"رجل في مواجهة نحلة" (إنتاج نتفليكس) كوميديا ساخرة من تأليف كل من ويل دانيس، وبطل المسلسل روان أتكينسون، وإخراج ديفيد كير. يبدو العنوان مضحكاً. وقد يوحي لنا بأننا سنكون أمام عمل مبهم وغريب المعالم. لكن مسلسلاً يقوده أتكينسون يعني أن مواقف طريفة ومضحكة ستكون حاضرة بشكلها التقليدي.
لا تبحث شخصية البطل، تريفور بنغلي، عن استحضار ماضٍ يعرفه العالم أجمع من خلال شخصيته الأيقونية، مستر بين. الغاية تبدو هذه المرة أبعد. وإن كان شكل الأداء مماثلاً لما اعتدنا على مشاهدته، فإنما للتماهي مع هذا الرجل في فهم الحكاية المكونة من تسع حلقات.
رجل في نهاية عقده السادس. مطلّق. عمل حديثًا لدى إحدى شركات الخدمات المنزلية. تعهد إليه الشركة العمل كناطور لدى إحدى العائلات الثرية. تنطلق الأحداث، بدايةً، من مشهد داخل قاعة المحكمة. البطل متهم بتخريب ممتلكات العائلة عمداً. يحاول الأخير تبرير أفعاله بجملة قصيرة وغريبة جداً، تعبر عن بساطته وقلة حيلته: "كانت هناك نحلة". تنم هذه الإجابة عن ضعفٍ واستنجاد. رجل فقير، تعيس، جل ما كان يحاول فعله الحصول على عمل، والسيطرة على حياته بعد الطلاق، وإنقاذ علاقته بابنته التي تعيش مع أمها. إلا أن نحلةً طنانةً رافقته منذ استلامه مهامه في منزل عائلة كولستاد بيرغباتن، حالت دون تحقيق غاياته البسيطة.
ليست النحلة موضع اتهام. المتهم الأول هو واقع الحال، وحظ المصادفات السيئة. وظيفة النحلة هنا، عكس هذه المسببات ومقاربتها درامياً، من أجل خلق صراع يتجاوز المعارك الدائرة بينها وبين تريفور. صراع الطبقات الاجتماعية وصراع الإنسان مع الحداثة والتكنولوجيا، وأخيراً صراع المرء مع أخلاقه.
دلالة الصراعات داخل المنزل ستأخذ منحىً مضطرباً، تسودها كوميديا سوداء. في مكان، نرى تعاطف تريفور مع النحلة المزعجة. هو لا يريد قتلها. يريد فقط أن يشعر بالسلام والطمأنينة. وهذه حاجة رجلٍ منبهرٍ بفخامة منزلٍ وأثاثه ولوحاته وحداثته. يفتقر إلى بيت زوجية بسيطٍ دافئ طُرد منه بعد الطلاق.
وفي مكان آخر، نتذكر فرحة الزوجين الثريين، بعد النطق بالحكم لصالحهما، وحبس البطل لمدة ثلاث سنوات. إنها مفارقة طبقية من العيار الثقيل، ستطفو أمامنا خلال ربط الأحداث في ما بينها. البرجوازية في مواجهة البروليتاريا. هكذا سيغدو الأمر.
ستتضح لنا سخرية المفارقات حين يدخل لصوص ثلاثة لسرقة مقتنيات المنزل الأثرية، بتدبيرٍ من صاحب المنزل. هي مقتنيات مزيفة يريد مالك البيت، من خلالها، الحصول على مبلغ كبير من شركات التأمين، نتيجة سرقتها. لا يعلم تريفور أن اللصوص اقتحموا المنزل. هو مشغول بتعقب النحلة والإمساك بها. بينما اللصوص مشغولون بإيجاد وسيلة للخروج من الغرفة المغلقة التي أقفلت عليهم بمحض الصدفة، بفضل أجهزة الأمان في المنزل.
شاءت المصادفة أن يقبض على اللصوص ويزج بهم بالسجن برفقة تريفور الذي سيخرج من السجن لاحقاً بعد أن اكتشف -مصادفةً- المؤامرة التي حاكها مالك المنزل مع اللصوص. هذه الصدف كان سببها نحلة مزعجة أرادت بعض الرفقة والحلويات فقط.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
