الحفاضات المستعملة... بديل من الإسمنت لبناء المنازل

27 مايو 2023
تمثل الطريقة المبتكرة في الدراسة نهجاً صديقاً للبيئة (الأناضول)
+ الخط -

يمكن استبدال ما يصل إلى ثمانية في المائة من الرمال في الخرسانة المستخدمة في صنع منزل من طابق واحد بحفاضات ممزقة تستخدم لمرة واحدة، من دون التقليل من متانتها، وفقاً لدراسة نشرت في مجلة "نيتشر سَينتفك ريبورتس"، يوم 18 مايو/ أيار الحالي.

تُعَدّ الحفاضات التي تستخدم لمرة واحدة مصدراً متنامياً للنفايات غير القابلة لإعادة التدوير، وإنتاج الإسمنت مسؤول عمّا يقرب من 7 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، ويستهلك قرابة 50 مليار طن من الرمل كل عام.

يقترح المؤلفون أن استغلال نفايات الحفاضات التي تستخدم لمرة واحدة كمواد بناء للإسكان منخفض التكلفة، في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. يمكن أن تساعد هذه الخطوة أيضاً في تقليل كمية الحفاضات المستخدمة التي تُرسَل إلى مواقع دفن النفايات أو حرقها، من خلال جعلها مورداً ذا قيمة محتملة.

في الدراسة، أجرى المؤلفون تجارب عملية شملت استخدام الخرسانة المصبوبة بالحفاضات لبناء منزل صغير في إندونيسيا، لتوضيح كيف يمكن تحويل هذا النوع من النفايات من مكبات النفايات لبناء مساكن منخفضة التكلفة.

وقالت المؤلفة الرئيسية للدراسة، سيسوانتي زورايدا، الباحثة في جامعة كيتاكيوشو اليابانية، إن بداية العمل على هذا المشروع كانت في أثناء دراستها في معهد باندونغ للعلوم والتكنولوجيا، بالقرب من جاكرتا في موطنها إندونيسيا. وأوضحت في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الهدف الأساسي من التجربة كان توفير مورد جديد للسكن في بلد يعاني من نمو السكان بشكل متسارع، وهو ما يعني زيادة المواليد، ومن ثم زيادة استهلاك الحفاضات. لذلك، اقترحت زورايدا أن استغلال هذه الحفاضات المستعملة، يمكن أن يكون له دور في حماية البيئة، بالإضافة إلى الدور الاقتصادي.

تصنع الحفاضات ذات الاستخدام الواحد عادة من لب الخشب والقطن وحرير الفيسكوز والبوليمرات فائقة الامتصاص، مثل البوليستر والبولي إيثيلين والبولي بروبيلين التي ثبت أن كميات صغيرة منها تحسن الخواص الميكانيكية للخرسانة. يجري التخلص من معظم هذه الحفاضات في مكبات النفايات أو من طريق الحرق.

بتمويل من شركة لإدارة النفايات مقرها في جاكرتا، شرعت الباحثة بتحديد كمية الرمل التي يمكن استبدالها بالحفاضات الممزقة لإنشاء خرسانة مفيدة وملاط (Mortar). "جهزنا عينات من الخرسانة والملاط من خلال الجمع بين نفايات الحفاضات التي يمكن التخلص منها بعد غسلها وتجفيفها وتقطيعها مع الإسمنت والرمل والحصى والماء. ثم عولجَت هذه العينات لمدة 28 يوماً. بعد ذلك، اختبرنا ست عينات تحتوي على نسب مختلفة من نفايات الحفاضات لقياس مقدار الضغط الذي يمكنهم تحمله، من دون أن ينكسر، ثم قمنا بحساب النسبة القصوى من الرمال التي يمكن استبدالها بحفاضات يمكن التخلص منها في مجموعة من مواد البناء التي ستكون ضرورية لبناء منزل بمساحة مخطط أرضي تبلغ 36 متراً مربعاً يتوافق مع معايير البناء الإندونيسية"، شرحت زورايدا.

أظهرت النتائج أنه كلما زادت نسبة نفايات الحفاضات في الخرسانة، انخفضت قوة الانضغاط. لذلك، كانت المكونات الهيكلية، مثل الأعمدة والعوارض، بحاجة إلى نسبة أقل من الحفاضات الممزقة، مقارنة بالعناصر المعمارية، مثل الجدران والكتل الخرسانية.

بالنسبة إلى منزلهم النموذجي المكون من طابق واحد، قدر الباحثون أنه يمكن استبدال 27 في المائة من الرمال بنفايات الحفاضات. ولكن إذا كان المنزل مكوناً من ثلاثة طوابق، فستحتاج النسبة إلى الانخفاض إلى 10 في المائة. في المكونات المعمارية، يمكن استبدال ما يصل إلى 40 في المائة من الرمال بنفايات الحفاضات، مع وجود أعلى نسبة في ألواح الجدران الخرسانية. في الأرضيات ورصف الحدائق التي يجب أن تكون أقوى من الجدران لتلبية معايير البناء، يمكن استبدال 9 في المائة فقط من الرمال بالحفاضات.

تمثل الطريقة المبتكرة في الدراسة نهجاً صديقاً للبيئة ومناسبة من الناحية الاقتصادية للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، لكن هذه البلدان تحتاج أيضاً إلى تعزيز بنيتها الأساسية في ما يخص خطوط نقل وفصل النفايات، ومعالجتها، ومن ثم فرمها وإدخالها في منظومة البناء وفقاً للاشتراطات اللازمة لذلك في كل بلد.

المساهمون