"ذاكرة متنقلة"... استسهال لا يعكس الحالة السورية

01 اغسطس 2021
صُور العمل في مدينة غازي عنتاب (Imdb)
+ الخط -

أخيراً، حصد فيلم "ذاكرة متنقلة"، للمخرج التركي درويش زعيم، جائزة أفضل فيلم عالمي في مهرجان "سيدونا" الدولي للأفلام. لم يُعرض العمل، الذي أنتجته مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية TRT، إلا ليوم واحد في إسطنبول، قبل أن يشدّ المخرج رحاله إلى خارج تركيا، في جولة له على مهرجانات عدة.

صور العمل في مدينة غازي عنتاب، إلى جانب بعض المشاهد التي صُوّرت في مدينة قونيا التركية. في تصريحات له، يقول زعيم: "عملنا بجد كفريق واحد بروح مشتركة، أدى الجميع وظيفته ومسؤولياته متغلبا على التحديات الصعبة"، معتبراً أن الحرب السورية التي أثرت على حياة الأتراك، أوجبت عليه إعداد عمل سينمائي تركي يتعلق بها.

ويشير المخرج التركي إلى أن فيلم "ذاكرة متنقلة" لا يركز على هجرة الشباب السوري فقط، بل يتطرق لعدة مواضيع. وتتمركز الفكرة المحورية حول التحول الإنساني برحلة ممتدة من سورية إلى تركيا، عبر قصة الشاب أحمد، الذي فقد قدرته على الكلام بعد تعرضه لهجوم في سورية، وتغيرت حياته عندما عمل على تسجيل كل ما رآه، باذلًا ما في وسعه حتى يطّلع الجميع في أنحاء العالم ويعلموا كل ما يحدث في بلده. وقد وقع أحمد في اختيار صعب بين عائلته من جهة وقيَمه العليا من جهة أخرى.

وسبق للمخرج التركي صاحب فيلم "شقلبة في النعش" المصنف ضمن الأهم بالإنتاج التركي، أن تنقل بين بيوت سورية عدة، ليسمع قصص السوريين ومعاناتهم، ليضيف للسيناريو رؤية بصرية مناسبة.

لكن الفيلم التركي، "ذاكرة متنقلة"، لاقى انتقاداً من مختصين سوريين، نظراً لقطعه قصة المصور "قيصر"، وابتعاده عن طبيعة المعاناة السورية، خاصة من خلال مواقع التصوير. وكتب الناقد نبيل محمد أن قصة الفيلم تتبع بناء سردياً غير محكم، يعتمد الخيال مبنياً على الوقائع غير المنقولة بدقّة، مستغرباً وجود اسم المخرج درويش زعيم على هذا الفيلم. وبيّن الناقد السوري أن البناء على قصة المصور السوري الشهيرة، التي كانت سبباً بإصدار قانون عقوبات "قيصر"، كان مبتورا بالفيلم، إذ اقتصر عمل المخرج التركي على توثيق المصور لحالات القتل والتعذيب وصراعه الداخلي بين العمل والإنسانية، وهروبه إلى تركيا مصطحباً "فلاش ميموري"، وتنتهي القصة بالفيلم ها هنا.

سينما ودراما
التحديثات الحية

في المقابل، يعتبر المخرج السوري، عبدو مدخنة خلال حديثه لـ "العربي الجديد" أن اختيار مخرج تركي "شهير من عيار درويش الزعيم" للقضية السورية، مشروعٌ لسببين؛ الأول أن الأتراك أكثر بلد استقبل السوريين، وبالتالي اطلعوا على قصصهم ومعاناتهم وشكلوا ذاكرة بصرية واسعة عن قضيتهم، والأمر الآخر أن الحالة السورية بمعظم مستوياتها، مغرية فنياً، نظراً لتغليب الألم الإنساني والقضايا الكبرى كالحرية وحقوق الإنسان. لكن ذلك، برأي المخرج مدخنة، لا يبرر المجازفة أو السرعة أو حتى الاستسهال بإنتاج عمل لا يعكس فنياً الحالة السورية، والاتكاء على المعاناة، أو الأبعاد السياسية، التي قد تطرب الجمهور، وتستميل النقاد ولجان التحكيم في المهرجانات العالمية.

ويلفت المخرج السوري إلى أن العديد من الأفلام، الوثائقية والطويلة، التي عالجت القضية السورية، كانت للأسف، بمستويات فنية متدنية، رغم وجود أحداث وقصص، أو حتى أشخاص، مثل "قيصر"، يمثلون حالات تكتنفها دراما هائلة ويمكن البناء عليها فنياً لتكون من تحف السينما العالمية.

المساهمون