إيران تقطع الإنترنت للتصدي للتظاهرات

16 مارس 2021
الحكومة تلجأ إلى هذا التكتيك بشكل متكرر عند حدوث احتجاجات(مرتضى نيكوبازي/Getty)
+ الخط -

بعدما قطعت إيران، الشهر الماضي، خدمة الإنترنت في محافظة سيستان-بلوشيستان في جنوب شرق البلاد عدة أيام للتعتيم على تظاهرات، يفيد ناشطون بأن الحكومة تلجأ إلى هذا التكتيك بشكل متكرر عند حدوث احتجاجات. وبحسب منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان، قُتل عشرة أشخاص على الأقل عندما فتحت قوات الأمن النار، في 22 شباط/فبراير، على ناقلات وقود قرب مدينة سراوان في محافظة سيستان-بلوشيستان، ما أثار تظاهرات أطلقت خلالها قوات الأمن الرصاص الحيّ.

إلا أن معلومات قليلة تسرّبت عن الأحداث بسبب قطع السلطات بشكل شبه كامل خدمة الإنترنت على مدى أيام، اعتباراً من 22 شباط/فبراير في هذه المحافظة، وهي من بين تلك الأكثر حرماناً في البلاد، ويعيش فيها أفراد أقلية البلوش ذات الغالبية السنية، في بلد غالبية سكانه شيعة.

وتقع محافظة سيستان-بلوشيستان على الحدود مع باكستان وأفغانستان، وقد شهدت انعدام استقرار بين عامي 2005 و2010 جراء تمرد قادته مجموعة سنية من أقلية البلوش. ولا تزال تحصل فيها بشكل متكرر هجمات واشتباكات بين قوات الأمن وجماعات مسلّحة. وتنسب طهران أعمال العنف هذه إلى جماعات جهادية أو انفصالية تتهم إسلام آباد بدعمها.
وفق معلومات جمعتها منظمة العفو الدولية من ناشطين بلوش، قُتل عشرة أشخاص على الأقل، بينهم شاب عمره 17 عاماً، في 22 شباط/فبراير، عندما "استخدم الحرس الثوري الإيراني، بشكل غير قانوني، القوة المفرطة ضد ناقلي وقود غير مسلحين بالقرب من مدينة سراوان".

في 2019، حجبت إيران الإنترنت خلال تظاهرات غير مسبوقة

وقالت الباحثة في "منظمة العفو الدولية"، راها بحريني، إن هذه الحصيلة "تقدير منخفض"، وقد وثّقها الناشطون البلوش بعد تأكيد أسماء الضحايا.وأكدت "أمنستي" والمنظمات المدافعة عن حرية التعبير "أكسس ناو" و"المادة 19" و"ميان غروب" في بيان مشترك، أن قطع الإنترنت هو "تدبير تستخدمه السلطات، على ما يبدو، كوسيلة لإخفاء انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم محتملة، مثل إعدامات خارج نطاق القضاء".

وبحسب هذه المنظمات، فإن قطع خدمة الإنترنت - الذي يذكّر بما حصل في الأشهر الأخيرة أثناء اضطرابات في بيلاروس وبورما والنيجر - له هدف مزدوج: منع المواطنين من استخدام خدمات تبادل الرسائل على مواقع التواصل الاجتماعي للتعبئة وتنسيق التظاهرات، بالإضافة إلى عرقلة جمع المعلومات حول أي جريمة ارتكبتها قوات الأمن ويمكن أن تُستخدم لتحريك الرأي العام.

وقالت الباحثة في منظمة "المادة 19"، مهسا عليمرداني، لفرانس برس، إن "ذلك يهدف إلى إلحاق الضرر بجمع الأدلة على انتهاكات (مصوّرة خصوصاً) ونشرها، وكذلك بقدرة السكان على التعبئة والتنسيق".

في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، منعت السلطات الإيرانية الوصول إلى خدمة الإنترنت على أراضيها، في وقت كانت البلاد تشهد تظاهرات غير مسبوقة احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود، قمعتها السلطات بعنف. ويخشى المدافعون عن حقوق الإنسان أن يتمّ استخدام الحيل نفسها مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في الصيف، والتي من المرجح أن تكون متوترة.

في سيستان-بلوشيستان، قطعت السلطات خدمة الإنترنت عن الهواتف المحمولة، ما تسبب في قطع الوصول إلى الإنترنت في هذه المنطقة، حيث تمثل الهواتف الجوّالة أكثر من 95% من استخدام الإنترنت.
بخلاف أقليات أخرى في إيران، فإن أفراد أقلية البلوش ليس لديهم تمثيل قوي ومنظم في العالم الغربي يمكن أن ينوب عنهم ويندد بانتهاكات حقوق الإنسان المنسوبة إلى السلطات.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

وأفادت وسائل إعلام إيرانية رسمية عن هجمات على مبان حكومية في سراوان وعن مقتل شرطي في هجوم على مركز للشرطة في عاصمة المحافظة زاهدان. ووصف حاكم مقاطعة زاهدان أبو ذر مهدي نخعي المعلومات التي تفيد بمقتل أشخاص خلال تظاهرات بأنها "مضللة".

وأوضحت بحريني أن قطع الإنترنت "قلّص بشكل كبير كمية المعلومات التي تمكّن المدافعون عن حقوق الإنسان من الوصول إليها من خلال اتصالاتهم أو شهود عيان". واعتبرت أن "السلطات تدرك تماماً أنها تمنع العالم الخارجي من أن يكون على علم بحجم الانتهاكات على الأرض وخطورتها". ورأت الباحثة في منظمة العفو أن قطع الإنترنت أصبح "نمطاً" في إيران.

في آذار/مارس، نددت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بهذه الأحداث التي "قد تكون تسببت في مقتل 12 شخصاً على الأقل"، معربةً عن "قلقها العميق" حيال قطع الإنترنت المعمم.
وقال هادي قائمي، المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في العراق ومقره نيويورك، إن "قوات الأمن قتلت مئات المتظاهرين في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، وتفعل ذلك من جديد اليوم".

(فرانس برس)

المساهمون