أفراس نهر بابلو إسكوبار تتكاثر بحرية وتستحيل مشكلة لكولومبيا

03 مايو 2023
القطيع الأكبر لهذه الحيوانات خارج أفريقيا يوجد في كولومبيا (راوول أربوليدا/فرانس برس)
+ الخط -

تعدّ أفراس النهر في أفريقيا من الأشدّ تسبباً بحوادث قاتلة للبشر، أما في كولومبيا فتسرح وتمرح بكامل حريتها في مياه نهر ماغدالينا مجموعة كبيرة من هذه الحيوانات تركها وراءه زعيم عصابة المخدرات بابلو إسكوبار الذي قتلته الشرطة.

وتعيش هذه الحيوانات العاشبة التي تزن نحو طنين بحرّية في مقاطعة أنتيوكيا الواقعة شمال كولومبيا، لدرجة أنها باتت تستقطب الزوار بأعداد كبيرة إلى المنطقة.

لكن مع وجود 160 فرس نهر، وهو القطيع الأكبر لهذه الحيوانات خارج أفريقيا، يبدي الخبراء خشيتهم من تسجيل حوادث خطرة. قبل بضعة أشهر، اقتحم فرس نهر ملعب مدرسة قرب منطقة دورادال. وقالت المعلّمة دنيا أرانغو، التي اعتادت التدريس على خلفية أصوات هذه الثدييات، في حديث إلى وكالة "فرانس برس" آنذاك: "هربنا إلى الصفوف" عقب وقوع الحادثة.

وأشار المسؤول في الهيئة المحلية البيئية كوروناره، ديفيد إتشيفري، إلى أنّ مجموعة جديدة من أفراس النهر يبدو أنها تستوطن راهناً بحيرة صغيرة، على بعد حوالى عشرين متراً من المدرسة، مضيفاً أنّ "الأطفال يلعبون هنا، وقد يقتربون من أفراس النهر، ويزداد تالياً خطر وقوع حوادث مأساوية".

وسبحت بسلام خلفه مجموعة من ثلاثة أفراس نهر بالكاد تظهر خطومها وآذانها من المياه. وقال المسؤول: "تراها هنا هادئة جداً، لكن لا يمكن توقّع سلوكها، إذ قد تهاجم الأشخاص في أي وقت".

كان بابلو إسكوبار قد أدخل في أواخر ثمانينيات القرن العشرين مجموعة صغيرة من أفراس النهر إلى حديقة الحيوانات في مزرعته الواقعة على بعد نحو مائة كيلومتر جنوب شرق ميديين. وبعد مقتله على يد الشرطة عام 1993، تُركت الحيوانات من دون أي رقابة، فتكاثرت بعشوائية في منطقة مليئة بالأنهر والمستنقعات، وهي أمكنة تُعتبر موائل مثالية لهذه الثدييات، لأنها تبقى في المياه معظم اليوم، قبل أن تخرج منها عند الغسق لترعى العشب.

ونظرت السلطات التي صنّفت فرس النهر ضمن "الأنواع الغازية" في حلول عدة لهذه المشكلة، كتعقيم أفراس النهر، أو نقلها إلى حدائق حيوانات خارج البلاد، أو حتى صيدها. استبعدت خيار التعقيم نظراً لكلفته الباهظة. أما بالنسبة إلى الصيد، فلاقى رفضاً من الجمعيات المدافعة عن الحيوان، بينما نُقل نحو 70 فرس نهر إلى الهند والمكسيك.

الأرشيف
التحديثات الحية

ومع أنّ هذه الحيوانات تشكل مصدر قلق في المنطقة، إلا أنّها باتت محبوبة وعنصر جذب لآلاف السياح الذين يزورون سنوياً مزرعة بابلو إسكوبار.

ويزيّن فرس النهر من الجصّ المتنزه الرئيسي لدورادال حيث تُعرض مجسمات لهذا الحيوان على واجهات متاجر عدة وتُباع كتذكارات. ويقدّم ألفارو دياز رحلات استكشافية في ماغدالينا ترمي إلى مشاهدة أفراس النهر.

وقال الصيّاد البالغ من العمر 40 عاماً: "نراها كثيراً، ونتعايش معها". أما جون أريستيدس، وهو صياد آخر يبلغ من العمر 33 سنة، فتذكّر حادثة تعود إلى أكتوبر/ تشرين الأول 2021 حين ألقى صنارته في ضفة مجرى نهر. وقال: "عندما مددت ذراعي، هاجمني فرس نهر، وعضّ يدي اليسرى، ورماني على مسافة مترين تقريباً". وأمضى الصيّاد نتيجة هذه الواقعة نحو شهر في المستشفى.

أشار ديفيد إتشيفري إلى أنّ ما تعرض له جون أريستيدس هو أخطر حادثة من هذا النوع تُسجّل حتى اليوم. وقال: "في حال لم تُتخذ إجراءات مناسبة، فستصبح أفراس النهر بالآلاف وستتجول في كل مكان".

ويحذّر علماء الأحياء من أنّ أفراس النهر تساهم في إبعاد أنواع من الحيوانات المحلية كخروف البحر المهدد بالانقراض، فيما يندد مربو المواشي بالأضرار الناتجة من تجوّل أفراس النهر ليلاً. ويشير باحثون من الجامعة الوطنية إلى أنّ أعداد أفراس النهر قد تصل إلى نحو ألف بحلول عام 2035.

وقالت دنيا أرانغو من مدرستها الصغيرة: "اتركوا القليل منها!"، مؤكدةً أنها باتت معتادة على التعايش مع هذه الحيوانات.

(فرانس برس)

المساهمون