إنتاج الصورة وصناعة الرأي في العدوان على غزة محور ندوة في تونس

03 نوفمبر 2023
حلّل المشاركون أساليب دعاية الاحتلال لحربه على القطاع (Getty)
+ الخط -

احتضن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تونس، الجمعة، ندوة علمية تحت عنوان "الحرب الصهيونية على غزة/ فلسطين: إنتاج الصورة وصناعة الرأي"، في سياق التفاعل العلمي مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وسعت الندوة إلى  تقديم قراءة علمية للأحداث، من خلال تناول بعض تفاصيلها المتعلقة بالحرب الإعلامية التي وظّفت فيها كل الطرق من قبل إسرائيل بغاية تضليل الرأي العام الدولي وتصوير الضحية في صورة الجلاد.

هذه الندوة افتتحت من قبل مدير المركز الدكتور مهدي مبروك، الذي بيّن أن "تنظيم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تونس يأتي في إطار المجهود العلمي والأكاديمي الذي يبذله المركز لتقديم قراءة علمية للأحداث التي تشهدها الأراضي الفلسطينية، في ظل صمت عالمي متواطئ مع جرائم الكيان الصهيوني"، مشيراً إلى أهمية الصورة فيما يحصل في قطاع غزة من جرائم مخالفة لكل النظم والمواثيق الدولية.

من ناحيته قدّم أستاذ الإعلام بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار بتونس، جمال الزرن، مداخلة بعنوان "طوفان الأقصى واتجاهات الرأي العام الغربي"، حلّل فيها ما تمّ تسويقه من قبل الإسرائيليين للإعلام الغربي، الذي أعاد إنتاج السردية الصهيونية حول عملة طوفان الأقصى دون البحث والتمحيص، مشيراً إلى أنّ الإنسانية قاطبة تمرّ بمرحلة انتقالية لأن ما قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، لن يكون كما بعده.

وبيّن أنّ اللوبيات نشطت في هذه الفترة بقصد توجيه الرأي العام الذي يصعب أن تديره، فآراؤه تحدّدها اتجاهات المعركة، لكنه مع ذلك أكّد أن اللوبيات والغرف المظلمة هي من تتولى الآن إدارة العمل الدعائي لما يحصل في قطاع غزة من أعمال وحشية منافية لكل القوانين الدولية.

واستعرض الزرن وسائل الدعاية في الحروب الكبرى التي شهدتها الإنسانية، مبيناً أنّه تمّ الاعتماد على الصحف الورقية في الحرب العالمية الأولى وعلى الإذاعة في الحرب العالمية الثانية وعلى التلفزيون في الحرب الباردة، أمّا اليوم فيتم استعمال البث المباشر عبر الخوارزميات لتغطية ما يحصل في الأراضي الفلسطينية.

وأوضح كيفية إدارة إسرائيل للدعاية عبر القنوات الفرنسية من خلال محاولتها تشكيل رأي عام فرنسي مساند لها، من خلال استغلال المنصات الإعلامية الجديدة، مشيراً إلى أنّ إسرائيل قامت حتّى 31 أكتوبر 2023 بتخصيص 13.5 مليون دولار ميزانية لنشر فيديوهات عبر "يوتيوب" في ثلاث دول أوروبية هي فرنسا وألمانيا وبريطانيا، خصّصت منها 8.4 ملايين دولار لفرنسا، ركزت على سردية أن حركة حماس هي مطابق عملي لتنظيم داعش، وأنّها الطرف المعتدي على إسرائيل.

لكنّه بيّن أن المعطيات الواقعية تبيّن فشل هذه الإستراتيجية على المدى المتوسط والقصير، خاصةً بعد نتائج سبر الآراء التي تبين أن الفئة العمرية من 18 إلى 24 سنة لم تتأثر بالدعاية الصهيونية. وختم بالدعوة إلى "أخلقة العمل السياسي والإعلامي".

وشهدت الندوة، التي أدارها الباحث في المركز صفوان الطرابلسي، مداخلة ثانية من قبل أستاذ الإعلام بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار بتونس، أمين بن مسعود، بعنوان "المقاومة الفلسطينية منظوراً إليها في الإعلام الغربي الناطق بالعربية فرانس 24 وبي بي سي نموذجاً"، وبيّن فيها أنّ صناعة الصورة نتاج نظريات معرفية وسطوة الذاكرة والتاريخ.

وأشار إلى أنّ الرهان الأساسي للدعاية الصهيونية هو ضرب القوة الناعمة للمقاومة الفلسطينية من خلال توصيفها بالداعشية، وهو ما سقطت فيه القنوات الأجنبية الناطقة باللغة العربية، كما سقطت هذه القنوات، وخاصة قناة فرانس 24، في فخ استعمال مصطلحات مضللة في تغطية العدوان على غزة بتوجيه صهيوني، مثل استعمال عنوان كبير للتغطية "الحرب بين إسرائيل وحماس"، والغاية منه خلق توازن غير موجود بين القوتين درءاً لمصطلحات العدوان أو التصفية التي تمارسها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة.

وأضاف انه من خلال تحليله للمنتوج الإخباري للقناة الفرنسية في تغطية ما يجري في غزة لاحظ التركيز على أفعال "حماس" باعتبارها أفعال خارجة عن القانون واختزال المقاومة في "حماس"، واختزال "حماس" في حركة الإخوان المسلمين، إثارةً للاختلافات السياسية داخل الجسم العربي، كما لاحظ أن القنوات الغربية الناطقة بالعربية صوّرت حركة حماس كجماعة مسلحة حصراً مع التركيز على الأنفاق.

أما المداخلة الثالثة فقدمها المراسل الصحافي والباحث في الأنثروبولوجيا، سيف الدين العامري، بعنوان "المراسل الحربي: قيمة خبرية تهددها الدعاية"، وحلّل من خلالها أساليب الدعاية التي اعتمدها الكيان الصهيوني، والدور الذي يلعبه المراسلون الميدانيون في نقل الصورة المنافية للدعاية المراد تسويقها بتركيزه على المهنية والمواثيق الصحفية، تجنباً لتضليل المتلقي،

وأشار إلى عدم وجود المسافة صفر في التغطية الميدانية ضماناً لسلامة المراسل الحربي الذى يُفترض أنه ينقل الخبر، لا أن يصير هو الخبر، وهو ما يحدث الآن في غزة بسبب عدم احترام إسرائيل للمواثيق الدولية.

وخصّصت المداخلة الرابعة للباحث عبد المجيد الجبالي، وجاءت بعنوان "القضية الفلسطينية ومواقع التواصل الاجتماعي: المقاومة الرقمية والرقابة الممنهجة على المحتوى العربي"، وبّين فيها الدور الذي تلعبه المنصات الاجتماعية التي باتت ميداناً لمعركة بين طرفين يحاول كل منهما تسويق رأيه، ومحاولة منتجي المضامين العرب الوقوف جبهة صد أمام كل انحرافات أراد العدو الصهيوني من خلالها التلاعب بالرأي العام الدولي.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

وكشف أن لجاناً رقمية إلكترونية متخصصة في الهند كانت تنشط بترويج الدعاية الصهيونية، إلا أنّ مجزرة مستشفى المعمداني في 17 أكتوبر غيّرت الصورة وبدأت الكفة تميل للرواية المؤيدة للفلسطينيين.

ولفت إلى أنّ أكبر تفاعل مع المنشورات الداعمة للفلسطينيين جاء من منصة إكس ("تويتر" سابقاً)، يليها بفارق كبير "تيك توك" ثمّ "يوتيوب"، وبيّن أنّ غياب التفاعل على منصة فيسبوك كان نتاج اعتماد شركة ميتا سياسة الحجب للمنشورات الداعمة لفلسطين، إذ حذف في الأسبوع الأوّل من الحرب أكثر من مليون و600 ألف منشور.

المساهمون