إيران توظف تقنيات متطورة في ملاحقة النساء

20 يناير 2023
أثارت وفاة مهسا أميني احتجاجات داخل إيران وخارجها (أوزان كوسي/ فرانس برس)
+ الخط -

فوجئ الكثيرون عندما قال المدعي العام الإيراني حجة الإسلام محمد جعفر منتظري، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إن "شرطة الأخلاق ليست لها علاقة بالقضاء وألغاها من أنشأها". لم يصدر تأكيد رسمي لهذا القرار، وشكك كثيرون في أن إعلانه القرار مجرد دعاية سياسية لامتصاص الغضب والاحتجاجات المتواصلة في البلاد.

وسط هذا الجدل لا بدّ من تسليط الضوء على الإجراءات التي تتبعها السلطات الإيرانية وتوظيفها للتكنولوجيا لملاحقة النساء اللواتي لا يلتزمن بالقواعد الصارمة للباس، مما يوحي بأن الإعلان عن "حلّ" شرطة الأخلاق ليس إلا إجراء لتهدئة غضب المحتجين. فالمشرعون الإيرانيون اقترحوا العام الماضي استخدام تقنية التعرف إلى الوجوه المثيرة للجدل في فرض قانون اللباس على النساء وملاحقة المخالِفات. وصرّح محمد صالح هاشمي كلبايجاني الذي يشغل منصب رئيس وكالة حكومية إيرانية معنيّة بتطبيق قانون الأخلاق، في سبتمبر/أيلول الماضي، أن التقنية ستُستخدم في "تحديد الحركات غير الملائمة وغير العادية"، بينها "عدم مراعاة قوانين الحجاب"، مشيراً إلى إمكانية التعرف إلى الأفراد عبر التحقق من الوجوه في قاعدة بيانات الهوية الوطنية، لفرض غرامات وتنفيذ اعتقالات.

هذا التصريح كافٍ للقول إن الحكومة الإيرانية تنشر أدوات أكثر دقة لفرض قواعدها على النساء. وقالت إيرانيات إن غرامات فرضت عليهن، من دون مواجهة فعلية مع سلطات إنفاذ القانون، ما يعني أنه قد جرى التعرف إلى وجوههن عبر التقنية المذكورة.

وفي هذا السياق، ناقشت الباحثة في جامعة أكسفورد، مهسا علي مرداني، إمكانية استخدام تقنيات التعرف إلى الوجه لفرض قوانين اللباس في إيران، خلال مقابلة أجرتها معها مجلة وايرد الأميركية، في يناير/كانون الثاني الحالي. كشفت مرداني عن تقارير لنساء يزعمن أنهن تلقين رسائل بريدية لانتهاكهن القانون من دون سابق إنذار أو أي مواجهة وجهاً لوجه مع سلطات إنفاذ القانون.

المحللة في منظمة فريدوم هاوس غير الربحية، كاثرين غروث، أشارت أيضاً إلى توجه إيران نحو أشكال من المراقبة الرقمية الآلية في استهداف المعارضين لسياساتها، ومن ضمنها تلك المتعلقة باللباس.

راقبت الحكومة الإيرانية وسائل التواصل الاجتماعي لتحديد معارضيها لسنوات. ولكن إذا كانت مزاعم الحكومة بشأن استخدام التعرف إلى الوجوه صحيحة، فهذه تعتبر المرة الأولى التي تقوم فيها حكومة باستخدام التكنولوجيا لفرض قانون لباس مرتبط بالجنس.

لا شك في أن الحكومة الإيرانية أمضت سنوات في تطوير جهاز مراقبة رقمي يتضمن قاعدة بيانات الهوية الوطنية البيومترية عام 2015. هذه الجهود التي استمرت سنوات لا بد من الاستفادة منها في تقنية التعرف إلى الوجوه وتوظيفها في قمع النساء غير المُحجّبات، إذ بدأ مسؤولو المرور الإيرانيون استخدامها عام 2020 لفرض غرامات وإرسال تحذيرات للنساء عبر الرسائل النصية القصيرة حول ارتداء الحجاب أثناء وجودهن داخل السيارة. قال رئيس اللجنة القانونية والقضائية البرلمانية في البلاد، موسى غضنفر أبادي، العام الماضي، لوكالة أنباء انقلاب إسلامي الإيرانية إن استخدام كاميرات يمكنه التخفيف من الاشتباكات بين الشرطة والمواطنين.

أصبح التعرف إلى الوجوه أداة مرغوبة للأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء العالم كوسيلة لقمع المعارضة، رغم افتقار الكثير منها إلى البنية التحتية التقنية اللازمة. لا يبدو أن هذا هو الحال في إيران التي بدأت بتطوير هذه الأجهزة منذ العام 2015، واستفادت من تقنيات الصين، وتحديداً تلك التي تطورها شركة تياندي الصينية للكاميرا والذكاء الاصطناعي، إذ ظهرت تعاملاتها في البلاد ضمن تقرير صدر في ديسمبر2021 من IPVM، وهي شركة تتعقب صناعة المراقبة والأمن.

إلى ذلك، اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش، في التقرير العالمي 2023، السلطات الإيرانية باستخدام "القوة المفرطة والقاتلة في قمعها" الاحتجاجات التي اندلعت في أنحاء البلاد كافة في سبتمبر الماضي. "سجنت الحكومة مئات الناشطين بتهم مشكوك فيها، وأصدرت أحكاماً بالإعدام في محاكمات جائرة بشدة"، وفقاً للمنظمة غير الحكومية التي تتخذ من مدينة نيويورك مقراً لها.

أثارت وفاة مهسا أميني، وهي امرأة كردية عمرها 22 عاماً، أثناء احتجازها من قبل شرطة الآداب، بعد اعتقالها بسبب الحجاب "غير اللائق"، تظاهرات في أنحاء البلاد كافة، بما في ذلك في المدارس والجامعات. بحلول 14 نوفمبر/تشرين الثاني، كانت منظمات حقوق الإنسان تحقق في تقارير وفاة 341 متظاهراً على الأقل، بينهم 52 طفلاً.

المساهمون