الإمبراطور بيدرو الثاني... الحاكم البرازيلي يبعث رسائله من القدس

19 يونيو 2023
أول حاكم من الأميركتين يزور فلسطين (العربي الجديد)
+ الخط -

في توثيق لرحلة (1876) الإمبراطور بيدرو الثاني إلى فلسطين (الأراضي المقدسّة)، نظمّت الممثلية البرازيلية في قاعة الجليل بمتحف محمود درويش في مدينة رام الله، أخيراً، معرضاً فوتوغرافياً يرصد الرحلة بالصور، وبعض مذكراته، التي كان لها حضورها المفصّل في فيلم وثائقي (35 دقيقة).
في المدخل، ثمة تعريف بالفعاليّة التي لم تكن معرضاً فوتوغرافياً فحسب، بل يوثق رحلة الإمبراطور البرازيلي إلى الأماكن المقدسة، وخاصة المسيحية منها، في فلسطين عام 1876، إضافة إلى التجوال في المناطق الطبيعية عبر صور وثقت هذه الزيارة، إلى جانب مذكّراته الشخصية عنها، ومصدرها جميعها المكتبة الوطنية البرازيلية.
تشكل هذه السجلات الفوتوغرافية في تلك المرحلة الزمنية توثيقاً فريداً للمباني التاريخية والمزارات والكنائس والمساجد، خصوصاً في القدس وبيت لحم، إضافة إلى توثيق بصريّ للإمبراطور نفسه وحاشيته.
والإمبراطور الذي حكم البرازيل في الفترة ما بين 1831 و1889، كان أول حاكم من الأميركتين يزور فلسطين، ويتجول ما بين القدس، وبيت لحم، وأريحا، ونابلس، والجليل، والناصرة، وطبريا، مع زيارات خاصة تحدث عنها في مذكراته إلى كل من نهر الأردن والبحر الميّت.
تعود المواد الأرشيفية التي اشتمل عليها المعرض، كما الفيلم، إلى الإمبراطور نفسه، إذ وهبتها عائلته في وقت لاحق إلى المكتبة الوطنية البرازيلية. في حين أن مذكراته هي من مقتنيات المتحف الإمبراطوري، وهو ما جمعه القائمون على توثيق رحلته إلى فلسطين، التي كشف فيها عن جوانب تاريخية وثقافية وحضارية ودينية، وقبل كل ذلك إنسانية.
وعلاوة على الصور الخاصة بالمناطق والمواقع التي زارها الإمبراطور بيدرو الثاني، نجد صوراً لبعض الوثائق، منها صفحات من مذكراته، ورسالة كتبها من القدس، وتوثيق صحافي عن الزيارة، وتوقيعه على سجلات زوّار التكيّة الأسترالية.
يشير التوثيق الصحافي للزيارة إلى أنها كانت في شهري نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول من عام 1876، إذ كان في استقباله عمدة مدينة القدس، والقائد العسكري فيها، ووزراء وشخصيات اعتبارية، في حين شارك في حفل استقباله الرسمي هذا مئة جندي اصطفوا عند بوابة دمشق، الشهيرة بباب العامود، ومثلهم عند بوابة يافا الشهيرة بباب الخليل، وأماكن أخرى، مع أن كثيرين لم يكونوا على علم بموعد وصوله بدقة.
وعزفت أوركسترا القوات المسلحة الإمبراطورية العثمانية مقطوعات للترحيب بالإمبراطور البرازيلي، قبل أن يؤكد أنه لا يريد أي مراسم استقبال ملكية على هذه الشاكلة. وبناء على طلبه لم تُلتقط صور له خلال مراسم استقباله هذه، رغم أن الكاميرات الفوتوغرافية كانت مُعدّة سلفاً لذلك، وتتخذ مواقعها المناسبة لتوثيق المراسم التي لم يكن راغباً فيها، وهو ما حصل في نابلس حيث تم استقباله رسمياً، بمشاركة عشرين جندياً على أحصنتهم.

وتنوّعت صور المعرض ما بين الأماكن المسيحية المقدسة في بيت لحم، والقدس التي حظيت بفترة إقامة أطول، وهو ما أظهره الفيلم الوثائقي عن الرحلة، كما الصور التي لم تتجاهل زياراته وتوثيق المرافقين له وحضورهم في الأماكن المقدسية التي وصفها بالإسلامية، بخاصة المسجد الأقصى وقبة الصخرة.
بدوره، أشار فتحي البس، مدير مؤسسة ياسر عرفات، إلى أن إقامة هذا المعرض الفني لحدث تاريخي بارز كزيارة الإمبراطور البرازيلي بيدرو الثاني إلى الأراضي المقدسة عام 1876 تعدّ وثيقة مهمة على أكثر من صعيد، وبما يعزز الرواية الفلسطينية، رواية أصحاب الأرض الأصليين، كما أنه يؤكد أهمية الفنون في توثيق التاريخ وتجارب الشعوب، وأن الثقافة هي الدبلوماسية الحقيقية بين الفلسطينيين وشعوب العالم.
وفي الفيلم، تحدّث الراوي على لسان الإمبراطور البرازيلي عن زيارته إلى فلسطين بالتفصيل، عن سكانها، ومدنها، وبلداتها، والكنائس التي زارها وصلّى فيها، والمزارات التاريخية والمساجد، والطبيعة التي مرّ بها أو توقف عندها، أو سكنها لبعض الوقت، في رحلته التي تواصلت على مدار أيام، ومنها زيارته الطائفة السومرية وتوثيقه روايتهم حول الهيكل الذي يؤكدون أنه في جبل جرزيم أو جبل الطور في نابلس، حيث يقيمون.

المساهمون