- الهجمات شملت البنية التحتية التكنولوجية، مما أدى إلى خسائر فادحة في القطاع التكنولوجي، عرقلة الابتكار، وحرمان الشباب من فرص العمل، مما يضعف الاقتصاد المحلي ويعيق التحول الرقمي.
- يؤكد المرصد أن هذه الأفعال تشكل جرائم حرب وتهدف إلى جعل قطاع غزة غير قابل للحياة، مما يخلق مجتمعًا مشلولًا غير قادر على التطور أو التعافي السريع، ويهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية.
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن الجيش الإسرائيلي يستهدف، بشكل منهجي، عشرات المبرمجين وخبراء تكنولوجيا المعلومات والعاملين في هذا القطاع الحيوي، في غزة، إلى جانب تدمير مقار شركاتهم.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي في بيان أن "الجيش الإسرائيلي استهدف وقتل أصحاب العقول والخبرات، لاسيما ذوي الكفاءة في مجال تكنولوجيا المعلومات والبرمجة وهندسة الحاسوب والمؤثرين في هذه المجالات الحيوية، كحال نخب أخرى في المجتمع المحلي مثل الأطباء والأكاديميين وغيرهم".
الجيش الإسرائيلي يستهدف الخبراء
وثّق الأورومتوسطي قائمة شملت خبراء عدة في تكنولوجيا المعلومات، بما في ذلك البرمجة والذكاء الاصطناعي، ممن قضوا جرّاء عدوان الجيش الإسرائيلي الذي استهدف أماكن تواجدهم في أماكن متفرقة في قطاع غزة.
من بين هؤلاء مهندس البرمجة البارز، هيثم محمد النباهين، الذي كان يعد أحد أمهر الخبراء في مجاله في القطاع، وقد استشهد مع زوجته المهندسة، نسمة زهير صادق، في قصف إسرائيلي استهدف منزلاً كانا قد نزحا إليه في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة في 14 مارس/آذار الحالي.
وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قتل الجيش الإسرائيلي مدير برامج حاضنة "يوكاس" التكنولوجية التابعة للكلية الجامعية في قطاع غزة، وخريج برنامج زمالة Hubert H. Humphrey الأميركي، طارق ثابت، من خلال قصف استهدف منزله، مما أدى إلى مقتله مع وزوجته وأبنائه ووالديه وعدد من أفراد عائلته.
واستُشهد في قصف إسرائيلي مماثل في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مهندس البرمجيات، براء عبد الله السقا، مؤسِّس شركة DITS والمتخصص في برمجة المواقع الإلكترونية وتطبيقات الهاتف الذكي.
وكان السقا يعد من أشهر المبرمجين الشباب في غزة، وحصل على شهادات وجوائز عدة تقديراً لجهوده في تدريب الموظفين الجدد في المجتمع التقني، فضلاً عن أنه طالب في برنامج الماجستير في مجال هندسة الحاسوب باختصاص الذكاء الصناعي.
وكان السقا قد استُشهد في استهداف لمنزله بشكل مباشر ومن دون سابق إنذار في مدينة غزة، مع زوجته الحامل بطفلهما الأول، وعائلة زوجته.
وتضم القائمة كذلك محمد العطل، الذي استُشهد في 26 أكتوبر/تشرين الأول، وحمزة الشامي في 2 نوفمبر/تشرين الثاني، وكلا من عبيدة خاطر في 20 ديسمبر/كانون الأول، وأنس الشيخ في 9 من الشهر نفسه، وعبد الرحمن حمادة في 15 مارس/آذار الحالي، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من المبرمجين الشباب، بينهم رامي السوسي وعبد الحميد الفيومي وبلال زقوت وأحمد نضال قدورة والمهندس محمد حسونة وغيرهم.
الجيش الإسرائيلي يستهدف مقرّات التكنولوجيا
في الوقت نفسه، وثّق المرصد الأورومتوسطي شنّ الجيش الإسرائيلي هجمات مباشرة ومدمرة استهدفت مقار الشركات الناشئة والمتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والشركات التشاركية في قطاع غزة، في إطار دمار واسع النطاق لحق بالقطاع التكنولوجي واستنزف البنى التحتية ذات العلاقة به.
وقال الأورومتوسطي في تقريره إن القطاع التكنولوجي في قطاع غزة تعرض إلى أضرار فادحة دمرت البنية التحتية والمنشآت وتسببت بفقدان العاملين في القطاع لأعمالهم بفعل تدمير مقار الشركات التقنية والاتصالات، ما قوّض القدرة على استمرار العمل والابتكار في هذا القطاع الحيوي الذي يعتبر أساساً ومُمكّناً لكل القطاعات الاقتصادية والتحول الرقمي.
وأوضح أن قطاع غزة كان يضم قبل بدء الهجمات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة نحو 65 شركة تعمل في مجالات تكنولوجية متعددة، كالبرمجيات والمعدات التقنية والاستشارات والتدريب التقني والاتصالات وغيرها من المجالات الفرعية، توفر فرص عمل لآلاف الشبان والخريجين المتخصصين في هذا المجال.
وذكر الأورومتوسطي أن التقديرات الأولية تفيد بتدمير وتضرر مقار شركات البرمجة وتكنولوجيا المعلومات وخروج 6 حاضنات أعمال عن الخدمة في القطاع وجميع المراكز التكنولوجية، ومنها تلك التي تضمها جامعات قطاع غزة، نتيجة التدمير الكلي أو الجزئي للبنية التحتية.
وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أن "الجرائم التي تنتهجها إسرائيل من استهداف وقتل الكفاءات والنخب الفلسطينية وتدمير واسع النطاق والمتعمد ضد الشركات والبنية التحتية من شأنها عرقلة تطور المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة بشكل عام، وتقويض منظومته العلمية والتعليمية والاقتصادية، وحرمان قطاعاته الحيوية من الكوادر المتخصصة والمميزة التي يصعب تعويضها على المدى القريب، إلى جانب خلق حالة من الذعر والإكراه لدى باقي الكفاءات، الأمر الذي قد يدفعهم إلى الهجرة".
ويرى الأورومتوسطي أن تلك الجرائم تأتي "تنفيذاً للسياسات الإسرائيلية العلنية والداعية إلى جعل قطاع غزة مكاناً غير قابل للحياة والسكن، من خلال تصفية الكفاءات وتدمير مقومات وبنى الحياة الأساسية، مما يهدّد بخلق مجتمع مشلول غير قادر على التطور والبناء، أو التعافي السريع من الآثار المدمرة للجرائم الخطيرة التي ارتكبتها إسرائيل خلال تلك المدة".
وقال الأورومتوسطي إن "جرائم قتل المدنيين وتعمّد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية، وإلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات، ودون اعتبار لقواعد القانون الدولي الإنساني، تعتبر بحد ذاتها انتهاكات جسيمة وجرائم حرب وفقاً لاتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وتشكل كذلك ركناً من أركان جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل ضد سكان قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي".