استمع إلى الملخص
- في تجربة إضافية، تبين أن المشاركين الذين تعرضوا لمحتوى سلبي أبلغوا عن تدهور في حالتهم المزاجية، مما يثبت التأثير السلبي للمحتوى على المزاج ويبرز العلاقة الثنائية بين نوعية المحتوى والمزاج.
- استجابة للنتائج، طور الباحثون أداة تضيف تصنيفات محتوى إلى نتائج البحث، مما يساعد المستخدمين على اختيار محتوى إيجابي لتحسين صحتهم النفسية.
أظهرت دراسة جديدة أن الأشخاص الذين يعانون من ضعف الصحة العقلية هم أكثر عرضة لتصفح المحتوى السلبي عبر الإنترنت مما يؤدي إلى تفاقم أعراضهم. وفقاً للدراسة التي نشرت يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي في مجلة Nature Human Behaviour، فإن العلاقة بين الصحة العقلية وتصفح محركات البحث هي علاقة سببية وثنائية الاتجاه.
في الدراسة، طوّر الباحثون أداة إضافية للمتصفحات تضيف "تصنيفات محتوى" إلى صفحات الويب، مشابهة لتصنيفات التغذية على المنتجات الغذائية، بهدف مساعدة المستخدمين على اتخاذ قرارات أكثر صحة ووعياً بشأن المحتوى الذي يتصفحونه. تركز هذه التصنيفات على التأثير العاطفي للمحتوى، إلى جانب مدى عمليته وفائدته.
قالت المؤلفة الرئيسية للدراسة تالي شاروت، الأستاذة في قسم علم النفس وعلوم اللغة في جامعة كوليدج لندن ومركز ماكس بلانك التابع لكلية لندن الجامعية للطب النفسي الحسابي وأبحاث الشيخوخة ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن النتائج التي توصل لها الفريق تظهر أن تصفح المحتوى السلبي لا يعكس فقط الحالة المزاجية للشخص، بل يمكن أن يزيدها سوءاً بوضوح، وهو ما يخلق حلقة مفرغة يمكن أن تبقي التحديات النفسية قائمة مع مرور الوقت.
لإجراء الدراسة، استعان الفريق البحثي باستمارات الاستبيان التي شارك فيها أكثر من ألف شخص أجابوا عن أسئلة تتعلق بصحتهم النفسية وقدموا بيانات بشأن تاريخ تصفحهم عبر الإنترنت. باستخدام طرق معالجة اللغة الطبيعية، رصد الباحثون بيانات التصفح للمشاركين، ثم حللوا النبرة العاطفية لصفحات الويب التي زارها هؤلاء المشاركون. ووجدوا أن المشاركين الذين كانت حالتهم المزاجية وأساليبهم النفسية أسوأ كانوا أكثر ميلاً لتصفح المحتوى السلبي عبر الإنترنت، وبعد التصفح شعروا بحالة نفسية أسوأ.
في دراسة إضافية، تلاعب الباحثون بالمواقع التي زارها المشاركون، إذ تعرض البعض لمحتوى سلبي والبعض الآخر لمحتوى محايد. أظهرت النتائج أن من تعرضوا للمواقع السلبية أبلغوا عن حالة مزاجية أسوأ بعد ذلك، مما يثبت التأثير السببي لتصفح المحتوى السلبي على المزاج.
وأوضحت شاروت أنه عندما طلب من هؤلاء المشاركين تصفح الإنترنت بحرية، اختار الذين شاهدوا سابقاً مواقع سلبية، أي من كانوا في حالة مزاجية أسوأ، تصفح مزيد من المحتوى السلبي، و"يبرز هذا الاكتشاف أن العلاقة ثنائية الاتجاه، المحتوى السلبي يؤثر على المزاج، وتدهور المزاج يدفع نحو استهلاك المزيد من المحتوى السلبي".
وشرحت قائلة: "تساهم النتائج في النقاش المستمر حول العلاقة بين الصحة النفسية والسلوك عبر الإنترنت. ركزت معظم الأبحاث السابقة على كمية الاستخدام، مثل وقت الشاشة أو تكرار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى استنتاجات متباينة. هنا، بدلاً من ذلك، نركز على نوعية المحتوى الذي يتصفحه المستخدم، ونجد أن نغمته العاطفية ترتبط سببياً وثنائياً بالصحة النفسية والمزاج".
للتحقق مما إذا كان يمكن استخدام تدخل لتحسين خيارات التصفح والمزاج، أضاف الباحثون تصنيفات محتوى إلى نتائج البحث في محرك البحث غوغل، توضح للمشاركين ما إذا كانت كل نتيجة بحث ستحسن مزاجهم، أو تجعلها أسوأ، أو ليس لها تأثير. وأظهرت النتائج أن المشاركين كانوا أكثر ميلاً لاختيار المواقع الإيجابية التي يرجح أن تحسن مزاجهم، وعندما سئلوا عن حالتهم المزاجية بعد التصفح، أبلغ أولئك الذين تصفحوا مواقع إيجابية عن حالة مزاجية أفضل.
استجابة لذلك، طور الباحثون إضافة مجانية للمتصفحات تضيف تصنيفات إلى نتائج البحث في محرك غوغل، تقدم ثلاث تقييمات مختلفة؛ التقييم الأول يتناول محتوى الموقع، والتقييم الثاني عن مدى إفادته، أما التقييم الثالث فيرصد كيف تؤثر هذه الأداة على المزاج.
ولفتت شاروت: "نحن معتادون على رؤية تصنيفات على منتجاتنا الغذائية توفر معلومات غذائية مثل نسبة السكر، السعرات الحرارية، البروتينات، والفيتامينات لمساعدتنا على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن ما نأكله. يمكن تطبيق نهج مشابه على المحتوى الذي نستهلكه عبر الإنترنت، مما يمكن الناس من اتخاذ خيارات صحية أكثر على الإنترنت".