بعد تأخر في عرضه بسبب جائحة كورونا، يصدر أخيراً الفيلم الكندي "سلام عبر الشوكولا" (Peace by Chocolate)، المستوحى من قصة عائلة سورية مهاجرة إلى كندا للمرة الأولى في "مهرجان تريبيكا السينمائي" في 18 يونيو/ حزيران الحالي.
يروي العمل الذي أخرجه الكاتب والمنتج والمخرج الكندي الأميركي جوناثان كيسر قصة حقيقية لنجاح عائلة سورية اضطرت إلى النزوح إلى كندا. وإضافة إلى عدد من الممثلين الكنديين، شارك في العمل الفنان الراحل حاتم علي، ويارا صبري، وأيهم أبو عمار، ونجلاء خمري، في أداء الأدوار.
يسرد العمل جوانب من التحديات التي واجهتها عائلة هدهد أثناء تجربة اللجوء من سورية بعد تدمير مصنع للشوكولا كانت تملكه قرب مدينة دمشق، بقصف من طائرات النظام في 2012، واضطرارها إلى النزوح إلى لبنان، ولاحقاً إلى قرية صغيرة في كندا في 2015. ويركز المخرج على صراع أفراد الأسرة للتأقلم والاندماج في المجتمع الجديد، وصراعها الداخلي حول المستقبل وتأمين حياة مناسبة، وكسب تحدي البقاء والنجاح.
يؤدي الراحل حاتم علي دور الأب الذي أثبت نجاحه في سورية في مجال صناعة الشوكولا، وبنى واحداً من أكبر مصانع الشوكولا في الشرق الأوسط، ويحلم بتكرار التجربة في كندا. في المقابل، يسعى ابنه طارق إلى استكمال دراسته الجامعية في مجال الطب. ويكاد الصراع بين الأب والابن يؤدي إلى تمزيق العائلة الخارجة من أتون الحرب إلى مجتمع جديد بقيمه، ويفرض تحديات غير مألوفة. ينجح الأب في تجاوز التحديات التي واجهها في الحصول على التمويل اللازم والتسهيلات، ويبدأ في تأسيس المصنع وإطلاق عملية الإنتاج. يصاب الابن بالصدمة بعد تكليفه بإدارة أعمال المصنع الجديد، ولكنه يواصل العمل في المصنع مع بروز منافسين أقوياء في السوق، وفي الوقت ذاته لا يتخلى عند حلمه بدراسة الطب.
انتهى تصوير الفيلم في ربيع 2020 في مدينة مونتريال الكندية، وفرضت الظروف المناخية القاسية، والتباين في طرق التصوير والإنتاج بين سورية وكندا، إضافة إلى استخدام اللغتين العربية والإنكليزية معاً، صعوبات على طاقم التمثيل والإنتاج.
وفي إطلالته الأخيرة أمام الكاميرا، ساهم الراحل حاتم علي في إخراج الجزء العربي، وشاركت زوجته الكاتبة دلع الرحبي في إعداد السيناريو العربي. وتلقّف الكاتب والمخرج جوناثان كيسر قصة نجاح عائلة هدهد، للرد على صعود الشعبوية في العالم ومعاداة الأجانب بعد أزمة اللجوء السوري إلى أوروبا عامي 2015 و2016.
اشتهرت قصة عائلة هدهد في خريف 2016، وتحدث عنها رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في قمة استضافتها الأمم المتحدة في نيويورك حول تحديات الهجرة واللجوء، ووصف العائلة بأنها "مثال للاندماج"، وحصلت على عدة جوائز كنموذج لقصص النجاح المتميزة في المجتمع الكندي. وتطمح العائلة السورية إلى الاحتفال بالذكرى العاشرة للجوئها إلى كندا في 2025، وتحول مصنعها إلى واحد من أكبر مصانع الشوكولا في كندا.
رحل المخرج السوري حاتم علي نهاية العام الماضي بعد مسيرة فنية حافلة، أنتج فيها عشرات المسلسلات التي لاقت رواجاً كبيراً، وأرّخت لحقب تاريخية مهمة في التاريخ العربي القديم والمعاصر. واشتهر له مسلسل "التغريبة الفلسطينية". غادر حاتم علي إلى كندا مهاجراً، ولم يسعفه القدر لإنتاج عمل يوثق "تغريبة" السوريين.