"عرضة هل قطر"... رموز وأسرار رقصة السيف الوطنية

21 سبتمبر 2022
تطوّرت هذه الرقصة الشعبية من أهازيج الحروب (دومينيك بيربين/Getty)
+ الخط -

تعدّ عرضة "هل قطر" من أبرز مظاهر الاحتفال باليوم الوطني للدولة والمناسبات الوطنية عامة، والمناسبات الاجتماعية، كالأعراس، خاصة.

والعرضة فولكلور شعبي تراثي خليجي متعدّد الأشكال، من أبرزها العرضة النجدية. تطوّرت هذه الرقصة الشعبية من أهازيج الحروب، وصارت تؤدّى في الاحتفالات والأعياد. تقوم على تكرار أبياتٍ شعرية وأناشيد معيّنة، يليها رقصة تستخدم فيها السيوف في حركات متناسقة، إضافة إلى الطبول والدفوف.

تعني العرضة، بحسب كتاب "عرضة هل قطر" الصادر عن مؤسسة الحي الثقافي (كتارا) عام 2013، العرض العسكري للجند والسلاح، بهدف استعراض القوة لإرهاب العدو، وإسعاد الصديق، ورفع الروح المعنوية لأفراد المجتمع، وخصوصاً المقاتلين منهم.

لا ينحصر وجود هذا الطقس الاحتفالي في قطر، بل يحضر في عددٍ من دول الخليج، لكن ما يميز العرضة المحلية هو استعمال 3 طبول، وما بين 5 إلى 8 دفوف، من بينها دفٌّ صغير يدعى الصاقول، إضافة إلى طاسة أو اثنتين على الأكثر.

في أيامنا، ترتبط العرضة بمناسبات معيّنة، وعلى رأسها اليوم الوطني الذي تشارك كلّ القبائل في فعالياته، وأبرزها تقديم فن العرضة إلى الجماهير التي تتوافد على ساحات الاحتفال.

يعود سرّ التسمية إلى رغبة القبائل في الماضي استعراض قوّتها في عرض عسكري يظهر أسلحتها ومقاتليها. مع تقلّب الزمان وتغيّر الأحوال، صارت فناًّ من الفنون الشعبية التي تتميز بها منطقة الخليج دوناً عن غيرها من دول العالم.

لا تقام العرضة بشكلٍ فوضوي، بل تتّبع إجراءات وبروتوكولات محدّدة، بدايةً بالحوارب الذي يدعو إلى التجمع مستخدماً صوتاً عالياً يصل إلى كلّ المشاركين، يليه أهل الصف الذين يكونون على دراية بالألحان والأشعار التي تردّد خلال العرضة، بالإضافة إلى أهل العدة، وهم الأشخاص الموكل لهم الضرب على الطبول والدفوف. وأخيراً، يأتي أهل السيف، وهم يستعرضون سيوفهم في تبختر وخيلاء.

يرتدي المشاركون ما يُعرف باسم الشلحات، وهي ثياب عادية إلّا أنّها واسعة الأكمام عند الكف وطويلة بحيث تتدلى على شكل مثلث. ويفضّل البعض ارتداء الزبون، وهو نوع من القماش الزاهي الألوان يلبس معه المحزم.

في الماضي، كان لبس الزبون محصوراً بالأغنياء، فيما كان عامة الناس يشاركون بملابسهم المعتادة، مع ارتداء السديري، وهو رداء بلا أكمام.

تبدأ العرضة، بوقوف الشاعر عند أهل الطبول، وتحديداً عند الطبل المسمّى "المخمرط، فـ"يشيل" و"ينزع"، أي يقول أوّل شطر من الشيلة أو القصيدة بلحنٍ من اختياره.

يسمى هذا الإجراء نزعة، إذ يُقال للقيام به: "انزع يا فلان" أو "شيل يا فلان"، وما إن يكمل الشاعر هذا الشطر من الشيلة، حتّى يرد عليه الصف الأيمن باللحن والسرعة نفسيهما، وما إن ينتهي حتّى يبدأ الصف الأيسر بترديد الشطر نفسه، ثم يردد الصف الأيمن مجدّداً هذا الشطر من ثلاث إلى أربع مرات، من دون استخدام الطبول، ويثبت الإيقاع عند صاحب الطبل المخمر على الزمن المطلوب.

عندئذ يبدأ القرع على الطبل المخمر، ثم الطبل اللاعوب، ثم الدفوف الطيران، وأخيراً الطاسة. بعدها، يلقن الشاعر الصف الأيمن الشطر الثاني من الشيلة بصوت مرتفع ومن دون تلحين، وأثناء انشغال الصف بتأدية هذا الشطر، يُسرع الشاعر إلى الصف الأيسر فيُلقّنه الشطر نفسه، أو يكلف أحد الرجال بذلك. هكذا، يتنقّل الشاعر بين الصفين، ملقّناً كلّ صفٍ شطراً في كلّ مرّة، حتّى تنتهي الشيلة ويأمر أهل العدة بالتوقف.

أمّا الاستعراض والمبارزة بالسيوف، فتعرف بالرزيف، ويؤديها الرازفون أو المتحيلون. اليوم، يدخل هؤلاء إلى ساحة العرضة، حاملين السيوف والبنادق، أما في الماضي فكانوا "يرزفون" من وراء الصفوف.

وأخيراً، عادت بعض القبائل إلى إحياء هذه العادة القديمة في العرضة القطرية، فيبدأ الرزيف بعرضاتها، مصحوباً بأصوات تهزّ الساحة، فيما يردّد المشاركون أبياتاً من أشعار الافتخار والحكمة والمديح وحتّى الحنين.

المساهمون