نشرت صحيفة "واشنطن بوست"، حيث كان يكتب الصحافي السعودي جمال خاشقجي قبل اغتياله في 2 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018 داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، ملفّاً ضم سلسلة مقالات رأي لكتّاب عرب وأجانب عن الجريمة و"العدالة التي لم تتحقق" في ذكراها الثانية، وسط استمرار ولي العهد محمد بن سلمان "في قمعه الوحشي الذي جعل نظامه الأكثر قسوة وإجراماً في تاريخ البلاد الحديث".
"قسوة حاكم السعودية ازدادت"
في المقال الذي نشرته هيئة تحرير صحيفة "واشنطن بوست"، بالعربية والإنكليزية، أشارت إلى أنه "على الرغم من أن ردة الفعل الدولية التي أعقبت مقتل خاشقجي جعلت ولي العهد السعودي منبوذاً، إلّا أنه لم يغيّر سلوكه"، مشيرة إلى أنه "استمر في حبس الأمراء ورجال الأعمال والناشطين الذين يعتبرهم مصدر تهديد... ولم يُطلق سراح أي من الناشطات في مجال حقوق المرأة... ولم يُعاقب سعود القحطاني الذي دبّر مقتل خاشقجي واعتقال النساء وتعذيبهن. كذلك لم يتحمل نفسه المسؤولية عن الأمر بارتكاب هذه الجرائم، رغم أن وكالة الاستخبارات المركزية وتحقيقات الأمم المتحدة خلصتا إلى أنه جدير باللوم في هذا الشأن".
ورأت الصحيفة أنه "كان بإمكان ولي العهد أن يمنح مصداقية لمبادرته التحديثية عبر احتضان كتّاب مثل خاشقجي وناشطين مثل لجين الهذلول، السجينة التي طالبت بحق المرأة في القيادة. وبدلاً من ذلك، أبعد المستثمرين الأجانب الذين يعتمد عليهم برنامجه بسبب سلوكه المتهور ووحشيته المروعة. كانت محاولاته الأخيرة لتحسين صورته تشمل أعمالاً رمزية ضعيفة بشكل مثير للشفقة".
Two years after the killing of our colleague #JamalKhashoggi , people and orgs have continued to push for justice in his case and for accountability and reforms in Saudi Arabia.
— Eli Lopez (@elopezgross) October 1, 2020
We’ve published a collection of columns highlighting some of those efforts. https://t.co/CQ9cPJtHSW
ومع ذلك، فإنّ ولي العهد يأمل بإعادة تأهيل صورته من قبل قادة العالم المشاركين في قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها حالياً في الرياض، في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وعلى الرغم من أن جائحة "كوفيد-19" أجبرت السعوديين على عقد قمة افتراضية، إلا أنهم سيظلون هم المضيفون، ما "يسمح لمحمد بن سلمان بالظهور كقائد عالمي في وضع جيد إلى جانب البريطاني بوريس جونسون والفرنسي إيمانويل ماكرون والألمانية أنجيلا ميركل والكندي جاستن ترودو من بين آخرين. فضلاً عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي برّأ محمد بن سلمان من الجريمة ضد خاشقجي بعد أسابيع من وقوعها، ثم تفاخر أمام بوب وودوارد من صحيفة (واشنطن بوست) بأنه (أنقذ مؤخرته)".
وأكدت "إن عُقد اجتماع مجموعة العشرين فيجب أن يُعرف باسم قمّة الإفلات من العقاب. وستكون نتيجتها الوحيدة ذات المغزى هي السماح لمحمد بن سلمان باستنتاج أنه حرّ في قتل الصحافيين الآخرين، وتعذيب المزيد من الناشطات في مجال حقوق المرأة من دون عواقب".
"الدعاوى القضائية ضد السعودية يجب أن تستمر"
المحررة في قسم الرأي في "واشنطن بوست" التي عملت مباشرة مع خاشقجي قبل مقتله، كارين عطية، رأت أنه "لمدة عامين استهزأت المحاكم السعودية بالعدالة أثناء ادعائها محاكمة المسؤولين في عملية اتسمت بالانعدام التام للشفافية".
واعتبرت أن جريمة اغتيال خاشقجي كانت أيضاً "اختباراً لسيادة القانون في النظام الديمقراطي الأميركي، وحتى الآن فشلنا في هذا الاختبار".
وشددت عطية على أن "أساليب القتل التي يرتكبها النظام السعودي لا تزال قيد المحاكمة بفضل إصرار السعوديين ومنظمات حقوق الإنسان. سيحكم التاريخ على إدارة ترامب بقسوة لمساعدتها السعودية على الإفلات بقتل جمال، لكن إدارة بايدن (المرشح الرئاسي الديمقراطي جو بايدن) لا يزال بإمكانها تحميل محمد بن سلمان المسؤولية. كما أن التزام أميركا بالعدالة الدولية وسيادة القانون لا يزال قيد المحاكمة أيضاً".
"حان وقت التغيير الديمقراطي"
مضاوي الرشيد وعبد الله العودة اغتنما الفرصة للحديث، في الذكرى الثانية لاغتيال خاشقجي، عن "حزب التجمع الوطني" الذي أعلنا عن تشكيله أخيراً مع مجموعة من المنفيين في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا وأماكن أخرى، وهو "حزب يتجذر في المبادئ الديمقراطية سعياً إلى استعادة الحقوق الأساسية للمجتمع السعودي، مثل حرية التعبير والمساءلة والانتخابات واحترام القانون الدولي"، وفق ما كتبا في "واشنطن بوست".
وأشارت الرشيد والعودة إلى أن "ولي العهد يواصل حكمه بحد السيف. من اعتقال الناشطين والنسويات والمثقفين في السعودية واضطهاد النقاد في الخارج إلى الحرب السعودية المدمرة منذ خمس سنوات في اليمن، يستمر النظام في الإفلات من العقاب. وفي الوقت نفسه، لا يزال المجتمع المدني السعودي الضعيف والخائف محروما من الحق في تحدي الاضطهاد بالوسائل السلمية، وقد شجّع تهاون بعض الجهات الفاعلة الدولية وتواطؤها محمد بن سلمان".
وأفادا بأن "هدف (حزب التجمع الوطني) هو تمثيل الشعب السعودي، ونحن نرحب بجميع المواطنين السعوديين، بمن فيهم قادة الأعمال وأفراد العائلة المالكة، لكي نعمل سوياً من أجل إنقاذ المجتمع السعودي من حافة الانهيار".
"حُرمنا من صوت خاشقجي، لكن صمته يقول كل شيء"
شاركت خطيبة الصحافي الراحل، التركية خديجة جنكيز، أيضاً في الملف. وقالت إنها خلال العامين الماضيين كان عليها "التعامل مع الألم والخيبة، لأن من ارتكبوا الجريمة النكراء وقتلوا رجلاً بريئاً بأكثر الطرق وحشية، ومن أمروا بها، لم يواجهوا إلى الآن المحاكمة والعقاب".
وأضافت جنكيز: "أمور عدة لم يتمكن جمال من قولها، أو لم يجرؤ على قولها خلال حياته، لكنه يقولها الآن بصمته بعد مقتله".
"لا تنسوا داعيات حقوق المرأة اللاتي يقبعن في السجون السعودية"
المحرر في قسم الرأي في "واشنطن بوست"، جاكسون ديل، دعا في مقاله قادة دول مجموعة العشرين "ممن لا يشاركون ترامب حب الديكتاتوريين" إلى أن "يحققوا أكثر بكثير مما ستحققه القمة، من خلال وضع شرط بسيط لحضورهم: حرية لجين الهذلول وزميلاتها الناشطات".
واستعرض ديل معاناة الناشطات النسويات في المملكة، وعلى رأسهن لجين الهذلول التي قبض عليها في 15 مايو/أيار عام 2018، وعدد من النساء الأخريات، واقتدن إلى مراكز سرية، حيث احتجزن بمعزل عن العالم الخارجي لعدة أشهر، وبحسب رواياتهن اللاحقة، تعرضن لتعذيب شديد.