الإنترنت للجميع (Getty)
28 أكتوبر 2020
+ الخط -

بلغ عدد مستخدمي الهواتف الذكية في العالم 3.5 مليارات عام 2020، وهو ما يعني أنّ 44.81% من سكان العالم يملكون هاتفًا ذكيًا. هذه النسبة لن تتوقّف عن الارتفاع بسبب الإقبال الكبير على الهواتف الذكية لاستخداماتها في التواصل والعمل. كلّ ذلك جعل من سوق الإنترنت سوقًا نشطًا. والهواتف الذكية واحدة من أكثر الأجهزة التكنولوجية رواجًا وطلبًا حول العالم، خصوصًا أنّ الهاتف الذكي بات متّصلًا بعدد لا يُحصى من الأجهزة المستخدمة يوميًا، لتسهيل إنجاز المهام.

لذلك، تسعى كبرى الشركات التكنولوجية إلى استثمار هذا السوق، عبر خلق إنترنت للجميع حول العالم، الأمر الذي يفعله إيلون ماسك منذ مدّة. حول العالم، هناك الملايين من الأشخاص الذين ليس لديهم وصول موثوق إلى الإنترنت. هؤلاء الأشخاص غير المتصلين ليسوا فقط في أماكن بعيدة، مثل مناطق أميركا الريفية أو نيوزيلندا أو جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، بل إن هناك عددا كبيرا من الأشخاص الذين يعيشون في مراكز مدن كثيفة، لكن مع وصول محدود إلى النطاق العريض ميسور التكلفة للإنترنت.

في السياق نفسه، جلبت جائحة كورونا حاجة وإلحاحًا جديدًا للتحدّي المتمثِّل في توصيل الإنترنت للجميع، كون العمل أصبح من داخل المنازل. لذلك، طرحت شركات مثل غوغل وفيسبوك أفكارًا بعيدة المدى لحل المشكلة، فإنّ تقنية الإنترنت الواعدة هي أيضًا واحدة تم إثباتها بالفعل: النطاق العريض عبر الأقمار الصناعية.

وشارك ماسك، أوائل شهر مارس/آذار الماضي، أي قبل أيام فقط من إغلاق المدن في جميع أنحاء الولايات المتحدة بسبب الوباء، أحدث التفاصيل حول خطّته لبناء خدمة النطاق العريض عبر الأقمار الصناعية تحت اسم "ستارلينك" Starlink. ووصف مؤسّس شركة سيارات "تيسلا"، في حديثه في مؤتمر الأقمار الصناعية في واشنطن، أنّ مجموعة من أقمار "ستارلينك" تدخل مدار الأرض المنخفض لتبدو كخطوط متلألئة في سماء الليل، ويمكنها إرسال الإنترنت إلى أي شخص على هذا الكوكب. إذن، يقف النطاق العريض للأقمار الصناعية المستقبلية ليسدّ الفجوة الرقمية حول العالم. ولأن وباء كورونا أدى إلى زيادة الطلب على اتصال الإنترنت، فإنّ التقدّم السريع يبدو حتميًا أكثر من أي وقت مضى.

وبدأت بعض أقمار ماسك الجديدة بتأمين الإنترنت أوائل سبتمبر/أيلول، ما أتاح لمختبري الإصدار التجريبي العمل بسرعات تحميل تُضاهي سرعات النطاق العريض الأرضي. وبذلك، وضعت شركة SpaceX حتى الآن 700 قمر صناعي من "ستارلينك" في المدار خلال الـ 16 شهرًا الماضية، مع خطط لتقديم ما يصل إلى 30 ألف قمر إضافي في السنوات المقبلة. مزيد من الأقمار يعني مزيدًا من النطاق التردّدي مع سرعات أكبر. تزامنًا مع طرح ماسك، قدّمت شركات عملاقة، أبرزها أمازون وفيسبوك، وعودًا مماثلة لإنترنت مجّاني للجميع في السنوات الأخيرة.

تكنولوجيا
التحديثات الحية

في سياق آخر، أعلنت وكالة "ناسا" للفضاء وشركة "نوكيا" الفنلندية للاتصالات عن خطط بناء شبكة خلوية من الجيلين الرابع والخامس على القمر. النظام في طريقه للانطلاق في عام 2022، الأمر الذي سيمنح روّاد الفضاء في المستقبل القدرة على بث مقاطع فيديو عالية الدقّة عند وجودهم خارج كوكب الأرض، إضافة إلى عدد من الفوائد، أبرزها الاتصال مع كواكب ونقاط بعيدة جدًا في مجرّة درب التبّانة، الأمر الذي كان شبه مستحيل في السنوات القليلة الماضية.

ويهدف مشروع "ناسا/نوكيا"، الذي يُرجّح أن تتخطى تكلفته الـ14 مليون دولار من جانب "نوكيا"، إلى إنشاء البنى التحتية لشبكات الاتصالات القمرية الخاصة لمكالمات الصوت والفيديو، مع نقل للبيانات، أدوات التحكم الروبوتية، الملاحة، إضافة إلى معلومات خرائط غوغل لرواد الفضاء. بالطبع، يواجه المشروع عقبات كثيرة، أبرزها صدمات الإقلاع والهبوط، بالإضافة إلى ظروف الفضاء القاسية في التركيب، التجهيز والاختبار للميزات.

وقال ماركوس ويلدون، رئيس قسم التكنولوجيا في "نوكيا"، ورئيس مختبرات بيل، في بيان له، إنّ شبكات الاتصالات الموثوقة والمرنة ستكون بسعات عالية جدًا وقدرات خارقة، كلّ ذلك لدعم الوجود البشري المستدام على سطح القمر وتخزين بيانات الكرة الأرضية كاملة في حال أي كارثة بيئية أو نووية حلّت بالأرض ودمّرت بعضًا من التاريخ. إذن، يتم العمل على تغطية الأرض والقمر بالكامل بأقمار صناعية لتأمين إنترنت كامل حول الكوكبين. ومع بدء المشروعين بالعمل بشكل كامل في السنوات القليلة المقبلة، سيتمكّن أي شخص حول الأرض بواسطة هاتف ذكي أو جهاز لوحي الاتصال السريع، التواصل والحصول على المعلومات كافة وبكبسة زرّ. كما أنّه سيكون بإمكانه مراقبة ما يحصل في محطّة الفضاء مباشرةً، والتي ستكون متّصلة بشبكات إنترنت القمر فائقة السرعة. ومع خدمات الجيل الخامس، تتبادل الأقمار الصناعية المعلومات في مدة انتظار قليلة، والمركبات الفضائية الاستكشافية لحدود المجرّة ستُرسل صورًا أدقّ وفي وقت لم يكن متاحًا في السنوات القليلة الماضية.

المساهمون