الاحتلال يتعمّد استهداف الصحافيين في الضفة

11 أكتوبر 2022
مصور تلفزيون فلسطين لؤي السمحان (العربي الجديد)
+ الخط -

تعرّض أربعة صحافيين فلسطينيين لنيران جنود الاحتلال الإسرائيلي الذين استهدفوهم بثلاث صليات متفرقة من الرصاص، لأكثر من خمس دقائق، خلال تغطيتهم الأحداث الميدانية، إثر اقتحام قوات الاحتلال مدينة ومخيم جنين، شمال الضفة الغربية، السبت، حيث قتلت فلسطينيَّين واعتقلت آخر.

مصور وكالة قدس الإخبارية محمد عابد يروي لـ"العربي الجديد" تفاصيل ما جرى، ويقول إنه كان برفقة المراسل الصحافي مجاهد السعدي والمصورين الصحافيين جعفر ونضال اشتية على سطح أحد المباني السكنية المطلة على مخيم جنين، وكانت عدة آليات عسكرية للاحتلال تقف على بعد نحو مائة متر منهم. يقول محمد عابد: "من دون سابق إنذار بدأ جنود الاحتلال بإطلاق الرصاص العنيف نحونا، ولولا سرعة انبطاحنا على الأرض لكنا الآن في عداد الشهداء. الرصاص كان يستهدف المناطق العلوية من الجسم وبمستوى الكاميرات التي كانت منصوبة على الحوامل، ما يعني أن أي إصابة ستكون قاتلة".

في تلك اللحظة، أرسل الصحافي مجاهد السعدي تسجيلاً صوتياً إلى مجموعات خاصة بالصحافيين عبر تطبيق واتساب، وهو يصرخ بأعلى صوته: "طخوا علينا. طخوا علينا". وخلال تسجيله، سمع صوت الرصاص من جديد يطلق على الصحافيين الذي اتخذوا من جدار سطح المبنى حيث كانوا ساتراً. يقول مجاهد السعدي لـ"العربي الجديد": "رأينا الموت بأعيننا. كانت لحظات عصيبة جداً. لقد نطقت الشهادتين من هول ما جرى. لم أعتقد أننا سنخرج سالمين". ويستعيد السعدي ما حصل قائلاً: "كنا نصور كالمعتاد في منطقة محايدة بعيدة عن جيش الاحتلال، وكذلك عن المقاومين الفلسطينيين، وإذ بالرصاص ينهمر علينا، ولولا رحمة الله بنا لأصبنا في مقتل". ويؤكد السعدي - الذي طلب في تسجيله الصوتي تدخل الصليب الأحمر الدولي، لتوفير الحماية له ولزملائه، بعد استهدافهم بالرصاص الحي أكثر من مرة - أن جنود الاحتلال تعمدوا إطلاق الرصاص باتجاه الصحافيين، ويقول: "كنا نرتدي اللباس الخاص بنا الذي يميزنا عن غيرنا ويوضح للجميع أننا صحافيون؛ الخوذة على الرأس والدرع الواقي على الصدر، وهناك كاميرات تلتقط الأحداث. والأهم أنه لم يكن أحد معنا على سطح البناية حتى لا يدّعي الاحتلال عكس ذلك، لكنهم أرادوا قتلنا فقط".

يأتي هذا بعد أيام قليلة من استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحافيين الذين كانوا يعملون على تغطية العملية العسكرية الإسرائيلية في قرية دير الحطب، شرق مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية، في 5 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، ما أسفر عن إصابة مصورين اثنين بالرصاص، وهما المصور المستقل محمود فوزي ومصور تلفزيون فلسطين لؤي السمحان.

يقول السمحان لـ"العربي الجديد"، إن "مجموعة من الصحافيين صعدوا إلى سطح بناية مطلة على مكان وجود قوات الاحتلال التي كانت تحاصر مبنى يتحصن فيه المقاوم سلمان عمران"، ويضيف: "لم نكد نبدأ بالعمل حتى تعرضنا لإطلاق الرصاص العنيف من جنود الاحتلال الإسرائيلي، فالنار أتت من جهتهم". وأصيب السمحان برصاصة اخترقت أعلى يده اليمنى وخرجت من الكتف الخلفي، محدثة كسوراً وجروحاً بليغة، فيما أصيب محمود فوزي الذي كان يقف إلى جانبه بشظايا في يده اليمن، وغادر المشفى في اليوم التالي، فيما لا يزال السمحان يرقد على سرير الشفاء.

من جهتها، استنكرت لجنة دعم الصحافيين بشدة إقدام قوات الاحتلال الإسرائيلي على استهداف الصحافيين الفلسطينيين أثناء تغطيتهم اقتحامات الاحتلال المستمرة للضفة الغربية المحتلة، وآخرها في مدينة ومخيم جنين. وأكدت لجنة دعم الصحافيين أن قناصة جنود الاحتلال يتعمدون إطلاق النار بكثافة على الصحافيين، الأمر الذي يعرض حياتهم للخطر، وطالبت بتوفير الحماية للصحافيين، وضرورة ملاحقة جنود الاحتلال وتقديمهم لمحاكم دولية لعدم إفلاتهم من العقاب، مشيرة إلى أن الاحتلال بكل مكوناته يستهدف الصحافيين والمؤسسات الإعلامية، تارة بإطلاق النار وتارة بالتشويش والاعتقال، ودعت كافة المؤسسات والهيئات الدولية إلى الضغط على الاحتلال لوقف انتهاكاته المنظمة بحق الصحافيين الفلسطينيين.

وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، أصدرت اللجنة تقريراً وثقت فيه 63 انتهاكاً إسرائيلياً بحق الصحافيين "في إطار محاولة القوات الإسرائيلية طمس الحقيقة الساطعة لجرائمها التي تمارسها بحق الفلسطينيين". شملت الانتهاكات الاستهداف المباشر والضرب، والاعتقال والاحتجاز. وفي شأن محاربة المحتوى الفلسطيني، أغلقت وقيدت وحظرت إدارات مواقع التواصل الاجتماعي، أكثر من 11 حساباً وصفحة لصحافيين، الشهر الماضي.

المساهمون