنوسيس" و"كونكورد" و"برايمري ويف"، وبين شركات رئيسية في قطاع التسجيلات وإنتاج الأعمال الموسيقية مثل "يونيفرسال ميوزيك". فقد باع بوب ديلان حقوق كامل مجموعته الموسيقية إلى شركة "يونيفرسال ميوزيك بابليشينغ"، في صفقة قُدّرت قيمتها بـ300 مليون دولار أميركي، في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن العضوان في فرقة "فليتوود ماك"، ليندسي باكينغهام وميك فليتوود، عن صفقات بيع تشمل حقوق أغنية "دريمز" الصادرة في 1977 لشركة "بي إم جي" الألمانية. وحصلت ستيفي نيكس من "فيلتوود ماك" على مائة مليون دولار أميركي، لحيازتها أكثرية الحصص من المجموعة الموسيقية الكاملة للفرقة.

وتملك مجموعة "بي إم جي" أصلاً حقوق ملكية عدد من الفنانين البارزين كديفيد بوي وبرونو مارس وليني كرافيتز وكايلي مينوغ. وأعلنت، في مارس/آذار، أنها ستتعاون مع شركة الاستثمار الأميركية "كيه كيه آر"، للاستحواذ على حقوق أعمال موسيقية. وأوضح الطرفان أنّ سبب الشراكة الجديدة بينهما هو "زيادة الطلب على المحتوى عالي الجودة".

في حديث سابق لوكالة "فرانس برس"، أوضحت ناري ماتسورا، من شركة "ماسارسكي كونسلتينغ" المتخصصة في تقويم المجموعات الموسيقية، أنّ الزيادة "المذهلة" في أسعار المجموعات الموسيقية بدأت قبل عام 2020، لكنّها تعززت بقوة خلال الجائحة. وأشارت ماتسورا إلى أنّ اهتمام المستثمرين في القطاع يزداد أيضاً بفعل ارتفاع إيرادات البث التدفقي، في منحى مرشح للاستمرار طويلاً. وقالت: "نرى أسماء فنانين أيقونيين لم نكن نتخيل يوماً أنّهم سيبيعون" حقوق مجموعاتهم الموسيقية.

يقرر البعض بيع حقوق مجموعاتهم للاستفادة من الأسعار المرتفعة حالياً، فيما الدافع لدى آخرين هو الزيادة المحتملة في الضرائب في الولايات المتحدة، مع وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض.

في السياق نفسه، أشارت المديرة السابقة لـ"جمعية ناشري الموسيقى البريطانيين" جاين ديبال، إلى أنّه "لطالما كانت هناك حركة في الكواليس على صعيد حقوق المجموعات الموسيقية"، غير أنّ صفقات الشراء الكثيرة أخيراً، خصوصاً من جانب "هيبنوسيس"، سلّطت الضوء أكثر على هذه الحركة وزادت قيمتها. وقالت ديبال إنّ "الأسواق المالية تبدو مهتمة بوضوح بالإنتاج الموسيقي".

وبرأي المغني والمؤلف الشهير في فرقة "ذا بيردز" وأحد مؤسسي فرقة "كروسبي، ستيلز أند ناش" ديفيد كروسبي الذي أعلن بيع حقوق مجموعته الموسيقية في مارس/آذار الماضي، فإنّ الجائحة تشكل السبب الأول لهذا المنحى، بعدما حرمت الفنانين مصدر دخلهم الرئيسي، أي الحفلات.

وقال كروسبي، لوكالة "فرانس برس" إنّ "السبب الرئيسي هو أنّنا ببساطة نعيش كلّنا ما يشبه التقاعد القسري، ولا يمكننا فعل شيء". وأضاف: "ما كنت لأبيع (حقوق المجموعة الموسيقية) لو لم أكن مرغماً على ذلك"، منتقداً سياسة منصات البث التدفقي الكبرى التي يقول إنّها تدفع مبالغ زهيدة لأكثرية الموسيقيين، باستثناء الأسماء الكبيرة في الساحة في المرحلة الراهنة.

المساهمون