أعلن "مركز التكنولوجيا والحياة المدنية" الذي تولى توزيع معظم التبرعات التي قدمها مؤسس شركة "فيسبوك" ورئيسها التنفيذي مارك زوكربيرغ إلى مكاتب الانتخابات في الولايات المتحدة عام 2020، وقيمتها 350 مليون دولار أميركي، أنها لن تقدم عطاءات مماثلة هذا العام، بعدما أطلق عدد من المحافظين انتقادات حادة، وقالوا إن هذه الأموال ترجح كفة الفوز لصالح جو بايدن.
وبدلاً من هذه التبرعات، سيطلق المركز برنامجاً مختلفاً: "التحالف الأميركي من أجل التميز في الانتخابات". خصصت لهذا البرنامج ميزانية قيمتها 80 مليون دولار أميركي على مدار خمس سنوات، ويهدف إلى إنشاء شبكة للآلاف من مسؤولي الانتخابات المحليين في البلاد الذين يمكنهم التقدم للحصول على مساعدة لتحسين التكنولوجيا والعمليات الخاصة بهم.
وقالت مؤسّسة "التحالف الأميركي من أجل التميز في الانتخابات" ورئيسته التنفيذية، تيانا إبس-جونسون، لوكالة "أسوشييتد برس" الإثنين: "لسوء الحظ، انعكست سنوات من قلة الاستثمار ضعفاً في القدرة لدى أقسام الانتخابات المحلية. التحالف يجمع شركاء من الطراز العالمي حتى لا يضطر مسؤولو الانتخابات المحليون إلى المضي قدماً بمفردهم".
كانت جهود زوكربيرغ وزوجته بريسيلا تشان، عام 2020، أثارت غضب المحافظين وعززت شكوكهم إزاء نتيجة الانتخابات الرئاسية، إذ رأوا أن هذه المساهمات ساعدت بايدن الديمقراطي في الفوز. وأقرت 8 ولايات على الأقل يسيطر عليها الحزب الجمهوري قوانين العام الماضي، تحظر التبرعات الخاصة لمكاتب الانتخابات. لكن بعض مسؤولي الانتخابات من الجمهوريين رفضوا هذه الاتهامات التي وصفوها بنظريات مؤامرة، وقالوا إنّ البرنامج حيوي وغير حزبي.
عام 2020، كانت مكاتب الانتخابات تتدافع للتحول إلى التصويت عبر البريد الإلكتروني، وسط جائحة "كوفيد-19". وانهارت المفاوضات بشأن الحصول على أموال إضافية لمكاتب الانتخابات وسط حدة الخلاف بين الحزبين في واشنطن. أواخر أغسطس/آب من ذلك العام، أعلن زوكربيرغ عن تبرعاته، وسرعان ما وزع "مركز التكنولوجيا والحياة المدنية" الأموال على 2500 مكتب انتخابي. لكن المحافظين شككوا في المسألة على الفور.
وفي سياق متصل، كتبت الموظفة السابقة في "فيسبوك"، كيتي هيرباث، إن الشركة "ليست مستعدة لموجة الانتخابات هذا العام". وأضافت خلال مقالتها المنشورة في صحيفة "نيويورك تايمز"، في يناير/كانون الثاني الماضي: "أعلم كيف يكون الاستعداد للانتخابات في فيسبوك. عملت هناك طوال 10 سنوات، وبين عامي 2014 و2019، قدت عمل الشركة في مجال الانتخابات على مستوى العالم. أنفقت فيسبوك أكثر من 13 مليار دولار في تعزيز جهود السلامة والأمن في الولايات المتحدة منذ انتخابات عام 2016، حين كانت بطيئة للغاية في إدراك كيفية تسليح منصاتها لنشر المعلومات المضللة".
وأكدت هيرباث أنه "لا يمكن وضع الخطط الانتخابية المسؤولة في غضون أيام أو أسابيع. يستغرق الأمر وقتاً، ليس فقط للتنظيم داخلياً، إنما أيضاً لإجراء اتصالات هادفة وضرورية مع المجتمعات حول العالم التي تعمل على تأمين الانتخابات".
وأشارت إلى أنها "فخورة بالتقدم الذي أحرزته الشركة" في فرض مزيد من الشفافية على الإعلانات السياسية وتلك المتعلقة بالقضايا، وعقدها شراكات مع المجتمع المدني، وتصديها لعمليات التأثير الموجهة والمنسقة. لكنّها استدركت قائلة إنّ أيّاً من هذا التقدم "ليس عفوياً". وضرب على سبيل المثال المعركة التي خاضتها "فيسبوك" أمام "وكالة أبحاث الإنترنت" الروسية التي ثبت تدخلها في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016. إذ احتاج عملاق التواصل الاجتماعي إلى سياسات وخبرات جديدة وفريق في المنصة مخصص لهذه المشكلات. بسبب هذه الخطوات، تمكنت الشركة من إزالة 52 شبكة تأثير عام 2021.
تجدر الإشارة إلى أنّ مساهمة "فيسبوك" في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2020 لم تنحصر بالتبرعات، إذ أطلقت حملة لتختار من بين موظفيها متطوعين للمساعدة داخل مراكز التصويت الأميركية. وقال زوكربيرغ، في رسالة عبر صفحته على "فيسبوك" حينها: "نلاحظ نقصاً هائلاً في طواقم العمل في مراكز الاقتراع"، ما قد "يؤدي إلى ساعات انتظار طويلة أمام المراكز، ويعقّد مشاركة المواطنين في المسار الديمقراطي". ونشرت "فيسبوك" أعلى شريط الأحداث الخاص بالمستخدمين رسالة تدعو الأميركيين في سن الاقتراع إلى تسجيل أسمائهم لدى المسؤولين الانتخابيين المحليين، للاهتمام بمكاتب التصويت.