لجنة حماية الصحافيين: إسرائيل من أكثر الدول سَجناً للصحافيين في 2023

18 يناير 2024
تصاعدت وتيرة اعتقال الصحافيين الفلسطينيين في الضفة الغربية (جعفر إشتية/ فرانس برس)
+ الخط -

كشفت لجنة حماية الصحافيين، في إحصائها السنوي للصحافيين المسجونين حول العالم، الخميس، عن بروز دولة الاحتلال الإسرائيلي كإحدى الدول الأكثر سَجناً للصحافيين خلال عام 2023، وخصوصاً في الفترة التي تلت انطلاق عدوانها على قطاع غزة في أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي.

وكان هناك 17 صحافياً فلسطينياً معتقلاً في سجون الاحتلال حتّى مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بحسب إحصائيات اللجنة، لتحتل دولة الاحتلال بذلك المركز السادس لأكثر الدول سَجناً للصحافيين مناصفة مع إيران، خلف الصين وميانمار وبيلاروس وروسيا وفيتنام على التوالي.

وأشارت لجنة حماية الصحافيين إلى أنّ هذا العدد من الصحافيين الفلسطينيين المحتجزين هو الأكبر منذ أن بدأت عملها بتوثيق الاعتقالات عام 1992، كذلك فإنّها المرة الأولى التي تصل فيها دولة الاحتلال إلى المرتبة السادسة.

ولا يشمل الإحصاء الصحافيين الذين أُفرج عنهم قبل الأول من ديسمبر الماضي، ولا أولئك الذين اعتُقلوا بعد هذا التاريخ.

وكانت اللجنة قد وثقت استشهاد أكثر من 80 صحافياً منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزّة في أكتوبر الماضي. مع العلم أن أرقام المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع أعلن استشهاد أكثر من 118 صحافياً ومصوراً وعاملاً في الإعلام بنيران الاحتلال.

بروز إسرائيلي

مع تسجيل اعتقالها 17 صحافياً فلسطينياً، حلّت دولة الاحتلال في المركز السادس بالقائمة، وهو الأمر الذي رأته اللجنة "دليلاً على أن المعيار الديمقراطي الأساسي، أي حرية الصحافة، آخذ في التلاشي مع استغلال إسرائيل لأساليب وحشية لإسكات الصحافيين الفلسطينيين"، فيما دعت الرئيسة التنفيذية للجنة حماية الصحافيين، جودي غينسبيرغ، إلى "وقف هذه الممارسات".

وأعلنت اللجنة في بيان إعلامي أن "جميع الصحافيين المعروف بأنهم محتجزون في وقت إجراء الإحصاء في الأول من ديسمبر اعتُقلوا في الضفة الغربية المحتلة" بعد بدء العدوان على غزة، و"معظمهم يخضع للاحتجاز الإداري، الذي يتيح للسلطات الإسرائيلية احتجاز الأفراد دون توجيه اتهامات ضدهم لمجرد الاشتباه بأنّهم يخططون لارتكاب مخالفات في المستقبل".

ولفت إلى أنّ "إجراءات الاعتقال الإداري سرية، ما جعل من الصعب على باحثي لجنة حماية الصحافيين معرفة طبيعة الاتهامات التي يواجهها الصحافيون"، لكن عائلاتهم أشارت إلى أنّ الأسباب غالباً ما تكون مرتبطة بمنشورات على منصات التواصل الاجتماعي.

وعلى الصعيد العالمي، سجّلت لجنة حماية الصحافيين سجن 320 صحافياً بسبب عملهم في 1 ديسمبر/كانون الأول 2023، وهو ثاني أعلى رقم مسجل بعد العام الماضي الذي شهد سجن 360 صحافياً حول العالم.

وتصدّرت الصين، حيث يقبع 44 صحافياً خلف القضبان القائمة، تلتها ميانمار حيث يتواصل سجن 43 صحافياً، وبيلاروسيا التي سجنت حكومتها 28 صحافياً. فيما حلت روسيا التي تسجن 22 صحافياً وفيتنام التي تسجن 19 صحافياً في المرتبتين الرابعة والخامسة.

ورأت اللجنة أن الإحصاء "يُظهر مدى ترسّخ الاستبداد على مستوى العالم، مع تشجيع الحكومات على القضاء على التقارير الانتقادية ومنع المساءلة العامة".

ويواجه أغلب الصحافيين المسجونين تهم مناهضة الدولة، مثل الأخبار الكاذبة والإرهاب، انتقاماً لتغطيتهم الانتقادية، من بينهم 60 صحافياً حول العالم احتُجزوا من دون الكشف عن الاتهامات الموجهة لهم. كذلك، يُعَدّ الاحتجاز المطول قبل المحاكمة والمعاملة القاسية أمراً شائعاً.

وفيما تواصل بعض الحكومات مثل روسيا وإثيوبيا "اضطهاد وملاحقة الصحافيين خارج حدودها"، فإن دولاً مثل فيتنام ومصر "تواصل اضطهادهم بعد إطلاق سراحهم، حيث يواجهون قيوداً على الحركة وإجراءات تحدّ من حريتهم".

وقالت غينسبرغ: "في جميع أنحاء العالم، وصلنا إلى لحظة حرجة. نحن بحاجة إلى أن نرى نهاية لاستخدام القوانين التي تعمل على إسكات المراسلين، وضمان حرية الصحافيين في تقديم التقارير".

صدارة صينية

تضمّ دول شرق آسيا أكبر عدد من الصحافيين في السجون، فبالإضافة إلى الصين وميانمار وفيتنام، شهدت الهند سجن 7 صحافيين.

ولفتت لجنة حماية الصحافيين إلى أنّ الرقابة في الصين تجعل "من الصعب للغاية تحديد العدد الدقيق للصحافيين المسجونين هناك"، مشيراً إلى أن قمع السلطات للإعلام توسع بعد عام 2021، الذي شهد سجن صحافيين من هونغ كونغ لأوّل مرة، بعد أن فرضت السلطات المركزية قانوناً مشدداً للأمن الوطني في أعقاب الاحتجاجات المناهضة لبكين.

وبيّنت أنّ الحكومة الصينية توجه في 3 من كل 5 قضايا جديدة ضد الصحافيين اتهامات لهم بمناهضة الدولة، مثل "التجسس والتحريض على الانفصال"، وخصوصاً المنتمين إلى أقلية الإيغور المسلمة، الذي يوجد من بينهم 19 صحافياً في السجن.

روسيا وبيلاروسيا

تصدرت بيلاروسيا قائمة أكثر الدول سَجناً للصحافيين في أوروبا وآسيا الوسطى. بحسب اللجنة، تسجن السلطات البيلاروسية بنحو متزايد الصحافيين بسبب عملهم منذ عام 2020، في أعقاب احتجاجات على إعادة انتخاب الرئيس ألكسندر لوكاشينكو، ويواجه أكثر من 70% من الصحافيين اتهامات بمناهضة الدولة، ويقضي نصفهم أحكاماً بالسجن لمدة خمس سنوات أو أكثر.

وتستخدم السلطات قوانين مكافحة التطرف لسجن الصحافيين، إذ كانت 5 من كل 7 حالات اعتقال جديدة شملها إحصاء عام 2023 تخصّ صحافيين اتُّهموا بتأسيس جماعات متطرفة أو المشاركة فيها.

وأشارت اللجنة إلى أنّ روسيا تحتل المرتبة الأولى في حبس الصحافيين الأجانب حول العالم، إذ يقبع في سجونها 12 صحافياً أجنبياً، أحدهم مراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركي المتهم بالتجسس إيفان غيرشكوفيتش، إضافةً إلى 10 صحافيين أوكرانيين، ويمضي أربعة منهم أحكاماً بالسجن بين 12 إلى 19 عاماً على خلفية اتهامات بالإرهاب.

استمرار القمع في إيران

شهدت أعداد الصحافيين المحتجزين في إيران تراجعاً واضحاً مقارنة بعام 2022، حين احتلت المرتبة الأولى على قائمة الصحافيين المحتجزين، وذلك إثر الاحتجاجات التي شهدتها البلاد بعد وفاة الشابة مهسا أميني.

وأُفرج بكفالاتٍ عن معظم الصحافيين الذين شملهم إحصاء عام 2022، البالغ عددهم 62 شخصاً، وذلك بانتظار توجيه اتهامات ضدهم أو إصدار أحكام بحقهم. لكن تراجع عدد المحتجزين "لا يعني بأي حال أن إيران تخفف قمعها للإعلام، بل إن السلطات ردّت على التغطية الصحافية المعنية بحقوق النساء باستهداف صحافيات معروفات لجعلهن أمثولة للأخريات".

ومن أبرز الصحافيات نيلوفار حامدي، وإلهه محمدي، اللتان أطلق سراحهما مقابل كفالة مالية في يناير الحالي، بعد أن كانتا من أوائل الصحافيين الذي تابعوا وفاة مهسا أميني في سبتمبر/ أيلول 2022. كذلك، تقبع الصحافية فيدا رباني في السجن، بعد أن صدر بحقها حكمان تصل عقوبتهما إلى 17 سنة بسبب تغطيتها للاحتجاجات.

بقية العالم

ارتفع عدد الصحافيين المسجونين في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى 47 صحافياً، مقارنةً بـ 31 خلال عام 2022، وبرزت إريتريا وإثيوبيا والكاميرون بصفتها الدول ذات السجل الأسوأ في المنطقة.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

ومن بين المحتجزين في إريتريا بعض أطول الحالات المعروفة للصحافيين المسجونين في جميع أنحاء العالم، من دون توجيه أي اتهام لأي منهم على الإطلاق. أما إثيوبيا، فاحتجزت ثمانية صحافيين حتى الأول من ديسمبر/كانون الأول، مع استمرار قمع حرية الصحافة.

وحلّت مصر في المرتبة الثامنة، بالتساوي مع تركيا، حيث وصل عدد الصحافيين المسجونين في كلا البلدين إلى 13 صحافياً. فيما لم تشهد دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي سوى حالة سجن واحدة في كلّ من غواتيمالا ونيكاراغوا وكوبا على التوالي، على الرغم من استمرار التهديدات الموجهة لوسائل الإعلام، التي "تقوّض حرية الصحافة"، بحسب لجنة حماية الصحافيين.

المساهمون